أبو زكريّا
24-06-2011, 09:51 PM
إنّ الرّاصد للمجتمعات التي يقطنها مسلمون ، والذي يرى ما يصدر عنهم من أنماط سلوك ومن ممارسات وعلاقات تدور بين أفراده ليبقى متعجّبا وحائرا من الواقع الذي يعيشون ، فدرجات الاختلاف والتناقض بين الأفراد فيما بينهم وفي الجماعات وفي المجتمعات والدّول كبيرة وهائلة بحيث يصعب معرفة هويّة أفراده بل قد يصعب أحيانا معرفة المسلم ممّن سواه ، فهذا يقول أنّه مسلم ديمقراطي وهذا مسلم ليبرالي وهذا مسلم اشتراكي وهناك أيضا من يدّعي أنّه مسلم شيوعي ، كما هناك من هو شيعي ، أو سلفي ، أو سنّي ، أو وهّابي ، أو إخواني ، وهلمّ جر من العناوين المختلفة والمتناقضة أحيانا. وهذه الأوصاف لا تقف عند المستوى الفردي بل تتعدّاه لتبلغ الدّول والأحزاب وحتّى الجمعيّات.
أمّا الدّول ، فإيران لها إسلاما تطبّقه أو تدّعي تطبيقه يختلف أو يتناقض عن الإسلام التي تتدّعي السعوديّة العمل به وفي تركيا حكومة تتدّعي إسلاما ثالثا عنوانه المعاصرة والوسطيّة إلى غير ذلك وملك في المغرب سمّى نفسه أميرا للمؤمنين ونفس الأمر وقع ويقع في أفغانستان والصومال والسودان وغيرها من حكومات حكمت وتحكم على أرض الإسلام.
ولا ننسى أيضا ما حصل ويحصل مع الأحزاب ، فهذا حزب ليبرالي إسلامي ، وهذا حزب إسلامي ديمقراطي ، وهذا حزب إسلامي اشتراكي ، وهذا حزب مذهبي : شيعي أو سنّي ، حنبلي وهّابي أو مالكي أو حنفي إخواني أو شيعي يزيدي أو علوي أو إسلام درزي إلى آخره من العناوين والتسميات والمذاهب والفرق والأفكار المختلفة والمتناقضة والمتباينة والمتناحرة.
فالاختلاف فيما بين هؤلاء الأفراد وفيما بين هذه الأحزاب وفيما بين هذه الدّول وحتّى فيما بين المجتمعات يجعل الحليم لئيما والسائل حائرا والناظر تائها والباحث متردّدا بحيث لو بحث عن صورة أصيلة ونقيّة وصافية للإسلام فقد يتوه ويتعب ويشقى بدون أن يجد ضالّته بل قد يحصل له عكس ما رسم له ويخرج من بحثه بخيبة وشكّ وتردّد وحتّى إنكار في بعض الأحيان من وسط هذا التيه والركام.
تيه للأفراد والأحزاب والدّول عن الصورة الصادقة والصافية للإسلام وركام من الأغبرة والتلوّثات والتشويهات سواءا منها الفكريّة أو ما وُرِث وتناقل من عادات وتقاليد أو ما فُرِض من ثقافات وآليّات وقوانين غربيّة منعت الرؤية الواضحة والبسيطة وأصبح الإسلام فيها غريبا في عقائده وأفكاره ومعالجاته ، بل لو طُرِح أمام النّاس لما رآه بعضهم ، بل قد يَحْسِب بعضهم أنّ ما يُطْرَح لا يعدو أن يكون كلام كالكلام وشعارات كالشعارات وأحلام كالأحلام كباقي ما يطرح !
للأسف إنّ الصّور التي يعطيها هؤلاء الأفراد إلاّ من رحم الله أوالجماعات والدّول وأيضا المجتمعات هي صورا لا تمثّل الإسلام في حقيقته وواقعه وفي وضوح نصوصه.
