ابو المجد
09-09-2011, 10:39 PM
فرص التدخل العسكري المباشر في سوريا
واشنطن وباريس والبحث عن معادلة جديدة في الشرق الأوسط
مع بداية شهر سبتمبر 2011 تعززت كفة القوى السياسية المتحكمة في آليات إتخاذ القرارات في الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وتابعتهما إسرائيل، التي تخطط للتدخل عسكريا في سوريا لفرض واقع جديد مستغلة أزمة الوضع الداخلي السوري.
تجربة تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا وجهود واشنطن بشكل خاص لركوب حركة التطور في المنطقة العربية، عضدت جانب هؤلاء المطالبين بالعمل العسكري، غير أن التردد يبقى كبيرا بسبب عوامل عدة.
تقارير مختلفة
خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس 2011 جاء في تقرير لأحد مراكز التحليل الغربية: «على الرغم من النجاح الذي حققه حلف شمال الاطلسي في مواجهة نظام العقيد معمر القذافي، يبدو التدخل العسكري مستبعدا جدا في سوريا البلد الذي يشهد وضعا مختلفا جدا عن ليبيا.
ولا تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون فتح جبهة جديدة في دمشق حيث المعارضة غير منظمة ويملك الرئيس بشار الاسد قوات يخشى بأسها.
ومنذ الربيع، لعب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دورا محركا لفرنسا في العمليات في ليبيا. وقال وزير خارجيته آلان جوبيه ان نتيجة النزاع الليبي «سيكون لها تداعيات على سوريا».
لكن جوبيه استبعد تحركا عسكريا ضد نظام الاسد. غير أن باريس لا تزال غير قادرة على نسيان فقدانها لنفوذها في كل من لبنان وسوريا نتيجة بروز فكرة القومية العربية والوحدة من الخليج إلى المحيط.
وفي واشنطن، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند ان المتظاهرين السوريين لا يحبذون تدخلا اجنبيا. واضافت «انهم يسلكون طريق مارتن لوثر كينغ وغاندي».
من جهته، رأى الخبير الامريكي انتوني كورديسمان انه لا توجد في سوريا «انتفاضة حقيقية يتوجب دعمها».
واضاف الخبير لوكالة فرانس برس ان سوريا «تملك آلة عسكرية تتمتع بقدرات كبيرة وليس مثل ليبيا حيث لا تعدو كونها واجهة».
وتابع ان تدخلا اجنبيا في سوريا سيتطلب وسائل أكبر بكثير.
وأضاف ان معظم المعارضين السوريين يرفضون فكرة التدخل الغربي خوفا من ان يؤدي اضفاء طابع عسكري على مواجهتهم مع نظام الاسد الى حرب أهلية بين مختلف المجموعات القومية والدينية في البلاد.
وهي الذريعة التي ذكرها المعارض المنفي في الولايات المتحدة رضوان زيادة الذي قال لوكالة فرانس برس «اذا كان هناك تدخل عسكري او شحنات اسلحة فسيرتفع عدد القتلى كثيرا».
وفي ليبيا اعتمد الغربيون على دعم شبه شامل من أنظمة العالم العربي. والوضع على هذا الصعيد مختلف ايضا. وقال شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند ان «الرأي العام العربي والدول العربية تعارض تدخلا عسكريا غربيا في سوريا».
ويبقى الوضع الاقليمي المضطرب الى ابعد حد. فسوريا حليفة ايران وتتمتع بنفوذ كبير في لبنان حيث تدعم حزب الله. وعبر حزب الله اكتسبت في كل العالم العربي صورة القطب المقاوم لاسرائيل.
والتدخل في سوريا يمكن ان يحرك كل هذه القوى ويؤدي إلى تفجير المنطقة باكملها.
ويقول تلحمي انه من الصعب تصور «من يمكنه ان يفكر في تكرار التدخل» الذي نجح في ليبيا، في سوريا.
الا انه قال ان «كل شىء يمكن ان يتغير اذا وقعت مجازر على نطاق واسع ولا يمكن لاحد ان يوقفها».
