المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة الدولة المدنية: موضوع رائع



ابواحمد
13-05-2011, 08:29 PM
ثقافة الدولة المدنية: نقلا عن: موقع حركة مصر المدنية


د. السيد نصر الدين السيد
أستاذ إدارة المعرفة السابق بجامعة كونكورديا، مونتريال، كندا


ملخص
تتمحور هذه الورقة حول هدفان. الهدف الأول هو تحديد المقصود من مفهوم الدولة المدنية الحديثة وبيان لركائزها الثلاثة: العَلمانية والمواطنة والديموقراطية. أما الهدف الثانى فهو عرض للمقومات الثقافية (القيمية) لكل ركيزة مع بيان التوجهات الثقافية السائدة فى المجتمع المصرى



مقدمة
تكثر فى أوقات التحول الثورى، كتلك التى تشهدها أمتنا المصرية، الشعارات المعبرة عن مطالب الثوار. ويأتى مطلب "إقامة دولة مدنية حديثة"، بكل مايتضمنه من أبعاد سياسية وإدارية وثقافية، على رأس مطالب ثورة 25 يناير. وفى خضم فوران الأحداث وتأجج المشاعر تلتبس المفاهيم وتتوارى معانيها فى ضباب الإنفعالات. ولم يسلم "مفهوم الدولة المدنية الحديثة" من هذا الإلتباس. وهكذا رأينا العديد من القوى السياسية تتبنى هذا المطلب لتروج نفسها بين جماهير الثورة. وهو أمر يثير الحيرة ويبعث على الإستغراب فالمطالع لأدبيات هذه القوى السياسية يتبين بوضوح مدى تناقض مفهومها عن الدولة عن مفهوم الدولة المدنية الحديثة. لذا فإن الهدف الفرعى لهذه الورقة هو تحديد المقصود من "مفهوم الدولة المدنية الحديثة". أما الهدف الرئيسى لها فهو بيان طبيعة "البنية الثقافية التحتية" اللازمة لإقامة دولة مدنية حديثة فى مصر ولضمان نجاحها وإستمرارها. والبعد الثقافى للدولة المدنية هو البعد المسكوت عنه فى أغلب الأدبيات المتعلقة بها



مفهوم الدولة المدنية الحديثة: إزالة الإلتباس تقوم الدولة المدنية الحديثة على ثلاثة ركائز رئيسية هى:


العَلمانية


المواطنة


الديموقراطية



العَلمانية
تعتبر "العَلمانية" (بفتح العين) الركيزة الأساسية الأولى للدولة المدنية الحديثة. وتتعدد تعريفات هذا المفهوم، سيئ السمعة وسيئ الحظ، تعددا شديدا (المسيرى & العظمة, 2000). ولعل التعريف الذى تبناه مراد وهبة، فى إيجاز صياغته وعمق مضمونه، يشكل نقطة بداية ملائمة لتقديم هذا المفهوم. فالعلمانية، طبقا لوهبة، هى "التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق. ومعنى ذلك تناول الظواهر الإنسانية والتى هى نسبية بالضرورة بمنظور نسبى وليس بمنظور مطلق" (وهبة, 1995).ء


أو بعبارة أخرى تعنى العَلمانية الفصل بين ما يحكم "عالم الدنيا" (أو "عالم الشهادة")، وما يحكم "عالم الآخرة" (أو "عالم الغيب"). أى أن العلمانية تعنى "الفصل" بين العالمين ولاتعنى، بالضرورة، "إقصاء" أحدهما لحساب الآخر. فكل منهما تحكمه قواعده وقوانينه الخاصة الذى يؤدى الخلط بينهما إلى إفساد الإثنان معا. ففى "عالم الدنيا"، الذى يتميز بالتغير الدائم والمتسارع، لايوجد مكان للمطلق فكل شيئ فيه نسبى ومايصلح لزمن ما قد لايصلح لزمن آخر. وهو عالم تشكل أحداثه المتلاحقة إرادة الإنسان وأفعاله، ويحاسب فيه الإنسان عن نتائج أفعاله حسابا آنيا لايقبل التأجيل. أما "عالم الآخرة" فهو عالم المطلق بإمتياز فكل مافيه مقرر سلفا وكل مافيه خالد لايتغير، ولامكان فيه لفعل أو إرادة الإنسان


