ابو العبد
16-07-2011, 07:13 AM
شبح أسود ثقيل قادم من الغرب البارد يغرد بجناحيه ويغطي بهما الأراضي الأفغانية برمتها تمهيدا لتمزيقها إلى كانتونات مبعثرة تتوزع بين سلالات إثنية متصارعة، شبح يستمد قوته قبل كل شيء من تعفن مستنقع الحرب الأميركية في تلك الأراضي.
المبشرون بقدومه يجدون الأمر غاية في الروعة والأهمية طالما أن باستطاعته تجنيب أفغانستان وقوع غزو طالباني جديد.
إنه لمشروع آثم وفظ ولو أنه مازال في الطور النظري في هذه المرحلة العصيبة والحرجة لكنه وبالتأكيد سيصار إلى قذفه وسط الساحة الأفغانية الساخنة وبين أنامل محللين غربيين كثر لكيما ينضج بهدوء وروية. شبح يتنكر بزي ملاك منقذ يسابق توقعات تطور الوضع السياسي والعسكري في أفغانستان عكس اتجاه المصالح الغربية والأقليات الإثنية فيها. في الواقع تمثل تلك الصيغة أنموذجا لفكرة مزيفة تتكشف عن رياء ونفاق، قادرة بدورها للتحول إلى وصفة أخرى لإنتاج فوضى جديدة خلاقة بامتياز!
أفغانستان بلد متعدد الإثنيات تندرج جميعها تحت سلالات أربع ضخمة وهي: الباشتون تمثل 45٪ من مجموع السكان ، الطاجيك23٪ من مجموع السكان، الهازار الشيعة 10٪ من مجموع السكان والأوزبك 8.5٪ من مجموع السكان.
تتمركز سلالة الباشتون في جنوب أفغانستان وآخرون غيرهم في شمالها أيضا.
وأمام المأزق الراهن، تشير التوصيات الأخيرة بقوة إلى ضرورة التنازل عن الجنوب الباشتوني لمصلحة طالبان لكي يتمكن الحلف الأطلسي من التصديق، بطريقة أفضل لغالبية السلالات غير الباشتونية للتمركز في شمال البلاد تحت ذريعة خفوت حدة واتساع الفتن والثورات فيه.
سيناريو التقسيم الجغرافي المذكور يبدو في الواقع أكثر حزما وحسما من تلك الخطط الأميركية المسماة خطط b التي عمت وازدهرت عشية تعديل الإستراتيجية الشهيرة وقد أعلن عنها أوباما في الأيام القليلة الماضية وهي على أي حال خطط متباينة في نتائجها تتشارك في المسلمة ذاتها الأمر الذي يدفع بنا للتخلي عن الرؤية الوهمية لبناء الدولة والانجرار خلف النهج المضاد للفتن والمغالي في طموحه بالفوز ب قلوب الجماعات المحلية ومشاعرهم وكذلك العودة للتركيز مجددا على المصلحة الأمنية الحيوية للغرب في أفغانستان.
وبالتالي صرف أفكارنا عن التنبؤ بعودة مخيمات القاعدة إلى أفغانستان ،غير أن الهدف الأولي وماتبعه عن تدخل عسكري أميركي فيه عقب أحداث 11 أيلول يمر بالضرورة بحسب المحللين المعنيين بمشروع التقسيم عبر خطة إضعاف مركزية الدولة الأفغانية تحديدا وليس بالسعي لتعزيزها وتقويتها.
تلك الخطوات ليست في الحقيقة سوى ظل حقيقي لانقلاب وحشي متدرج بحسب المؤسسة السياسية الأفغانية التي تقودها جماعات دولية قبل عام 2001.
ثمة نصوص أربعة مثيرة جدا نشرت قبل أيام تدور كلها حول كيفية رسم معالم أفغانستان المستقبلية فكرة جديدة لكنها غريبة وشاذة في تسلسل تطبيقاتها إذ يتمخض النص الأول من هذه النصوص عن تقرير مهر بتوقيع مجموعة الدراسة الأفغانية يكشف عن مقابلات مكررة لخبراء أميركيين يدحضون علانية خيار بناء الدولة أو بناء دولة أفغانية موحدة، مع توصياتهم الملحة بتأسيس سلطة لامركزية.