عملية واعدة
يوم الاثنين 2 مايو 2011 اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد محكوم عليه بالزوال»
وأضاف باراك للقناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي «اعتقد ان الاسد يقترب من الدرجة التي سيخسر فيها شرعيته الداخلية. كما تتضاءل فرصه للخروج من الأزمة. واعتقد ان قدره يسوقه الى الانضمام لباقي زعماء الدول الذين اطاحت بهم الثورات العربية».
وردا على سؤال عن رد فعل اسرائيل، قال وزير الدفاع بحذر «لا اعتقد ان بامكان اسرائيل ممارسة اي تأثير كان على مجرى الاحداث في سوريا. ومن ثم من الافضل ان نبقى قليلا خارج كل ذلك». واعتبر باراك ان «العملية التي بدات في سائر ارجاء الشرق الاوسط واعدة جدا وتبعث امالا على المدى البعيد».
وذكر باراك ان الرئيس السوري قد انهى مهام منصبه، وبالتالي فهو لم يعد شريكا للسلام مع اسرائيل ولم يعد ممكنا احتسابه ذا صلة بالمفاوضات، لانه لا يستطيع اتخاذ القرارات بعد ان فقد شرعيته بنظر شعبه.
شرخ في التنظيم
رغم محاولة تل أبيب الابتعاد علنيا عن التدخل في الشأن السوري وقع شرخ في التنظيم والتنسيق ففي بداية شهر يوليو 2011 انقسم من يوصفون بالمعارضين السوريين حول المشاركة في مؤتمر شارك فيه الفيلسوف الفرنسي الصهيوني برنارد ليفي، وعقد يوم الاثنين 4 يوليو في العاصمة الفرنسية باريس، بعد انتقادات وجهها لهم معارضون آخرون خاصة من الداخل السوري.
المعروف أن برنارد ليفي يتباهى بصداقاته مع القادة الاسرائيليين، خاصة منهم المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، وايهود باراك وزير دفاعه، كما يعتبر حركة «حماس» حركة «ارهابية»، ويدافع بشراسة عن الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، والعدوان على قطاع غزة. ويذكر أن ليفي قال خلال الحملة الصهيونية على غزة «إن ‘الجيش الإسرائيلي هو الأكثر إنسانية في العالم».
مصادر رصد ألمانية أكدت أن برنارد ليفي يعتبر من كبار ضباط المخابرات الإسرائيلية «الموساد» وهو مسؤول رئيسي عن القسم المركزي في منطقة الشرق الأوسط.
ويذكر أن الصحف الإسرائيلية كانت قد ذكرت خلال شهر يونيو 2011 أن ليفي نقل باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا رسالة إلى بنيامين نتنياهو تتضمن عرضا ضمنيا بالاعتراف والتطبيع.
مؤتمر باريس حظي بدعم قوي من جانب كل من باريس وواشنطن وسجل أنه كان من بين الحاضرين فيه برنارد دو لانويه عمدة باريس وراما ياد الوزيرة السابقة لحقوق الانسان وفضيلة عمارة الوزيرة السابقة وبرنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسية السابق ولوران فابيوس رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق وعشرات من الشخصيات الفرنسية المعروفة المحسوبة خاصة على اليمين.
تشابك المصالح
في بداية شهر يونيو 2011 ذكر الدكتور ليعاد بورات الإسرائيلي الجنسية، الأستاذ والباحث في معهد «كاتير» لدراسات الشرق الاوسط في جامعة «برانديز» الامريكية انه بدأ يتبلور اعتراف غربي بأن بشار الاسد فقد شرعيته، وفي المقابل بدأ يظهر تعاون بين مختلف مجموعات المعارضة السورية إلا ان الوضع الحالي قد يجر سوريا إلى حرب اهلية طويلة. ولفت الباحث الاسرائيلي الى ان حركات المعارضة السورية نجحت، والتي يقيم معظم زعمائها في المنفى، في التعاون فيما بينها وجسر الهوات الايديولوجية. وقد ظهر ذلك في المؤتمر الذي عقدته هذه الحركات في انطاليا في تركيا خلال شهر يونيو 2011.