أما العلمانية، كركيزة أساسية من ركائز الدولة المدنية الحديثة، فتعنى "الفصل" التام بين كل ماهو "دنيوى"، يتعلق بـ "سياسة" شئون المجتمع البشرى، وكل ماهو "دينى (أو "أخروى")"، يتعلق بعلاقة الإنسان بربه وبما يرجوه فى عالم الآخرة


المواطنة
المواطنة، الركيزة الأساسية الثانية من ركائز الدولة المدنية الحديثة، هى وعى الإنسان بأنه مواطن أصيل فى بلاده وليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين دون أن يشارك فى صنع القرارات داخل هذا النظام. وطبقا لـ وليم سليمان قلادة تقوم المواطنة على ثلاثة أركان رئيسية هى: "الإنتماء" و"المشاركة" و"المساواة" (قلادة, 1999). وأول هذه الأركان هو "الإنتماء" إلى كيان محدد الملامح هو "الوطن"، كيان يتجاوز محدودية الإنتماء إلى الأسرة أو القبيلة أو الطائفة أو الملة. وثانى هذه الأركان هو "المشاركة" التى تعنى قدرة المواطن، أيا كان موقعه، على المشاركة فى إتخاذ القرارات التى تؤثر فى أحواله كفرد وأحوال وطنه ككل. أما آخر هذه الأركان، "المساواة"، فيعنى تمتع كافة المواطنين بكافة الحقوق والواجبات ومساواتهم أمام القانون بدون الأخذ بعين الإعتبار الوضع الاجتماعى أو المركز الإقتصادى أو العقيدة السياسية أو العرق أو الدين أو الجنس أو غيرها من الإعتبارات



الديموقرطية
الديمقراطية هى الآلية "التى تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو أرستقراطية أو نزعة أيديولوجية. إن الديمقراطية هى وسيلة الدولة المدنية لتحقيق الإتفاق العام والصالح العام للمجتمع كما أنها وسيلتها للحكم العقلانى الرشيد وتفويض السلطة وإنتقالها. إن الديمقراطية تتيح الفرصة للتنافس الحر الخلاق بين الأفكار السياسية المختلفة، وما ينبثق عنها من برامج وسياسات. ويكون الهدف النهائى للتنافس تحقيق المصلحة العليا للمجتمع (إدارة المجتمع والسياسات العامة بأقصى درجات الدقة والإحكام والشفافية والأداء الإدارى المتميز النزيه) والحكم النهائى فى هذا التنافس هو الشعب الذى يشارك فى إنتخابات عامة لإختيار القيادات ونواب الشعب، لا بصفتهم الشخصية وإنما بحكم ما يطرحونه من برامج وسياسات. إن الديمقراطية هى الوسيلة التى تلتئم من خلالها الأفكار المختلفة والتوجهات السياسية المختلفة، للارتقاء الدائم بالمجتمع وتحسين ظروف المعيشة فيه، وكذلك الإرتقاء بنوعية الثقافة الحاكمة لعلاقات الأفراد وتفاعلاتهم" (زايد, 2011).ء


الدولة المدنية وثقافتها الغائبة
تشكل مواءمة الثقافة السائدة فى المجتمع للركائز الثلاثة للدولة المدنية الحديثة الشرط اللازم والضرورى لإقامة هذه الدولة وضمان نجاحها وإستمراريتها. وفيما يلى عرضا سريع للمقومات الثقافية (القيمية) لكل ركيزة مع بيان التوجهات الثقافية السائدة فى المجتمع المصرى


الثقافة العَلمانية
يتطلب ترسيخ العلمانية، كركيزة أساسية من ركائز الدولة المدنية الحديثة، توفر بيئة ثقافية مواتية. بيئة ثقافية تفصل بين كل ماهو "دنيوى" عن كل ماهو "أخروى"، وتعيد للإنسان دوره الكامل وغير المنقوص فى إدارة شئون دنياه. وهو الدور الذى يقوم على المبادئ التالية:ء