إنّ النّصوص الشّرعيّة هي وحدها القادرة أن تمثّل الاسلام والقادرة وحدها أن تكون المرجعيّة الواضحة والبيّنة وبكلّ ما تتضمّنه ، كما تحتوي على المقاييس الصّحيحة التي من شأنها أن تُفْرِز ما هو من الإيمان ومن الإسلام ومن التقوى من ما هو من خارج الإسلام من جحود ونفاق وفجور ، ومنها وحدها تُستنْبَطُ المقاييس لنقيس بها الأفراد أو الأحزاب أو الجماعات أو الدّول التي تدعو للإسلام أو تدّعي تطبيقَه ، لأنّ ليست العبرة بالتسميّات ، فلا يكفي تعليق يافطة أو عنوان إسلامي ليكون حقيقة وعمليّا إسلاميّا ، بل العبرة تكون إلى ماذا تدعو حقيقةً والعبرة بالأفكار المحمولة والطرق المتّبعة والتطبيق العملي هل دلّت عليها النّصوص الشّرعيّة أم لا ؟
يمكن إذا اتخاذ التساؤلات الثلاث الآتية كمقاييس للحكم على من يدّعي العمل والتطبيق للاسلام :
أ- هل الأفكار والمفاهيم المحمولة والمطبّقة إسلاميّة ؟ أي هل دلّت عليها النصوص الشرعيّة ؟
ب- وهل الغاية من العمل والتطبيق قد دلّ عليها الشّرع أم لا ؟
ج- وهل منهج ووسائل وطرق العمل والتطبيق دلّت عليها نصوص الشرع ؟
لو وضعنا أمامنا كلّ النّصوص الدالّة على أنظمة الإسلام من أنظمة معالجة لمسائل السّياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو القضاء ووضعنا هذه الأنظمة بدساتيرها وقوانينها وبممارساتها لاستطعنا أن نبحث في موافقتها أو مخالفتها لأحكام الإسلام ، وفي علاقة هذه الأنظمة الموجودة بالكتاب وبالسنّة وبأصول الفقه و بالاجتهاد الشّرعي.
وهذا ما يحتّم علينا أن نبحث في الصّراط أو في الطّريق الذي وجب على كلّ من يؤمن بالإسلام أن يتّبعه وعلى كلّ جماعة أن تنتهجه وعلى الدّولة الإسلاميّة أن تسلكه حتّى يكون انتماءنا للإسلام ليس مجرّد ادّعاء بل انتماء واعي على ما يمثّله ذلك من التزامات ، إذ لكلّ من يعمل أو يسير أو يسلك مسلكا أو يهدف للوصول إلى غاية لا بدّ له أن يسلك طريقا أسمته النّصوص الشّرعيّة بالصّراط مرّة وبالسّبيل أخرى أو بالمنهاج ، هذا الطّريق الذي يوصل إلى الإسلام والذي يوصل إلى الشّخصيّة الإسلامية في الأفراد والأحزاب القائمة على الإسلام والتي توصل إلى الدولة الإسلاميّة والمجتمع الإسلامي بالنسبة للدول ومجتمعات العالم الإسلامي.
إنّ الدّارس للنّصوص الشرعيّة يفهم أنّها تتحدّث عن سبل مختلفة في مقابل سبيل أو طريق أو صراط واحد ، ولكنّ الصّراط الواحد لا يعني أبدا فهما واحدا ، بل تعدّد أفهام ضمن ما تجيزه النّصوص الشّرعيّة مثل الأحكام الفقهيّة واستنباطات المذاهب والمدارس الفقهيّة ، بل الصّراط أو الطّريق هو الذي يجب أن يمثّل القاسم المشترك بين مختلف الجماعات أو بين الأفراد أو بين شعوب الأمّة ، وبدونه لا يمكن أن يكون الانتماء لهذا الإسلام انتماء حقيقيّا وأكثر من ذلك انتماء صحيحا.
يقول عز وجل:*ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله*154 الأنعام ويقول :*ولا تتّبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرا وضلّوا عن سواء السّبيل*79 المائدة.
