ابواحمد
31-07-2011, 08:39 PM
حـدود الدم كيف يمكن للشرق الاوسط ان يبدو افضل؟ مجلة القوات المسلحة الاميركية 2002م
بقلم رالف بيتر..
قامت جريدة المؤتمر بترجمة المقال إلى العربية. وها أنا أضع الترجمة نقلاً عنها.
ترجمة الهادر المعموري
المؤتمـــر:
لم تكن الحدود الدولية عادلة، او صائبة قط في يوم من الايام. لكن درجة انعدام تلك العدالة عبر تلك الحدود تعد مصدر ابتلاء لهؤلاء الذين يجبرون بالقوة على الاندماج اوالانفصال، الامر الذي يخلق اختلافات كبيرة تشابه الى حد بعيد حدة وشدة الاختلافات بين الحرية والقمع او التسامح وارتكاب الفظائع او دور القانون والارهاب او حتى الحرب والسلام.
ان اكثر الحدود اعتباطية وتشويها وعشوائية في العالم هي تلك التي توجد في افريقيا والشرق الاوسط. ولان تلك الحدود تم خطها تبعا لمصالح ذاتية للاوربيين - رغم ان هؤلاء لديهم ما يكفي من المشاكل بالنسبة لقضية تعريف وترسيم حدودهم - فان الامر لا يزال يعني الى الان استمرار صراعات ومصرع الملايين من السكان المحليين. لكن حدود الشرق الاوسط - في استعارة مميزة من تشرشل - من المشاكل والاضطرابات الشيء الكثير الذي لا يمكن ان يتم استهلاكه محليا وحسب.
في الوقت الذي يعاني فيه الشرق الاوسط تولد مشاكل جمة وكثيرة تتجاوز قضية الحدود غير الفعالة لوحدها سواء من حالة الركود الثقافي الى انعدام المساواة الفاضح وحتى التطرف الديني القاتل، فان الحرام الاكبر يتمثل في الكفاح لاجل فهم شامل لحقيقة ان الفشل ليس فشل الاسلام وانما يعود الى القيود المريعة - والمقدسة - التي يبجلها دبلوماسيونا.
ان من المؤكد ان ما من تعديل حدودي مهما كان وحشيا يمكن ان يجعل كل الاقليات في الشرق الاوسط سعيدة بحال من الاحوال. وفي بعض الامثلة، فان الجماعات العرقية والدينية تعيش وتختلط وتتزاوج فيما بينها، في وقت لا يثبت فيه حالات التوحد المبنية على الدم او المعتقد انها مبهجة وذات شعبية بقدر ما يتوقع انصارها ومؤيدوها.
ان الحدود المقترحة للخرائط المرفقة في هذا الموضوع تتصدى لتلك الاخطاء التي ادت الى معاناة معظم الجماعات المخدوعة (الكبيرة نسبيا) مثل الاكراد والشيعة العرب والبلوش، لكن هذه الحدود مع ذلك لا تعالج قضايا اخرى تتسم بالدقة مثل المسيحيين في الشرق الاوسط وغيرهم من البهائيين والاسماعيليين والنقشبنديين وغيرهم كثر من الجماعات والاقليات الاخرى في المنطقة. ولنا ان نذكر ان اي خطأ كبير وفاحش لا يمكن التصدي له ولاثاره بمجرد تعويض ببقعة ارض كما هو الحال مع مجازر الابادة الجماعية التي تم ارتكابها بوحشية ضد الارمن من قبل الامبراطورية العثمانية عندما كانت تقترب من موتها النهائي بداية القرن العشرين.
لكنه برغم كل تلك المظالم التي تركتها تلك الحدود بدون حل او امل، فانه بدون تنقيح الخرائط وتعديل الحدود فلن يكون ممكنا رؤية شرق اوسط ينعم بالهدوء او السلام.
وحتى هؤلاء الذين يمقتون موضوع تعديل الحدود، فان من المؤكد انهم سيستفيدون من الانخراط في هذا التمرين الذي يراد منه ولادة تعديلات اكثر عدالة - وان تكن ناقصة - على الحدود الدولية الممتدة من مضيق البوسفور وحتى نهر الاندوس والقبول بمنطق ان فن حكم وادارة الدول عالميا لم يتمكن من تطوير اداة فعالة - غير الحرب - لاعادة تنظيم ورسم الحدود الخاطئة، فان جهدا فكريا يمكن ان يبذل لادراك واستيعاب حدود وتخوم الشرق الاوسط (الاساسية) رغم ان ذلك لن يساعدنا الا على فهم مقدار الصعوبات التي نواجهها حاليا وتلك التي سنستمر بمواجهتها في المستقبل. اننا اذ نتصدى لهذاالموضوع، فاننا بلا شك نتعامل مع تشوهات فظيعة من صنع الانسان، وهذه التشوهات لن نتوقف عن خلق وتعزيز الكره والعنف حتى يتم تصحيحها.