"تمكين الإنسان". قدرة الإنسان على إدارة شئون دنياه بإستخدام ما أنتجه عقله، وعقله فقط، من أدوات وعلى رأسها "المنهج العلمى". فهو المنهج الوحيد الذى يحدد للإنسان طرق وأساليب دراسة الواقع وكيفية تفهم أحواله المتغيرة وحل مشاكله المتجددة

"مرجعية الواقع". إن المعرفة التى ينتجها عقل الإنسان، عبر إستخدام المنهج العلمى والمتعلقة بشئون دنياه، ليست "مقدسة" فهى تخضع للمراجعة الدائمة والتدقيق المستمر. فالتحقق من صدق أى مقولة أو فكرة تتعلق بأى شأن من شؤون الواقع يتم عبر مقارنتها مع أحوال هذا الواقع الفعلية وتحديد مدى تطابقها وملاءمتها مع تلك الأحوال


"مسئولية الإنسان": مسئولية الإنسان الكاملة الآنية وغير المؤجلة عن نتائج أفعاله أمام نفسه وأمام مجتمعه

"سنة التطور": ومؤدى هذا المبدأ هو أن "الغد هو الأفضل دائما" وأن المستقبل هو الزمن الذى سيجسد فيه المجتمع أحلامه المتجددة وتطلعاته المشروعة ويقيم فيه عصره الذهبى بأيدى وأفكار أبنائه المعاصرين. أى إنه المستقبل القابل للتحقق على أرض الواقع عبر العمل المنظم والمخطط لأفراد المجتمع. والماضى من منظور هذا المبدأ لايمثل عصرا ذهبيا ينبغى إعادة إنتاجه بل هو فقط مادة للنقد والتحليل لإستخلاص الدروس المستفادة


إنها بإختصار ثقافة "تمكين الإنسان" فهو فى نهاية المطاف "سيد لمصيره" و"مهندس لواقعه" وهو "مسئول أمام نفسه وأمام المجتمع عن نتائج أفعاله".

ابواحمد
13-05-2011, 08:30 PM
ولايخفى على الناظر لأحوال الثقافة السائدة فى المجتمع المصرى المعاصر مايسودها من توجهات غير مواتية. ومن أبرز هذه التوجهات غلبة "ثقافة النقل" على "ثقافة العقل"، و"ثقافة اﻹتباع" على "ثقافة اﻹبداع". فنرى نصوص المفسرين والشراح، السابقين منهم واللاحقين، وهى تتحول إلى نصوص شبه مقدسة غير قابلة للنقاش وتتحول آراءهم إلى مسلمات. وبهذا ينظر إلى التفكير العقلانى ومايسفر عنه من نتائج على أنها بدع، وكل بدعة هى بالضرورة ضلالة وكل ضلالة فى النار. وهكذا تعطل عقل أكثر أفراد المجتمع المصرى عن العمل وحلت ثنائية "الفتوى/العمل" محل ثنائية "الفكر/العمل". فأصبح الإنسان المصرى لايقدم على أداء عمل ما إلا بعد "يستفتى" أهل التفسير من الثقاة وغيرهم ... ! وغرق المجتمع المصرى فى طوفان من فتاوى حول مسائل من قبيل حكم خلع ملابس الأنثى أمام كلب ذكر؟ ... هل الموبايل أبو كاميرا وبلوتوث حرام أم حلال؟ ... هل الشات على الإنترنت خلوة شرعية؟ وإزداد إنتاج الفتاوى زيادة غير مسبوقة ليصل إلى أكثر من ألف فتوى سنوياً لواحدة فقط من أجهزة إنتاجها وهى دار الإفتاء المصرية. وهكذا إزدهرت "صناعة الفتوى" وتضاءلت "صناعة التفكير" (السيد, 2010).
ثقافة المواطنة
لقد شهدت العقود الأخيرة تآكلا حادا فى أركان المواطنة الثلاثة، "الإنتماء" و"المشاركة" و"المساواة". فقد عانى الركن الأول "الإنتماء"، على سبيل، من مرض مزمن لانجد له إسما أفضل من إسم "تسيد ثقافة الملة". وهو مرض تتنوع أعراضه ما بين مناوشات كلامية على الإنترنت وإحتقانات طائفية على أرض الواقع ما نكاد نتجاوز أحداث واحدة منها حتى تدهمنا أحداث واحدة أخرى. وثقافة الملة هذه هى الثقافة التى تعلى من شأن الإنتماء للملة على حساب الإنتماء للوطن فيتآكل مفهوم المواطنة ويتضاءل تأثيره فى المجتمع. وتنبع خطورة هذا المرض فى كونه يتعلق بوحدة وتماسك الكيان المصرى الذى لم يعرف أية تشققات أو تصدعات فى بنيته منذ نشأته كأول "أمة – دولة" فى تاريخ الإنسان على أيدى الفرعون مينا منذ أكثر من خمسة آلاف سنة. فقد كان تماسك وتجانس الكتلة البشرية للأمة المصرية عبر تاريخها الطويل واحدا من أهم الملامح الفريدة التى تميزت بها هذه الأمة. فهى الأمة التى إبتدعت مفهوم "الوطن" الذى ينتمى إليه كل أفرادها ويدينون له بالولاء فتجاوزت بذلك ضيق الإنتماء إلى القبيلة والعشيرة أو الطائفة الذى مازال يحكم سلوك العديد من الأمم