وحسب بورات فإن تركيا التي غيرت موقفها من بشار الاسد حيث استضافت مؤتمر حركات المعارضة السورية في أنطاكيا، وعبرت علنا عن دعمها للتغيير في دمشق، شكل فرصة ذهبية بالنسبة الى اسرائيل للتقارب مع أنقرة ولعب دور مؤثر وموجه لحركات التحول في المنطقة العربية، وذلك رغم الخلافات العلنية الناشبة بسبب غزة.
وأشار الباحث الصهيوني إلى أن تل أبيب تقود إلى جانب أطراف أخرى حملة دولية لنزع الشرعية عن النظام السوري ومحاربته في الساحة كنوع من الانتقام.
المحرر السياسي لصحيفة «معاريف»، عوفر شيلح كشف، ان الحملة الاسرائيلية لا تتم بدوافع الغضب والانتقام وحسب، بل انها تنطلق من الشعور بان الصدام مع الاسد سيرفع من أسهم اسرائيل. وكتب أن القيادة الاسرائيلية تحتاج إلى الموقف الصارم ضد مسيرات اللاجئين الفلسطينيين حتى تظهر قوة الردع وتعطي رسالة حازمة ضد مسيرات كهذه في المستقبل، وانه كان من حظ اسرائيل ان المواجهات الدامية جرت على الحدود مع سوريا بالذات.
واضاف شيلح ان وقوع عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين الفلسطينيين خلال مسيرات العودة يوم 16 مايو برصاص الجيش الاسرائيلي، كان يمكن ان يضع اسرائيل في عزلة دولية شديدة ويخنقها بالاستنكار الدولي. ولكن، ولأن هؤلاء الضحايا سقطوا على الحدود السورية ولأن النظام السوري يقف وراء تنظيم المسيرات، تحظى اسرائيل بالتعاطف الدولي، فالعالم مجند بشكل واسع ضد الأسد، وكل مواجهة معه تستقطب التأييد لاسرائيل.
دويلات صغيرة للأقليات الطائفية
يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011 كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية النقاب عن خطة وضعها الموساد الإسرائيلي «الاستخبارات الخارجية» لتفتيت كلٍ من سوريا ولبنان، وإقامة دويلات صغيرة مكانهما للأقليات الطائفية تنشغل بينها بالصراعات.
وذكرت الصحيفة أن المؤرخ الإسرائيلي، شلومو نكديمون، كشف عن القضية في كتاب له، وذكر أنه تبين بعد فتح تحقيقات حول تسريب المشروع السابق الذكر أن ضابطًا رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، يدعى يسرائيل بار، كان يدخل إلى وزارة الأمن بحرية تامة وهو ما أتاح له نسخ مخطط التفتيت. الضابط أدين بالتجسس لصالح الاتحاد السوفييتي سابقًا وأرسل إلى السجن، ومات هناك دون أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، بما في ذلك تسريب الوثيقة.
الحرب الاقتصادية
يوم 19 أغسطس 2011 وفيما يمكن إعتباره تقييما من جانب بعض القوى في الغرب لمحاولة ركوب حركة التحول في المنطقة العربية جريا وراء انجاز مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يقضي بتقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و 56 كيانا متنازعا، نشرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية تقريرا جاء فيه: أن دعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما للرئيس السوري بشار الاسد الى التنحي عن الحكم وانضمام الاتحاد الاوروبي اليه في تلك الدعوة يعكس الأمل في أن تؤدي هذه المواقف إلى أن يدرك بعض اركان نظام دمشق ان رحيل الأسد هو الطريق الوحيد الى الأمام. وهذه صيغة تترك الباب مفتوحا امام احتمال ان يكون اشخاص آخرون في النظام، او حزب البعث، او القوات المسلحة، مقبولين كوكلاء في الفترة الانتقالية بمجرد رحيله.
وأضافت الصحيفة إن المجتمع الدولي ليس لديه الا القليل من الآليات تحت تصرفه للتأثير على الوضع في سوريا، حيث ان لدى سوريا حصانة نسبية تجاه العقوبات الاقتصادية.