اما بالنسبة لهؤلاء الذين يرفضون التفكير.. فيما لا يمكن التفكير فيه، معلنين ان الحدود يجب ان لا يتم تغييرها، فانهم انما يرفضون تذكر حقيقة تاريخية راسخة مفادها ان الحدود لم تتوقف عن التغيير والاختلاف عبر القرون!!
ان الحدود لم تكن يوما من الايام ثابتة، وان الكثير من الحدود من الكونغو الى كوسوفوو حتى القوفاز لاتزال تمر بمرحلة تغيير مستمر الى الان، وذلك يحصل كلما قام المندوبون والسفراء والممثلون الخاصون بتحويل انظارهم لدراسة الشرق وفق رؤاهم المشرقة!!
ويضاف الى هذا الكلام سر قذر صغير اخر يعود الى 5000 عام مضت يعرف بـ (اعمال التطهير العرقي).
بداية.. بالنسبة لقضية الحدود التي تعد الاكثر حساسية بالنسبة للقراء الاميركيين الا وهي قضية اسرائيل التي تأمل في الحصول على اي فرصة للعيش بسلام معقول مع جيرانها، فان على هذه الدولة العبرية ان تعود الى حدودها قبل العام 1967 مع ضرورة وضع ترتيبات عملية خاصة وجوهرية تتناسب مع اعتبارات دولة اسرائيل الامنية الخاصة. لكن قضية الاراضي المحيطة بمدينة القدس، تلك المدينة التي تلطخت بتاريخ طويل من الدماء قد يصبح امرا عسيرا يتجاوز في حدوده الزمنية حياة الاجيال الحية الحالية!!
ان منطقة الشرق الاوسط زخرت بالكثير الكثير من الاطراف الذين حولوا معتقداتهم الدينية وحتى الهتهم الى زعامات عقارية وملوك اموال فخاضوا حروبا عنيدة وضروسا كشفت عن حقيقة جشعهم للنفط والثروة او رغبتهم الدموية العارمة في خوض صراعات عرقية وغيرها.
ولذلك، فلندع جانبا ذلك الموضوع المنفرد الذي تم اشباعه بحثا دراسته مرارا وتكرارا ولنتحول الى قضية الحدود التي اهملت دراستها عمدا عبر التاريخ. ان صورة الظلم الابرز والاكثر وضوحا ضمن المنطقة سيئة الصيت الممتدة من جبال البلقان وحتى جبال الهمالايا تتمثل في غياب وعدم وجود دولة كردية مستقلة. ان هنالك ما يتراوح بين 27 و36 مليون كردي يعيشون في اراض متجاورة ضمن منطقة الشرق الاوسط. لكن هذه الارقام ليست مؤكدة او دقيقة تماما لان دولة من دول المنطقة لم تسمح ابدا باجراء احصاء دقيق وحقيقي يكشف الارقام الفعلية كما هي.
ان الكتلة البشرية الكردية اليوم تتجاوز في حجمها حجم سكان العراق اليوم بصورة اجمالية. وحتى لو نظرنا الى الرقم الاقل لهذه الكتلة العرقية (الكردية) فان رقم الـ 27 مليونا يجعل منها اكبر جماعة عرقية لا دولة لها على وجه الارض. ولاشك ان الجزء الاسوء يتمثل في ان الاكراد تعرضوا الى القمع والاضطهاد على يد كل الحكومات والانظمة التي حكمت جبالهم وتلالهم حيث عاشوا وسكنوا منذ عهد زينوفون الاغريقي. ان الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف ضيعوا فرصة عظيمة كان يمكن ان تسمح بالبدء بتصحيح ذلك الظلم بعد سقوط نظام صدام. ان دولة على شكل وحش فرانكشتاين تمت خياطة اجزائها من بقايا الاجزاء المريضة العائدة للدولة العثمانية، التي اصبحت لاحقا تعرف بالعراق كان يجب تقسيمها فورا الى 3 دول اصغر. لكننا فشلنا بسبب جبننا وافتقارنا للبصيرة حيث دفعنا الاكراد لدعم الحكومة العراقية الجديدة، الامر الذي قام به
بقلم رالف بيتر..