أما سبب هذا المرض فهو ما يتبناه البعض من نظرة تجزيئية/تقطيعية لتاريخ الوطن فتنظر إليه وكأنه سلسلة من الحقب المنفصلة عن بعضها البعض كل منها مقطوع الصلة بمن يسبقه ولاتأثير لأى منها على مايعقبه. وهى بذلك تهمل إهمالا مريبا عناصر الإستمرارية والتواصل فى تاريخنا الطويل. وهى العناصر التى ترتكز على المقومات المؤسِسة والثابتة للأمة المصرية بدءا بـ "الموقع" بإطلالته على البحرين الأبيض والأحمر وإمتداده عبر قارتى آسيا وإفريقيا وإنتهاءا بـ "الموضع" بنيله وواديه. وهكذا يختزل أصحاب هذه الثقافة تاريخ الوطن إلى حقبة واحدة ويتجاهلوا الموروث الحضارى والثقافى لبقية االحقب. وهو الموروث الذى يتبدى على سبيل المثال فى لغة حديثنا اليومية (إمبو، مم، بخ ...) وفى الكثير من عاداتنا مثل إحياء ذكرى الأربعين. وهكذا يتناسى أصحاب هذه الثقافة مايذكره لنا تاريخ مصر المكتوب الذى يتجاوز 52 قرن (3200 ق.م – 2010 م). فلقد شهد هذا التاريخ أربعة عصور (أو حضارات) رئيسية. وأول هذه العصور هو "عصر التأسيس" الذى غطى الـ 29 قرن الأولى من عمر الأمة (3200 ق.م – 332 ق.م) أى مايعادل 56% من تاريخها. وهو العصر الذى تشكلت فيه النواة الصلبة للهوية المصرية نتيجة لتفاعل الإنسان المصرى مع بيئته الطبيعية موقعا وموضعا. ثم كان العصر الثانى "العصر الهلينستى" الذى تزاوجت فيه حكمة المصريين مع فلسفة اليونانيين وإستمر ثلاثة قرون (323 ق.م - 30 ب.م) ليمثل 6% من تاريخ الأمة. وأعقب هذا العصر "العصر المسيحى" الذى أثرى الهوية المصرية بما بشر به السيد المسيح وإستمر حوالى 6 قرون (33-640 م) أو مايعادل 12% من عمر الأمة. ثم جاء "العصر العربى/الإسلامى" الذى عرب لسان المصريين وأثرى هويتهم بتعاليم الإسلام وإمتد 14 قرن منذ فتح العرب لمصر سنة 640 وحتى يومنا هذا ليشكل بذلك 27% من تاريخ الأمة