وإنّنا في سورة الفاتحة نقرأ بهذه الآيات التي لا يعرف الكثيرون مدلولها عشرات المرّات:*اهدنا الصّراط
المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم ولا الضّالين*الفاتحة4-5-6 وهو الصّراط الذي يتّبعه الذين أنعم الله عليهم بدون أن يقعوا في الضّلال.
والقرآن شدّد على هذه المسألة بحيث ربط كلّ أمر حقير أو جليل بالشّرع مصداقا لقوله تعالى:*إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم...قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم دينا قيّما ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين*160-165 الأنعام.
يتبع ان شاء الله ...
أمّا الدّول ، فإيران لها إسلاما تطبّقه أو تدّعي تطبيقه يختلف أو يتناقض عن الإسلام التي تتدّعي السعوديّة العمل به وفي تركيا حكومة تتدّعي إسلاما ثالثا عنوانه المعاصرة والوسطيّة إلى غير ذلك وملك في المغرب سمّى نفسه أميرا للمؤمنين ونفس الأمر وقع ويقع في أفغانستان والصومال والسودان وغيرها من حكومات حكمت وتحكم على أرض الإسلام.
ولا ننسى أيضا ما حصل ويحصل مع الأحزاب ، فهذا حزب ليبرالي إسلامي ، وهذا حزب إسلامي ديمقراطي ، وهذا حزب إسلامي اشتراكي ، وهذا حزب مذهبي : شيعي أو سنّي ، حنبلي وهّابي أو مالكي أو حنفي إخواني أو شيعي يزيدي أو علوي أو إسلام درزي إلى آخره من العناوين والتسميات والمذاهب والفرق والأفكار المختلفة والمتناقضة والمتباينة والمتناحرة.
فالاختلاف فيما بين هؤلاء الأفراد وفيما بين هذه الأحزاب وفيما بين هذه الدّول وحتّى فيما بين المجتمعات يجعل الحليم لئيما والسائل حائرا والناظر تائها والباحث متردّدا بحيث لو بحث عن صورة أصيلة ونقيّة وصافية للإسلام فقد يتوه ويتعب ويشقى بدون أن يجد ضالّته بل قد يحصل له عكس ما رسم له ويخرج من بحثه بخيبة وشكّ وتردّد وحتّى إنكار في بعض الأحيان من وسط هذا التيه والركام.
تيه للأفراد والأحزاب والدّول عن الصورة الصادقة والصافية للإسلام وركام من الأغبرة والتلوّثات والتشويهات سواءا منها الفكريّة أو ما وُرِث وتناقل من عادات وتقاليد أو ما فُرِض من ثقافات وآليّات وقوانين غربيّة منعت الرؤية الواضحة والبسيطة وأصبح الإسلام فيها غريبا في عقائده وأفكاره ومعالجاته ، بل لو طُرِح أمام النّاس لما رآه بعضهم ، بل قد يَحْسِب بعضهم أنّ ما يُطْرَح لا يعدو أن يكون كلام كالكلام وشعارات كالشعارات وأحلام كالأحلام كباقي ما يطرح !
للأسف إنّ الصّور التي يعطيها هؤلاء الأفراد إلاّ من رحم الله أوالجماعات والدّول وأيضا المجتمعات هي صورا لا تمثّل الإسلام في حقيقته وواقعه وفي وضوح نصوصه.