قامت جريدة المؤتمر بترجمة المقال إلى العربية. وها أنا أضع الترجمة نقلاً عنها.
ترجمة الهادر المعموري
المؤتمـــر:
لم تكن الحدود الدولية عادلة، او صائبة قط في يوم من الايام. لكن درجة انعدام تلك العدالة عبر تلك الحدود تعد مصدر ابتلاء لهؤلاء الذين يجبرون بالقوة على الاندماج اوالانفصال، الامر الذي يخلق اختلافات كبيرة تشابه الى حد بعيد حدة وشدة الاختلافات بين الحرية والقمع او التسامح وارتكاب الفظائع او دور القانون والارهاب او حتى الحرب والسلام.
ان اكثر الحدود اعتباطية وتشويها وعشوائية في العالم هي تلك التي توجد في افريقيا والشرق الاوسط. ولان تلك الحدود تم خطها تبعا لمصالح ذاتية للاوربيين - رغم ان هؤلاء لديهم ما يكفي من المشاكل بالنسبة لقضية تعريف وترسيم حدودهم - فان الامر لا يزال يعني الى الان استمرار صراعات ومصرع الملايين من السكان المحليين. لكن حدود الشرق الاوسط - في استعارة مميزة من تشرشل - من المشاكل والاضطرابات الشيء الكثير الذي لا يمكن ان يتم استهلاكه محليا وحسب.
في الوقت الذي يعاني فيه الشرق الاوسط تولد مشاكل جمة وكثيرة تتجاوز قضية الحدود غير الفعالة لوحدها سواء من حالة الركود الثقافي الى انعدام المساواة الفاضح وحتى التطرف الديني القاتل، فان الحرام الاكبر يتمثل في الكفاح لاجل فهم شامل لحقيقة ان الفشل ليس فشل الاسلام وانما يعود الى القيود المريعة - والمقدسة - التي يبجلها دبلوماسيونا.
ان من المؤكد ان ما من تعديل حدودي مهما كان وحشيا يمكن ان يجعل كل الاقليات في الشرق الاوسط سعيدة بحال من الاحوال. وفي بعض الامثلة، فان الجماعات العرقية والدينية تعيش وتختلط وتتزاوج فيما بينها، في وقت لا يثبت فيه حالات التوحد المبنية على الدم او المعتقد انها مبهجة وذات شعبية بقدر ما يتوقع انصارها ومؤيدوها.
ان الحدود المقترحة للخرائط المرفقة في هذا الموضوع تتصدى لتلك الاخطاء التي ادت الى معاناة معظم الجماعات المخدوعة (الكبيرة نسبيا) مثل الاكراد والشيعة العرب والبلوش، لكن هذه الحدود مع ذلك لا تعالج قضايا اخرى تتسم بالدقة مثل المسيحيين في الشرق الاوسط وغيرهم من البهائيين والاسماعيليين والنقشبنديين وغيرهم كثر من الجماعات والاقليات الاخرى في المنطقة. ولنا ان نذكر ان اي خطأ كبير وفاحش لا يمكن التصدي له ولاثاره بمجرد تعويض ببقعة ارض كما هو الحال مع مجازر الابادة الجماعية التي تم ارتكابها بوحشية ضد الارمن من قبل الامبراطورية العثمانية عندما كانت تقترب من موتها النهائي بداية القرن العشرين.
لكنه برغم كل تلك المظالم التي تركتها تلك الحدود بدون حل او امل، فانه بدون تنقيح الخرائط وتعديل الحدود فلن يكون ممكنا رؤية شرق اوسط ينعم بالهدوء او السلام.
وحتى هؤلاء الذين يمقتون موضوع تعديل الحدود، فان من المؤكد انهم سيستفيدون من الانخراط في هذا التمرين الذي يراد منه ولادة تعديلات اكثر عدالة - وان تكن ناقصة - على الحدود الدولية الممتدة من مضيق البوسفور وحتى نهر الاندوس والقبول بمنطق ان فن حكم وادارة الدول عالميا لم يتمكن من تطوير اداة فعالة - غير الحرب - لاعادة تنظيم ورسم الحدود الخاطئة، فان جهدا فكريا يمكن ان يبذل لادراك واستيعاب حدود وتخوم الشرق الاوسط (الاساسية) رغم ان ذلك لن يساعدنا الا على فهم مقدار الصعوبات التي نواجهها حاليا وتلك التي سنستمر بمواجهتها في المستقبل. اننا اذ نتصدى لهذاالموضوع، فاننا بلا شك نتعامل مع تشوهات فظيعة من صنع الانسان، وهذه التشوهات لن نتوقف عن خلق وتعزيز الكره والعنف حتى يتم تصحيحها.