ومكمن الخطورة فى هذه النظرة أنها تفضى إلى رؤية أحادية البعد للكيان المصرى. وهو الكيان الذى نشأت شخصيته وتطورت عبر مئات القرون كمحصلة لتفاعل حضارات مختلفة، فرعونية (مصرية قديمة) ويونانية وقبطية وإسلامية وحديثة، تمثلتها الأمة وهضمتها لتفرز خصوصيتها المتميزة. فهكذا تشكل الكيان المصرى لتكون شخصيته شخصية مركبة ومتعددة الأبعاد، ولكن فى وحدة وتكامل غير منقوصين. وهذا التعدد هو فى حقيقة الأمر هو رصيد قوتها الكامنة والمتجددة، وهو سر قدرتها على البقاء وتجاوز الأزمات، وهو محرك آلياتها للإبداع وللتكيف مع الجديد. وأى رؤية تختزل أبعاد هذه الشخصية إلى بعد واحد ليست فى نهاية الأمر إلا خصما من هذا الرصيد
إن الإعتراف بـ "مصرية المصريين" لايعنى "الفرعونية"، كما يحلو للبعض تسميتها ...!، أو إعادة إنتاج إحدى مراحل التاريخ المصرى القديم، أو "الإستعلاء" على الآخر والتفاخر الكاذب والمضلل، أو "الإنعزال" عما يدور فى المنطقة التى توجد مصر فيها من أحداث والإنكفاء على نفسها. ولكنه يعنى أهمية أن نأخذ فى الإعتبار ثراء وتنوع مكونات الكيان المصرى الذى تقوم عليه "قوة مصر الناعمة". هذا بالإضافة إلى الإعتراف بـ "تمايز"، وليس "تميز"، الأمة المصرية عن غيرها من الأمم. وأخيرا فهو يعنى ضرورة التفاعل الإيجابى المؤثر والفعال مع مايدور فى منطقتنا من أحداث طبقا لما تمليه المصالح العليا لمصر، أو إنطلاق من مرجعية مصرية خالصة


ثقافة الديموقرطية
يتطلب تفعيل مفهوم الديموقراطية فى أى مجتمع وجود بنية تحتية من القيم. وعلى رأس هذه القيم قيم "إحترام التعدد"، سواء كان تعددا فى الفكر أو العرق أو الدين، و"المساواة"، بما تعنيه من حق الإنسان فى أن يعامل على قدم المساواة بغض النظر عن عرقه أو جنسه أو دينه أو وضعه الإقتصادى، و"الحرية"، بكل أبعادها الشخصية والسياسية والإقتصادية. وينطوى مفهوم "الحرية" على ثلاثة أنواع من الحقوق هى الحقوق السياسية والمدنية والإجتماعية. وتشمل الحقوق السياسية الحق فى التصويت، الحق فى تكوين الأحزاب والتنافس من أجل الحكم. أما الحقوق المدنية فتشمل على سبيل المثال الحرية الشخصية، ضمان الأمن، حماية الخصوصية، الحرية الدينية، الحرية الفكرية، الحق فى التعبير عن الرأى، حرية التجول والإستقرار، حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأخيرا نصل إلى مجموعة الحقوق الإجتماعية التى تضم بالإضافة الحق فى الملكية الخاصة الحقوق المتعلقة بالتوظف وبالأجر العادل
(Diamond & and Leonardo Morlino, 2004).


وعلى الرغم من مرور 143 سنة على إنشاء مجلس شورى النواب سنة 1866 وعلى الرغم من تعدد تجارب الحياة الحزبية التى مر بها المجتمع المصرى منذ هذا التاريخ فإن فكرة الديموقراطية لاتزال غير مترسخة فى ثقافة المجتمع المصرى. وليس هذا بالأمر الغريب فتفعيل مفهوم الديموقراطية فى أى مجتمع يستلزم وجود بنية تحتية من قيم "إحترام التعدد" و"الحرية" و"المساواة". ونظرة متأملة لأوضاع المجتمع المصرى، على وجه العموم، ولأحوال مثقفيه المسئولون عن ترسيخ وإشاعة هذه القيم، على وجه الخصوص، يكتشف مدى تآكل البنية التحتية القيمية اللازمة لتفعيل مفهوم الديموقراطية. فأول من يهدر من قيمة "إحترام التعدد"، على سبيل المثال، هم المثقفين أنفسهم، سواء كانوا من مثقفوا التجديد أو من مثقفوا التقليد. فمن يخرج عن الإتجاه السائد، فكرة كان أو موقف، هو فى عرف مثقفوا التقليد خارج عن الملة ودمه مستباح وهو فى عرف مثقفوا التجديد خائن أو عميل. وما واقعة فصل إتحاد الكتاب المصرى لأحد أعضائه لخروجه عن الإتجاه السائد إلا مثال واحد من أمثلة يصعب حصرها


