المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِح



سليم
11-11-2008, 01:56 AM
السلام عليكم
قال القرطبي:"الأولى: قوله تعالى: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } وتم الكلام. ثم تبتدىء { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } على معنى: يرفعه الله، أو يرفع صاحبه. ويجوز أن يكون المعنى: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب؛ فيكون الكلام متصلاً على ما يأتي بيانه. والصعود هو الحركة إلى فوق، وهو العروج أيضاً. ولا يتصوّر ذلك في الكلام لأنه عَرض، لكن ضرب صعوده مثلاً لقبوله؛ لأن موضع الثواب فوق، وموضع العذاب أسفل.وقال الزجاج: يقال ارتفع الأمر إلى القاضي أي علمه؛ فهو بمعنى العلم. وخص الكلام والطيب بالذكر لبيان الثواب عليه.اهـ
وقال إبن عاشور:"والصعود: الإِذهاب في مكال عال. والرفع: نقل الشيء من مكان إلى مكان أعلى منه، فالصعود مستعار للبلوغ إلى عظيم القدر وهو كناية عن القبول لديه. والرفع: حقيقته نقل الجسم من مقرّه إلى أعلى منه وهو هنا كناية للقبول عند عظيم، لأن العظيم تتخيله التصورات رفيع المكان. فيكون كلٌّ من (يَصعد) و(يرفعُ) تبعتيْن قرينتي مكنية بأَن شُبه جانب القبول عند الله تعالى بمكان مرتفع لا يصله إلا ما يصعد إليه.اهـ
وقد لاحظت في هذه الآية الآتي:
1.ذكر الكلم الطيب وأنه يصعد بنفسه,:"إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ "...وقدم المجرور في الجملة,
2.العمل الصالح إحتاج لغيره ليرفعه,:"وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ "....لماذا؟.
3.على من يعود الضمير في يرفعه...ومن الفاعل؟
والجواب...قدم المجرور ليبين لنا الله أنه يسمع الدعاء والثناء والشكر وهو وحده يستحق هذا...وهو قصر فكل كلام موجه الى غير الله لا طائل تحته.
وصعود الكلم امر طبيعي ,فهو يتكيف في الهواء ,فإسناد الصعود إليه مناسب لماهيته، وأما العمل الصالح فهو كيفيات عارضة لذوات فاعلة ومفعولة فلا يناسبه إسناد الصعود إليه وإنما يحسن أن يجعل متعلقاً لرفع يقع عليه ويسخره إلى الارتفاع. (إبن عاشور).
وأما الرازي فقد قال في هذه:"المسألة الخامسة: ما وجه ترجيح الذكر على العمل على الوجه الثاني حيث يصعد الكلم بنفسه ويرفع العمل بغيره، فنقول الكلام شريف، فإن امتياز الإنسان عن كل حيوان بالنطق ولهذا قال تعالى:
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ }[الإسراء:70] أي بالنفس الناطقة والعمل حركة وسكون يشترك فيه الإنسان وغيره، والشريف إذا وصل إلى باب الملك لا يمنع ومن دونه لا يجد الطريق إلا عند الطلب ويدل على هذا أن الكافر إذا تكلم بكلمة الشهادة إن كان عن صدق أمن عذاب الدنيا والآخرة، وإن كان ظاهراً أمن في نفسه ودمه وأهله وحرمه في الدنيا ولا كذلك العمل بالجوارح، وقد ذكرنا ذلك في تفسير قوله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ }[البقرة:82] ووجه آخر: القلب هو الأصل وقد تقدم ما يدل عليه، وقال النبـي صلى الله عليه وسلم: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " وما في القلب لا يظهر إلا باللسان وما في اللسان لا يتبين صدقه إلا بالفعل، فالقول أقرب إلى القلب من الفعل، ألا ترى أن الإنسان لا يتكلم بكلمة إلا عن قلب، وأما الفعل قد يكون لا عن قلب كالعبث باللحية ولأن النائم لا يخلو عن فعل من حركة وتقلب وهو في أكثر الأمر لا يتكلم في نومه إلا نادراً، لما ذكرنا إن الكلام بالقلب ولا كذلك العمل، فالقول أشرف.اهـ
والضمير...والفاعل...فالهاء إما أن تعود الى الكلم الطيب...اي أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب...كما ورد في الخبر: " لا يقبل الله قولاً بلا عمل ",وإما أن تعود الى العمل الصالح ويكون الفاعل هنا إما الكلم الطيب...أو الله سبحانه وتعالى,وهذا ما أراه .
والله أعلم