دعوة للضربات العسكرية
5/9/2011
واشنطن وباريس والبحث عن معادلة جديدة في الشرق الأوسط
مع بداية شهر سبتمبر 2011 تعززت كفة القوى السياسية المتحكمة في آليات إتخاذ القرارات في الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وتابعتهما إسرائيل، التي تخطط للتدخل عسكريا في سوريا لفرض واقع جديد مستغلة أزمة الوضع الداخلي السوري.
تجربة تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا وجهود واشنطن بشكل خاص لركوب حركة التطور في المنطقة العربية، عضدت جانب هؤلاء المطالبين بالعمل العسكري، غير أن التردد يبقى كبيرا بسبب عوامل عدة.
تقارير مختلفة
خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس 2011 جاء في تقرير لأحد مراكز التحليل الغربية: «على الرغم من النجاح الذي حققه حلف شمال الاطلسي في مواجهة نظام العقيد معمر القذافي، يبدو التدخل العسكري مستبعدا جدا في سوريا البلد الذي يشهد وضعا مختلفا جدا عن ليبيا.
ولا تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون فتح جبهة جديدة في دمشق حيث المعارضة غير منظمة ويملك الرئيس بشار الاسد قوات يخشى بأسها.
ومنذ الربيع، لعب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دورا محركا لفرنسا في العمليات في ليبيا. وقال وزير خارجيته آلان جوبيه ان نتيجة النزاع الليبي «سيكون لها تداعيات على سوريا».
لكن جوبيه استبعد تحركا عسكريا ضد نظام الاسد. غير أن باريس لا تزال غير قادرة على نسيان فقدانها لنفوذها في كل من لبنان وسوريا نتيجة بروز فكرة القومية العربية والوحدة من الخليج إلى المحيط.
وفي واشنطن، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند ان المتظاهرين السوريين لا يحبذون تدخلا اجنبيا. واضافت «انهم يسلكون طريق مارتن لوثر كينغ وغاندي».
من جهته، رأى الخبير الامريكي انتوني كورديسمان انه لا توجد في سوريا «انتفاضة حقيقية يتوجب دعمها».
واضاف الخبير لوكالة فرانس برس ان سوريا «تملك آلة عسكرية تتمتع بقدرات كبيرة وليس مثل ليبيا حيث لا تعدو كونها واجهة».
وتابع ان تدخلا اجنبيا في سوريا سيتطلب وسائل أكبر بكثير.
وأضاف ان معظم المعارضين السوريين يرفضون فكرة التدخل الغربي خوفا من ان يؤدي اضفاء طابع عسكري على مواجهتهم مع نظام الاسد الى حرب أهلية بين مختلف المجموعات القومية والدينية في البلاد.
وهي الذريعة التي ذكرها المعارض المنفي في الولايات المتحدة رضوان زيادة الذي قال لوكالة فرانس برس «اذا كان هناك تدخل عسكري او شحنات اسلحة فسيرتفع عدد القتلى كثيرا».
وفي ليبيا اعتمد الغربيون على دعم شبه شامل من أنظمة العالم العربي. والوضع على هذا الصعيد مختلف ايضا. وقال شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند ان «الرأي العام العربي والدول العربية تعارض تدخلا عسكريا غربيا في سوريا».
ويبقى الوضع الاقليمي المضطرب الى ابعد حد. فسوريا حليفة ايران وتتمتع بنفوذ كبير في لبنان حيث تدعم حزب الله. وعبر حزب الله اكتسبت في كل العالم العربي صورة القطب المقاوم لاسرائيل.
والتدخل في سوريا يمكن ان يحرك كل هذه القوى ويؤدي إلى تفجير المنطقة باكملها.
ويقول تلحمي انه من الصعب تصور «من يمكنه ان يفكر في تكرار التدخل» الذي نجح في ليبيا، في سوريا.
الا انه قال ان «كل شىء يمكن ان يتغير اذا وقعت مجازر على نطاق واسع ولا يمكن لاحد ان يوقفها».