ومما يفاقم إهدار قيمة "إحترام التعدد" سيادة مفهوم "الحقيقة النهائية والمطلقة" أو "ثقافة الأبيض والأسود". فلا يوجد فى عرف هذه الثقافة معنى للألوان الرمادية ولاتتوفر لديها شجاعة الإعتراف بإمتزاج الخطأ والصواب فى أحكامنا وتقديرنا للأمور. وبهذا تسود "النظرة أحادية البعد" لكل ما نواجهه من أحداث ولكل من نتعامل معهم من شخوص. فمن نرضى عنه نرفعه إلى مرتبة أولياء الله الصالحين المبرأين من كافة النواقص والعيوب، ومن لانرضى عنه نهوى به إلى مرتبة الشياطين (السيد, 2010).ء


المراجع


Diamond, L., & and Leonardo Morlino, , 15 (4), , 20-31. 2004. The Quality of Democracy, An Overview. Journal of Democracy.
السيد, ا. ن. ا. 2010. ثقافتنا المعاصرة: التحديث أو الكارثة. القاهرة: دار المحروسة
المسيرى, ع. ا., & العظمة, ع. 2000. العلمانية تحت المجهر. دمشق: دار الفكر المعاصر


زايد, أ. 2011. ماذا تعنى الدولة المدنية؟. الشروق, 26 فبراير:
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=397166.
قلادة, و. س. 1999. مبدأ المواطنة: دراسات ومقالات. القاهرة: المركز القبطى للدراسات

الرابط :http://civicegypt.org/?cat=26 (http://civicegypt.org/?cat=26)

