المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العمالة لامريكا سمة السواد الاعظم لحكام العرب



ابو طلال
04-10-2011, 10:36 PM
سنتطرق إلى كيفية تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن حلفائها، ففي الآونة الأخيرة لاحظنا كيف تخلت واشنطن عن أهم شخصية كانت تؤمّن لها الدعم اللوجستي والدعم السياسي في العالم العربي، وهو حسني مبارك الذي أوصلته بنفسها إلى سدة الرئاسة بعد اغتيال أنور السادات الذي كان قد قدّم بدوره خدمات تاريخية


للمشروع الأميركي، وبعد أن انتهت صلاحيته جرى استبداله بمبارك الذي تم تعيينه قبل 6 أشهر من رحيل السادات كنائب للرئيس حيث كانت هذه الفترة الزمنية تحضيرية لمبارك قبل اغتيال السادات بسبب تعذر تنحيه. ومنذ ذلك الوقت وحتى تنحيته استعملت أميركا حسني مبارك واستغلت مصر لحماية الكيان الصهيوني ولضمان استمرارية مشروعها في المنطقة تحت غطاء عربي.


وفي هذا الإطار يقول مدير عام الـ”إستشارية للدراسات الإستراتيجية” د. عماد رزق أن “جهاز الإستخبارات الأميركية cia أطلق على مبارك إسماً رمزياً بمثابة لقب سري وهو “رجل الشنطة”، حيث كان معروفاً عند الأميركيين بأنه رجل يسعى وراء المال ونظامه فاسد ولذلك جرى استغلال نقطة الضعف هذه، وهذا الكلام ليس لي، بل ورد على لسان ضابطين متقاعدين في وكالة الاستخبارات الأميركية تومانس كلينس وأدوين ويلسن وهما من نقل أموالاً هائلة إلى الرئيس المصري المخلوع خلال فترات طويلة مقابل تنفيذه لمشاريعهم ولأعمالهم.


ويمكن اعتبار أن معظم أنظمة الفساد والديكتاتورية في المنطقة العربية وصلت إلى السلطة نتيجة تفاهمات مع أميركا وخدمة لمشروعها، وكانت هذه الأنظمة تتعامل مع مجموعة المخابرات التي كانت تتواصل معها وتنقل إليها الأموال والخدمات، وعندما تنتهي وظيفة هؤلاء الأشخاص تتم تصفيتهم أو تبديلهم بأشخاص آخرين”.


وبحسب د. رزق هناك ثلاث مستويات لنقل السلطة “إما أن يكون بدعم المعارضة والضغط على الشخص المستهدف للإستقالة، وإما تحضير انقلاب عسكري كما جرى في أكثر من دولة، وإما بتحضير وتغذية الثورة عبر أجهزة المخابرات الأميركية. لذلك يجب الإنتباه كثيراً إلى ما يجري اليوم في المنطقة، فمثلاً نحن استمعنا بعد الإطاحة بمعمر القذافي من قبل المجلس الإنتقالي في ليبيا كيف كان هؤلاء الأشخاص متهمون بانتمائهم لتنظيم القاعدة وجرى اعتقالهم من قبل الـ cia ولاحظنا كيف وضعتهم على رأس السلطة لمرحلة إنتقالية في ليبيا عندما أصبحت بحاجة إليهم، وعندما هرب القذافي متخفياً جرى إطلاق الإشاعات والتوصيفات أنه كان يعمل لصالح المخابرات الأميركية والبريطانية، وهذه كلها ألاعيب مخابراتية تستعملها الأجهزة الغربية لتشويه صورة من جهة ولتحقيق أهدافها من جهة أخرى”.


وإذا عدنا إلى الوراء في هذه القراءة يمكننا التطرق لمحاولتي اغتيال تعرض لهما الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرّف من قبل ما يسمى بـ”طالبان باكستان”، وعند فشل محاولاتي الإغتيال، يقول د. رزق “رأينا كيف شجعت المخابرات الأميركية بناظير بوتو للعودة من الإمارات العربية إلى باكستان، وحضرت لها الأرضية واستقبلتها استقبال المنتصرين، وكيف جعلت منها الشخصية الأقوى في باكستان وكانت في الوقت نفسه تحضر لإغتيال مشرّف جسدياً بعد الإنتهاء من خدماته وتدميره معنوياً. بعد ذلك استخدمت المخابرات الأميركية طالبان باكستان لإغتيال بوتو وجاء التغيير في باكستان لصالح شخصية جديدة تعمل تحت مظلة المشروع الأميركي وتخاف من ضغوط واشنطن وتنفّذ رغباتها. وبعدها بقليل جرت ملاحقة زعيم طالبان باكستان واغتياله وقد أطلق الكثير من الإتهامات والتصريحات التي اعتبرت أن زعيم هذا التنظيم كان يتواصل مع المخابرات الأميركية”. ويضيف د. رزق “التخلي عن برويز مشرّف في ذلك الوقت جاء بسبب عدم تلبيته لكل الشروط المفروضة عليه وبالتالي عدم استطاعته تنفيذ كل رغبات الأميركيين إن كان في موضوع أفغانستان أو حتى في موضوع التمدد نحو الهند وإخراج النفوذ الصيني من المنطقة.


وبالتزامن مع ذلك نقلت أميركا العلاقة إلى الهند وحاولت استدراجها لتوقيع اتقافيات استراتيجية لمكافحة الإرهاب وبعد ذلك حدثت تفجيرات نيودلهي ومارست أميركا الضغوط على الهند لاستدراجها للمواجهة مع باكستان، وأطلقت تسريبات مفادها أن أجهزة مخابرات باكستانية متورطة بالتفجير وذلك لإحداث بلبلة وفتنة بين باكستان والهند لعدم السماح لهما ببناء علاقة جيدة أو أن يسود الهدوء في هذه المنطقة”.


كل هذا المسلسل الذي استمر لـ 10 سنوات قامت بكتابته وإخراجه أجهزة المخابرات الأميركية بالتعاون مع الموساد وأجهزة مخابرات غربية أخرى تابعة للحلف الأطلسي، وكل هذا خدمة للمشاريع الإقتصادية الغربية ومجموعة الشركات التي تحكم بها العالم. وليست الديكتاتورية والتمسك بالحكم والعمالة لأميركا سمة السواد الأعظم من الحكام العرب فحسب، بل يمكننا الحديث مثلاً عن تورط أميركا مع الرئيس الأندونيسي الجنرال سوهارتو الذي حكم أندونيسيا لـ 33 عاماً بتواطؤ وتنسيق أميركي، وعندما اتخذت القرار بالتخلي عنه جرى تبليغه في 20-5-1998 وخلال 24 ساعة سلّم السلطة إلى نائبه. وأن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن سطوة وقوّة ونفوذ الأجهزة الأميركية والغربية قوية جداً إلى درجة القضاء التام على من لا ينفذ رغباتها. وحتى اليوم لا تهتم أميركا لمن يأتي بعد عملائها فهي تعتقد أنها تستطيع الضغط وإعادة ترتيب الأوراق بعد الفوضى الخلاقة التي تزرعها بواسطة الفوضى أو الإنقلاب أو دعم المعارضة.