عملية واعدة
يوم الاثنين 2 مايو 2011 اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد محكوم عليه بالزوال»
وأضاف باراك للقناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي «اعتقد ان الاسد يقترب من الدرجة التي سيخسر فيها شرعيته الداخلية. كما تتضاءل فرصه للخروج من الأزمة. واعتقد ان قدره يسوقه الى الانضمام لباقي زعماء الدول الذين اطاحت بهم الثورات العربية».
وردا على سؤال عن رد فعل اسرائيل، قال وزير الدفاع بحذر «لا اعتقد ان بامكان اسرائيل ممارسة اي تأثير كان على مجرى الاحداث في سوريا. ومن ثم من الافضل ان نبقى قليلا خارج كل ذلك». واعتبر باراك ان «العملية التي بدات في سائر ارجاء الشرق الاوسط واعدة جدا وتبعث امالا على المدى البعيد».
وذكر باراك ان الرئيس السوري قد انهى مهام منصبه، وبالتالي فهو لم يعد شريكا للسلام مع اسرائيل ولم يعد ممكنا احتسابه ذا صلة بالمفاوضات، لانه لا يستطيع اتخاذ القرارات بعد ان فقد شرعيته بنظر شعبه.
شرخ في التنظيم
رغم محاولة تل أبيب الابتعاد علنيا عن التدخل في الشأن السوري وقع شرخ في التنظيم والتنسيق ففي بداية شهر يوليو 2011 انقسم من يوصفون بالمعارضين السوريين حول المشاركة في مؤتمر شارك فيه الفيلسوف الفرنسي الصهيوني برنارد ليفي، وعقد يوم الاثنين 4 يوليو في العاصمة الفرنسية باريس، بعد انتقادات وجهها لهم معارضون آخرون خاصة من الداخل السوري.
المعروف أن برنارد ليفي يتباهى بصداقاته مع القادة الاسرائيليين، خاصة منهم المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، وايهود باراك وزير دفاعه، كما يعتبر حركة «حماس» حركة «ارهابية»، ويدافع بشراسة عن الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، والعدوان على قطاع غزة. ويذكر أن ليفي قال خلال الحملة الصهيونية على غزة «إن ‘الجيش الإسرائيلي هو الأكثر إنسانية في العالم».
مصادر رصد ألمانية أكدت أن برنارد ليفي يعتبر من كبار ضباط المخابرات الإسرائيلية «الموساد» وهو مسؤول رئيسي عن القسم المركزي في منطقة الشرق الأوسط.
ويذكر أن الصحف الإسرائيلية كانت قد ذكرت خلال شهر يونيو 2011 أن ليفي نقل باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا رسالة إلى بنيامين نتنياهو تتضمن عرضا ضمنيا بالاعتراف والتطبيع.
مؤتمر باريس حظي بدعم قوي من جانب كل من باريس وواشنطن وسجل أنه كان من بين الحاضرين فيه برنارد دو لانويه عمدة باريس وراما ياد الوزيرة السابقة لحقوق الانسان وفضيلة عمارة الوزيرة السابقة وبرنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسية السابق ولوران فابيوس رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق وعشرات من الشخصيات الفرنسية المعروفة المحسوبة خاصة على اليمين.
تشابك المصالح
في بداية شهر يونيو 2011 ذكر الدكتور ليعاد بورات الإسرائيلي الجنسية، الأستاذ والباحث في معهد «كاتير» لدراسات الشرق الاوسط في جامعة «برانديز» الامريكية انه بدأ يتبلور اعتراف غربي بأن بشار الاسد فقد شرعيته، وفي المقابل بدأ يظهر تعاون بين مختلف مجموعات المعارضة السورية إلا ان الوضع الحالي قد يجر سوريا إلى حرب اهلية طويلة. ولفت الباحث الاسرائيلي الى ان حركات المعارضة السورية نجحت، والتي يقيم معظم زعمائها في المنفى، في التعاون فيما بينها وجسر الهوات الايديولوجية. وقد ظهر ذلك في المؤتمر الذي عقدته هذه الحركات في انطاليا في تركيا خلال شهر يونيو 2011.