ويقترح النص الثاني بتوقيع ستيفان بيدل وفونتي كريستينا وآخرين غيرهم تحت مسمى تحديد أطر النجاح في أفغانستان الذي نشر في مجلة الشؤون الخارجية مؤخرا يقترح تعزيز السيادة المركزية وضرورة توطيد فكرة السيادة الوسط بين الدول المركزية والسلطات الإقليمية.
كما يوحي النص الثالث الذي تصدر صفحات الدورية الدولية هيرالد تريبيون بتوقيع رئيسها ومؤسسها جون شيمبان مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في لندن برغباته المتعددة في تأسيس دولة أكثر فيدرالية وإعادة نشر قوات أجنبية في الشمال تتمتع بردود فعل قوية وسريعة لجهة ثني طالبان الجنوب وردعم عن محاولة توسيع دائرة نفوذهم.
روبرت بلاكويل المساعد والمستشار السابق للأمن القومي في إدارة بوش الابن حرر نصا هو الرابع والأخير من تلك السلسلة على موقع سياسي أميركي شهير يطالب فيه بترسيخ أفكار تلك النصوص الأربعة مع الإشارة علانية إلى تقسيم الوضع الراهن ما بين جنوب طالبان والشمال المكتظ بالمقاومين له وعلى مثال جون شيمبان اقترح بلاكويل طريقة لدرء خطر القاعدة في الجنوب بالتنظيم المحكم والتدبير الاحترازي الجيد عبر الموضع المحصن لمناصري الغرب في الشمال وجعل سماء الأراضي الباشتونية مكتظة بطائرات التحالف الغربي إضافة لطائرات من دون طيار.
أدبيات الحرب الأفغانية هذه سوف تؤسس لفانتازيا أكاديمية إذا مالاقت صدى في أفغانستان داخل القبائل غير الباشتونية.
بقلم : فريدريك بوبين
لومند
ترجمة سهيلة حمامة
المبشرون بقدومه يجدون الأمر غاية في الروعة والأهمية طالما أن باستطاعته تجنيب أفغانستان وقوع غزو طالباني جديد.
إنه لمشروع آثم وفظ ولو أنه مازال في الطور النظري في هذه المرحلة العصيبة والحرجة لكنه وبالتأكيد سيصار إلى قذفه وسط الساحة الأفغانية الساخنة وبين أنامل محللين غربيين كثر لكيما ينضج بهدوء وروية. شبح يتنكر بزي ملاك منقذ يسابق توقعات تطور الوضع السياسي والعسكري في أفغانستان عكس اتجاه المصالح الغربية والأقليات الإثنية فيها. في الواقع تمثل تلك الصيغة أنموذجا لفكرة مزيفة تتكشف عن رياء ونفاق، قادرة بدورها للتحول إلى وصفة أخرى لإنتاج فوضى جديدة خلاقة بامتياز!
أفغانستان بلد متعدد الإثنيات تندرج جميعها تحت سلالات أربع ضخمة وهي: الباشتون تمثل 45٪ من مجموع السكان ، الطاجيك23٪ من مجموع السكان، الهازار الشيعة 10٪ من مجموع السكان والأوزبك 8.5٪ من مجموع السكان.
تتمركز سلالة الباشتون في جنوب أفغانستان وآخرون غيرهم في شمالها أيضا.
وأمام المأزق الراهن، تشير التوصيات الأخيرة بقوة إلى ضرورة التنازل عن الجنوب الباشتوني لمصلحة طالبان لكي يتمكن الحلف الأطلسي من التصديق، بطريقة أفضل لغالبية السلالات غير الباشتونية للتمركز في شمال البلاد تحت ذريعة خفوت حدة واتساع الفتن والثورات فيه.