اما بالنسبة لهؤلاء الذين يرفضون التفكير.. فيما لا يمكن التفكير فيه، معلنين ان الحدود يجب ان لا يتم تغييرها، فانهم انما يرفضون تذكر حقيقة تاريخية راسخة مفادها ان الحدود لم تتوقف عن التغيير والاختلاف عبر القرون!!
ان الحدود لم تكن يوما من الايام ثابتة، وان الكثير من الحدود من الكونغو الى كوسوفوو حتى القوفاز لاتزال تمر بمرحلة تغيير مستمر الى الان، وذلك يحصل كلما قام المندوبون والسفراء والممثلون الخاصون بتحويل انظارهم لدراسة الشرق وفق رؤاهم المشرقة!!
ويضاف الى هذا الكلام سر قذر صغير اخر يعود الى 5000 عام مضت يعرف بـ (اعمال التطهير العرقي).
بداية.. بالنسبة لقضية الحدود التي تعد الاكثر حساسية بالنسبة للقراء الاميركيين الا وهي قضية اسرائيل التي تأمل في الحصول على اي فرصة للعيش بسلام معقول مع جيرانها، فان على هذه الدولة العبرية ان تعود الى حدودها قبل العام 1967 مع ضرورة وضع ترتيبات عملية خاصة وجوهرية تتناسب مع اعتبارات دولة اسرائيل الامنية الخاصة. لكن قضية الاراضي المحيطة بمدينة القدس، تلك المدينة التي تلطخت بتاريخ طويل من الدماء قد يصبح امرا عسيرا يتجاوز في حدوده الزمنية حياة الاجيال الحية الحالية!!
ان منطقة الشرق الاوسط زخرت بالكثير الكثير من الاطراف الذين حولوا معتقداتهم الدينية وحتى الهتهم الى زعامات عقارية وملوك اموال فخاضوا حروبا عنيدة وضروسا كشفت عن حقيقة جشعهم للنفط والثروة او رغبتهم الدموية العارمة في خوض صراعات عرقية وغيرها.
ولذلك، فلندع جانبا ذلك الموضوع المنفرد الذي تم اشباعه بحثا دراسته مرارا وتكرارا ولنتحول الى قضية الحدود التي اهملت دراستها عمدا عبر التاريخ. ان صورة الظلم الابرز والاكثر وضوحا ضمن المنطقة سيئة الصيت الممتدة من جبال البلقان وحتى جبال الهمالايا تتمثل في غياب وعدم وجود دولة كردية مستقلة. ان هنالك ما يتراوح بين 27 و36 مليون كردي يعيشون في اراض متجاورة ضمن منطقة الشرق الاوسط. لكن هذه الارقام ليست مؤكدة او دقيقة تماما لان دولة من دول المنطقة لم تسمح ابدا باجراء احصاء دقيق وحقيقي يكشف الارقام الفعلية كما هي.
ان الكتلة البشرية الكردية اليوم تتجاوز في حجمها حجم سكان العراق اليوم بصورة اجمالية. وحتى لو نظرنا الى الرقم الاقل لهذه الكتلة العرقية (الكردية) فان رقم الـ 27 مليونا يجعل منها اكبر جماعة عرقية لا دولة لها على وجه الارض. ولاشك ان الجزء الاسوء يتمثل في ان الاكراد تعرضوا الى القمع والاضطهاد على يد كل الحكومات والانظمة التي حكمت جبالهم وتلالهم حيث عاشوا وسكنوا منذ عهد زينوفون الاغريقي. ان الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف ضيعوا فرصة عظيمة كان يمكن ان تسمح بالبدء بتصحيح ذلك الظلم بعد سقوط نظام صدام. ان دولة على شكل وحش فرانكشتاين تمت خياطة اجزائها من بقايا الاجزاء المريضة العائدة للدولة العثمانية، التي اصبحت لاحقا تعرف بالعراق كان يجب تقسيمها فورا الى 3 دول اصغر. لكننا فشلنا بسبب جبننا وافتقارنا للبصيرة حيث دفعنا الاكراد لدعم الحكومة العراقية الجديدة، الامر الذي قام به