إنّ النّصوص الشّرعيّة هي وحدها القادرة أن تمثّل الاسلام والقادرة وحدها أن تكون المرجعيّة الواضحة والبيّنة وبكلّ ما تتضمّنه ، كما تحتوي على المقاييس الصّحيحة التي من شأنها أن تُفْرِز ما هو من الإيمان ومن الإسلام ومن التقوى من ما هو من خارج الإسلام من جحود ونفاق وفجور ، ومنها وحدها تُستنْبَطُ المقاييس لنقيس بها الأفراد أو الأحزاب أو الجماعات أو الدّول التي تدعو للإسلام أو تدّعي تطبيقَه ، لأنّ ليست العبرة بالتسميّات ، فلا يكفي تعليق يافطة أو عنوان إسلامي ليكون حقيقة وعمليّا إسلاميّا ، بل العبرة تكون إلى ماذا تدعو حقيقةً والعبرة بالأفكار المحمولة والطرق المتّبعة والتطبيق العملي هل دلّت عليها النّصوص الشّرعيّة أم لا ؟
يمكن إذا اتخاذ التساؤلات الثلاث الآتية كمقاييس للحكم على من يدّعي العمل والتطبيق للاسلام :
أ- هل الأفكار والمفاهيم المحمولة والمطبّقة إسلاميّة ؟ أي هل دلّت عليها النصوص الشرعيّة ؟
ب- وهل الغاية من العمل والتطبيق قد دلّ عليها الشّرع أم لا ؟
ج- وهل منهج ووسائل وطرق العمل والتطبيق دلّت عليها نصوص الشرع ؟
لو وضعنا أمامنا كلّ النّصوص الدالّة على أنظمة الإسلام من أنظمة معالجة لمسائل السّياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو القضاء ووضعنا هذه الأنظمة بدساتيرها وقوانينها وبممارساتها لاستطعنا أن نبحث في موافقتها أو مخالفتها لأحكام الإسلام ، وفي علاقة هذه الأنظمة الموجودة بالكتاب وبالسنّة وبأصول الفقه و بالاجتهاد الشّرعي.
وهذا ما يحتّم علينا أن نبحث في الصّراط أو في الطّريق الذي وجب على كلّ من يؤمن بالإسلام أن يتّبعه وعلى كلّ جماعة أن تنتهجه وعلى الدّولة الإسلاميّة أن تسلكه حتّى يكون انتماءنا للإسلام ليس مجرّد ادّعاء بل انتماء واعي على ما يمثّله ذلك من التزامات ، إذ لكلّ من يعمل أو يسير أو يسلك مسلكا أو يهدف للوصول إلى غاية لا بدّ له أن يسلك طريقا أسمته النّصوص الشّرعيّة بالصّراط مرّة وبالسّبيل أخرى أو بالمنهاج ، هذا الطّريق الذي يوصل إلى الإسلام والذي يوصل إلى الشّخصيّة الإسلامية في الأفراد والأحزاب القائمة على الإسلام والتي توصل إلى الدولة الإسلاميّة والمجتمع الإسلامي بالنسبة للدول ومجتمعات العالم الإسلامي.
إنّ الدّارس للنّصوص الشرعيّة يفهم أنّها تتحدّث عن سبل مختلفة في مقابل سبيل أو طريق أو صراط واحد ، ولكنّ الصّراط الواحد لا يعني أبدا فهما واحدا ، بل تعدّد أفهام ضمن ما تجيزه النّصوص الشّرعيّة مثل الأحكام الفقهيّة واستنباطات المذاهب والمدارس الفقهيّة ، بل الصّراط أو الطّريق هو الذي يجب أن يمثّل القاسم المشترك بين مختلف الجماعات أو بين الأفراد أو بين شعوب الأمّة ، وبدونه لا يمكن أن يكون الانتماء لهذا الإسلام انتماء حقيقيّا وأكثر من ذلك انتماء صحيحا.
يقول عز وجل:*ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله*154 الأنعام ويقول :*ولا تتّبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرا وضلّوا عن سواء السّبيل*79 المائدة.
وإنّنا في سورة الفاتحة نقرأ بهذه الآيات التي لا يعرف الكثيرون مدلولها عشرات المرّات:*اهدنا الصّراط
المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم ولا الضّالين*الفاتحة4-5-6 وهو الصّراط الذي يتّبعه الذين أنعم الله عليهم بدون أن يقعوا في الضّلال.
والقرآن شدّد على هذه المسألة بحيث ربط كلّ أمر حقير أو جليل بالشّرع مصداقا لقوله تعالى:*إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم...قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم دينا قيّما ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين*160-165 الأنعام.
يتبع ان شاء الله ...