وحسب بورات فإن تركيا التي غيرت موقفها من بشار الاسد حيث استضافت مؤتمر حركات المعارضة السورية في أنطاكيا، وعبرت علنا عن دعمها للتغيير في دمشق، شكل فرصة ذهبية بالنسبة الى اسرائيل للتقارب مع أنقرة ولعب دور مؤثر وموجه لحركات التحول في المنطقة العربية، وذلك رغم الخلافات العلنية الناشبة بسبب غزة.
وأشار الباحث الصهيوني إلى أن تل أبيب تقود إلى جانب أطراف أخرى حملة دولية لنزع الشرعية عن النظام السوري ومحاربته في الساحة كنوع من الانتقام.
المحرر السياسي لصحيفة «معاريف»، عوفر شيلح كشف، ان الحملة الاسرائيلية لا تتم بدوافع الغضب والانتقام وحسب، بل انها تنطلق من الشعور بان الصدام مع الاسد سيرفع من أسهم اسرائيل. وكتب أن القيادة الاسرائيلية تحتاج إلى الموقف الصارم ضد مسيرات اللاجئين الفلسطينيين حتى تظهر قوة الردع وتعطي رسالة حازمة ضد مسيرات كهذه في المستقبل، وانه كان من حظ اسرائيل ان المواجهات الدامية جرت على الحدود مع سوريا بالذات.
واضاف شيلح ان وقوع عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين الفلسطينيين خلال مسيرات العودة يوم 16 مايو برصاص الجيش الاسرائيلي، كان يمكن ان يضع اسرائيل في عزلة دولية شديدة ويخنقها بالاستنكار الدولي. ولكن، ولأن هؤلاء الضحايا سقطوا على الحدود السورية ولأن النظام السوري يقف وراء تنظيم المسيرات، تحظى اسرائيل بالتعاطف الدولي، فالعالم مجند بشكل واسع ضد الأسد، وكل مواجهة معه تستقطب التأييد لاسرائيل.
دويلات صغيرة للأقليات الطائفية
يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011 كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية النقاب عن خطة وضعها الموساد الإسرائيلي «الاستخبارات الخارجية» لتفتيت كلٍ من سوريا ولبنان، وإقامة دويلات صغيرة مكانهما للأقليات الطائفية تنشغل بينها بالصراعات.
وذكرت الصحيفة أن المؤرخ الإسرائيلي، شلومو نكديمون، كشف عن القضية في كتاب له، وذكر أنه تبين بعد فتح تحقيقات حول تسريب المشروع السابق الذكر أن ضابطًا رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، يدعى يسرائيل بار، كان يدخل إلى وزارة الأمن بحرية تامة وهو ما أتاح له نسخ مخطط التفتيت. الضابط أدين بالتجسس لصالح الاتحاد السوفييتي سابقًا وأرسل إلى السجن، ومات هناك دون أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، بما في ذلك تسريب الوثيقة.
الحرب الاقتصادية
يوم 19 أغسطس 2011 وفيما يمكن إعتباره تقييما من جانب بعض القوى في الغرب لمحاولة ركوب حركة التحول في المنطقة العربية جريا وراء انجاز مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يقضي بتقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و 56 كيانا متنازعا، نشرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية تقريرا جاء فيه: أن دعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما للرئيس السوري بشار الاسد الى التنحي عن الحكم وانضمام الاتحاد الاوروبي اليه في تلك الدعوة يعكس الأمل في أن تؤدي هذه المواقف إلى أن يدرك بعض اركان نظام دمشق ان رحيل الأسد هو الطريق الوحيد الى الأمام. وهذه صيغة تترك الباب مفتوحا امام احتمال ان يكون اشخاص آخرون في النظام، او حزب البعث، او القوات المسلحة، مقبولين كوكلاء في الفترة الانتقالية بمجرد رحيله.
وأضافت الصحيفة إن المجتمع الدولي ليس لديه الا القليل من الآليات تحت تصرفه للتأثير على الوضع في سوريا، حيث ان لدى سوريا حصانة نسبية تجاه العقوبات الاقتصادية.
دعوة للضربات العسكرية
5/9/2011