المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورات العربية صناعة أمريكية



طارق بن زياد
16-05-2011, 11:42 PM
الثورات العربية صناعة أميركية

إن المتتبع للأحداث السياسية التي تقع في العالم العربي اليوم ، و المتأمل في الكيفية التي تفجرت بها الثورات بهذه المنطقة يجد أن من وراءها فاعل خطط لها بشكل دقيق ، بحيث ترى أن الشعوب واحدة و المنطقة واحدة و الزمن واحد ، فليس من المعقول أن تتحرك كل الشعوب بهذه السرعة و بهذه الكيفية، فالأمر ليس وليد الصدفة و ليس كما يقال من كون هذه الشعوب ذاقت الويلات والظلم و القهر و صممت من تلقاء نفسها أن تثور على حكامها ، لأن الأمر يحتاج إلى تخطيط و ترتيب و تدريب و تنسيق و مراقبة و تتبع، فكيف بهذه الشعوب المقهورة و المظلومة و المغلوبة على أمرها أن تقوم بكل هذا و على وجه هذه السرعة؟ لاشك أن المخطط و المدبر يملك قدرات هائلة و قد رتب لهذه الثورات قبل سنين عديدة.

فإذا رجعنا للوراء وجدنا أن هناك عددا من كبار مسئولي السياسة الخارجية الأمريكية قد صرحوا علانية أنهم يريدون صياغة المنطقة من جديد، و إحداث إصلاحات جذرية تضمن لهم الحفاظ على مصالحهم ، ذلك ما يعرف عند أمريكا بخلق شرق أوسط جديد أو كبير كما يحلو لها أن تسميه، و فعلا قامت أمريكا بعدة تغييرات على المستوى الفكري و السياسي و الاقتصادي و الإجتماعي داخل المنطقة العربية كنشر قيم الديمقراطية و إصلاح الخطاب الديني و احترام حقوق الإنسان و الحريات و حقوق المرأة و الطفل و إشراك الحركات الإسلامية المعتدلة في الحياة السياسية و الحكم .

إن أمريكا قد نجحت في خطتها هذه أيما نجاح ، فقد شاهدنا الشعوب العربية بما فيها حركات الإسلام المعتدل لا ترفع شعار الإسلام بل ترفع شعارات الحضارة الغربية من ديمقراطية و حقوق الإنسان و حرية و مساواة ، فكل ما تطالب به هذه الشعوب هو رحيل حكامها و إسقاط رموز الفساد و انتخاب زمرة جديدة من الحكام كي تنفذ عليها هذه المفاهيم الغربية ، و بالتالي نجحت أمريكا في إقناع المسلمين بقيمها و كونها هي الخلاص من كل ما يعانون منه و هي الحل السحري لكل مشاكلهم.

فأمريكا تأكدت من أن المسلمين قد اتبعوها حتى أدخلتهم جحر ضب و لم يعد لمفاهيم الإسلام الصحيحة وجود في حياتهم و لم يعد المسلمون يرفعوا شعارات الإسلام و لم يعد هناك تحرك على أساس دينهم، فتبين لها أن خطر المسلمين قد ذهب. و بالتالي فلا خوف من إيجاد حكام جدد على أنقاض الحكام العملاء الذين هرموا و فقدوا ثقة شعوبهم بهم.

و نأتي الآن لنبحث الأدوات التي استعملتها أمريكا في تفجير الثورات العربية ، فنلاحظ أن قناة الجزيرة كانت من أهم الأدوات التي استعملتها في حملاتها ضد حكام العرب ، فكانت بوقا لأمريكا تصور لنا دموية النظام و قتله و قمعه للمتظاهرين حتى يثور الناس على الحاكم و يزيد غضبهم عليه لكي يسقطوه و لو أدى ذلك إلى التضحية بأنفسهم و كانت تصور أيضا أن كل فئات المجتمع تشترك في هذا التغيير منها الحركات الإسلامية و العلمانية و الشيوعية فتوحي بأن هناك إجماع من طرف الشعب لإسقاط النظام الحاكم و أيضا صورت لنا هذه القناة أن المسلمين يريدون دولية مدنية ديمقراطية أي دولة تفصل دين الأمة عن حياتها و رغم أن كل الدول العربية هي علمانية قبل حدوث الثورات لكن مرارة ظلم الأنظمة الديكتاتورية جعلت الشعب يظن أنه بتطبيق مفاهيم الغرب في الحكم و السياسة سيخلصه من جبر الحكام و تسلطهم .و لكن هناك من يتساءل من كون الحكام ماداموا عملاء لأمريكا فما مصلحة تغييرهم و هم متفانون في خدمتهم لها؟ نقول أن أمريكا تدرك جيدا أن الهوة بين الشعوب و حكامها قد أصبحت كبيرة جدا و بالتالي فإمكانية تفجير الأوضاع من طرف خصومها محتمل جدا ، فبادرت بإشعال الثورات و التحكم فيها و توجيهها قبل أن يحدث أي شيء خارجا عن خططها الذي يمكن أن يضر بمصالحها في المنطقة العربية.

إضافة إلى ذلك فقد كانت أمريكا قبل ظهور الشرارات الأولى للثورة تقدم على دعم و تدريب الذين جندتهم بشكل مباشر أو غير مباشر كي يقوموا بقيادة الشعوب في التظاهرات و إثارة غضبهم كي يسقطوا الأنظمة البائدة ، فمثلا نجد منظمة الديجي أكتيف التي تقوم بتدريب الأفراد و الأحزاب و منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الحقوقية و المدنية على فن الخطابة و التأثير و قيادة الناس . فقد كان مجموعة من الشباب يتوافدون على أمريكا كي يتلقوا التعليمات اللازمة لقيادة الثورات في مناطقهم و قد لعبت المواقع الإجتماعية و التواصلية العالمية مثل الفايس بوك و التويتر و اليوتوب دورا كبيرا في إشعال فتيل الثورات، و كما يعرف أن هذه المواقع تعد من مصادر الإستخبارات الأمريكية.

إن أمريكا اليوم تقوم بكل هذا فقط لحماية مصالحها الإستراتيجية و ليس لسواد عيون الشعوب أو الوقوف مع المظلومين، و ذلك أن هناك أخطار تهدد مصالحها مثل قيام دولة الخلافة الإسلامية أو قيام نفوذ لدول منافسة لها على الصعيد الدولي.