سيناريو التقسيم الجغرافي المذكور يبدو في الواقع أكثر حزما وحسما من تلك الخطط الأميركية المسماة خطط b التي عمت وازدهرت عشية تعديل الإستراتيجية الشهيرة وقد أعلن عنها أوباما في الأيام القليلة الماضية وهي على أي حال خطط متباينة في نتائجها تتشارك في المسلمة ذاتها الأمر الذي يدفع بنا للتخلي عن الرؤية الوهمية لبناء الدولة والانجرار خلف النهج المضاد للفتن والمغالي في طموحه بالفوز ب قلوب الجماعات المحلية ومشاعرهم وكذلك العودة للتركيز مجددا على المصلحة الأمنية الحيوية للغرب في أفغانستان.
وبالتالي صرف أفكارنا عن التنبؤ بعودة مخيمات القاعدة إلى أفغانستان ،غير أن الهدف الأولي وماتبعه عن تدخل عسكري أميركي فيه عقب أحداث 11 أيلول يمر بالضرورة بحسب المحللين المعنيين بمشروع التقسيم عبر خطة إضعاف مركزية الدولة الأفغانية تحديدا وليس بالسعي لتعزيزها وتقويتها.
تلك الخطوات ليست في الحقيقة سوى ظل حقيقي لانقلاب وحشي متدرج بحسب المؤسسة السياسية الأفغانية التي تقودها جماعات دولية قبل عام 2001.
ثمة نصوص أربعة مثيرة جدا نشرت قبل أيام تدور كلها حول كيفية رسم معالم أفغانستان المستقبلية فكرة جديدة لكنها غريبة وشاذة في تسلسل تطبيقاتها إذ يتمخض النص الأول من هذه النصوص عن تقرير مهر بتوقيع مجموعة الدراسة الأفغانية يكشف عن مقابلات مكررة لخبراء أميركيين يدحضون علانية خيار بناء الدولة أو بناء دولة أفغانية موحدة، مع توصياتهم الملحة بتأسيس سلطة لامركزية.
ويقترح النص الثاني بتوقيع ستيفان بيدل وفونتي كريستينا وآخرين غيرهم تحت مسمى تحديد أطر النجاح في أفغانستان الذي نشر في مجلة الشؤون الخارجية مؤخرا يقترح تعزيز السيادة المركزية وضرورة توطيد فكرة السيادة الوسط بين الدول المركزية والسلطات الإقليمية.
كما يوحي النص الثالث الذي تصدر صفحات الدورية الدولية هيرالد تريبيون بتوقيع رئيسها ومؤسسها جون شيمبان مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في لندن برغباته المتعددة في تأسيس دولة أكثر فيدرالية وإعادة نشر قوات أجنبية في الشمال تتمتع بردود فعل قوية وسريعة لجهة ثني طالبان الجنوب وردعم عن محاولة توسيع دائرة نفوذهم.
روبرت بلاكويل المساعد والمستشار السابق للأمن القومي في إدارة بوش الابن حرر نصا هو الرابع والأخير من تلك السلسلة على موقع سياسي أميركي شهير يطالب فيه بترسيخ أفكار تلك النصوص الأربعة مع الإشارة علانية إلى تقسيم الوضع الراهن ما بين جنوب طالبان والشمال المكتظ بالمقاومين له وعلى مثال جون شيمبان اقترح بلاكويل طريقة لدرء خطر القاعدة في الجنوب بالتنظيم المحكم والتدبير الاحترازي الجيد عبر الموضع المحصن لمناصري الغرب في الشمال وجعل سماء الأراضي الباشتونية مكتظة بطائرات التحالف الغربي إضافة لطائرات من دون طيار.
أدبيات الحرب الأفغانية هذه سوف تؤسس لفانتازيا أكاديمية إذا مالاقت صدى في أفغانستان داخل القبائل غير الباشتونية.
بقلم : فريدريك بوبين
لومند
ترجمة سهيلة حمامة