ابواحمد
13-05-2011, 08:59 PM
الفرق بين الدولة الدينيه .. والدولة المدنيه .. والدولةالمدنيه ذات المرجعيه الاسلامية (http://forum.al-wlid.com/t208667.html): نقلا عن موقع الوليد
الفرق باختصار يتلخص فى الاتى ..
دولة دينيةتعنى:--دولة لها دين واحد فقط تسمح به و تمارس شعائره و لا يوجد دين آخر فى هذه الدولة (http://forum.al-wlid.com/t208667.html)مسموح له بممارسةالشعائر....مثال لدولة دينية دولة الفاتيكان فهى كلها للمسيحيين فقط و غير مسموح ببناء المساجدفيها
دولة مدنية فقط:- تسمح للجميع بممارسة الشعائر وبالحياة مع بعضهم البعض و يحكمهم قانون الدولة ( الوضعى ) الغير مستمد من أى ديانةو من أهم مساوئها أنها تسمح بكل شىء و ليس هناك شىء محظور فكما تسمح لليهود والمسلمين و المسيحيين بشعائرهم فإنها أيضا تسمح لعباد البقر و الشجر و الذين لايؤمنون بأى معتقد سماوى بممارسة شعائرهم و أيضا تعطى حرية للشواذ و غيرها و منأمثلة هذه الدول ..أمريكا
دولة مدنية ذات مرجعيةإسلامية :-- يعنى نفس نظام الذى انتهجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فى المدينة المنورة...فهى دولة مدنية تمارس فيها كل الحريات ويتم اتخاذ القرارت بناءا على رأى الاغلبيه .. ولكن تشريعها إسلامى يكفل العدل للمسلم و غير المسلم على حدسواء......................... يعيش فيها المسلمين مع المسيحيين و اليهود و مسموحلكل من المسيحيين واليهود بممارسة عباداتهم و الذهاب لمعابدهم و كنائسهم و لهم حريةاختيار الدين
دولة تقوم على العدل المطلق بين كل مواطنيها مهما كانتديانتهم
ولمن يريد الاستزادة ( وهى ضروريه ) .. لم اجد اروع مما كتبهالفقيه الدستورى الدكتور يحى الجمل
فقد كتب يقول .." كنت أتصور أنهذه القضية قد انتهت منذ زمن بعيد ولكن السنوات الأخيرة أظهرت أنها استيقظت منجديد.
ولكي نقدم للقارئ رأينا حول هذا الأمر فإننا يجب أن نعرف أولاً معنيالدولة الدينية، وهل يعرف الإسلام هذه الدولة الدينية، وهل عرفتها المسيحية في وقتمن الأوقات.
وبعد ذلك نعرض للدولة المدنية ومعناها أيضًا، وهل في الأديانعامة والإسلام خاصة ما يرفض الدولة المدنية.
وهناك مسألة أخري قد تحسنالإشارة إليها وبيان صلتها بكل من الدولة الدينيةوالدولة (http://forum.al-wlid.com/t208667.html)المدنية ألا وهي «العلمانية» وهل الدولة العلمانية مرادفة للدولة المدنية أم أنهناك تمايزًا بينهما.
وأنا أعرف أنها مسائل قد تبدو دقيقة ولكن معرفتهاوالإحاطة بمضمونها قد تكون مهمة ونحن في هذه المرحلة من مراحل التحول، وسأحاول قدراستطاعتي تبسيط هذه الأمور مع الحفاظ علي الطابع العلمي الميسر.
ونحاولبداءة أن نوضح معني الدولة الدينية، من الناحية التاريخية فقد كانت السلطة في الماضي تنتمي إلي «اللّه» وكان بعض الفراعنة آلهة وبعضهم تواضع واعتبر نفسه ابنً اللإله. ثم تطورت الأمور بعض الشيء لكي يكون الحكم بمقتضي الحق الإلهي المقدس، وهذهالصور القديمة كلها هي من صور الدولة الدينية قبل ظهور الأديان السماوية، وهكذا نريأن الدين حتي الدين البدائي اختلط بالدولة وصبغها بصبغته.
ولما جاءتاليهودية وأنزل الله الوصايا العشر علي سيدنا موسي بدأت في الظهور دولة دينية ولكنها كانت دولة لمجموعة من الناس هم بنو إسرائيل شعب اللّه المختار ولم تكن دولةلكل الناس ولم تكن صالحة للتقليد ولا للتصدير،
كانت اليهودية دينًا لقومبعينهم هم بنو إسرائيل، وقامت الدولة العبرية علي أساس الدين وبلغت أوج ازدهارها فيحكم النبي سليمان ثم دمرها بعد ذلك بنوختنصر وشتت أهلها في أركان الأرض وظلت الأموركذلك إلي أن بدأت الحركة الصهيونية التي استطاعت أن تعيد بناء دولة إسرائيل عام١٩٤٨وحتي الآن، وأساس الدولة الديني واضح وغير منكور.
وبعد اليهودية جاءتالمسيحية، ولكن المسيحية تختلف تمامًا عن اليهودية في أنها دين للناس كافة. صحيحجاء هذا الدين أولاً لبني إسرائيل، ولكنهم أنكروه، وانتشرت المسيحية عندما اعتنقهاالأباطرة الرومان وأصبحت هي الدين الغالب في العالم،وقد مرت علاقة المسيحيةبنظام الدولة بثلاث مراحل، المرحلة الأولي هي التي ساد فيها مبدأ «دع ما لقيصرلقيصر وما لله لله» ولم تعرف هذه المرحلة الدولة الدينية، ذلك أن الدين الجديد كانيهدف أساسًا إلي نشر مبادئه والتبشير بالقيم الروحية من تسامح ومحبة وإخاء بين بنيالبشر، وكان يتفادي الصدام مع الأنظمة الحاكمة.

ولكن المسيحية بعد انتشارهاوبعد أن أصبحت الكنيسة أكبر مالك للأرض وأصبحت قوة روحية وسياسية هائلة، استطاعبابوات الكنيسة أن يفرضوا سلطانهم علي الدولة حيث إن الحكام كانوا يكتسبون شرعيتهممن الكنيسة وكان البابوات هم الذين ينصبون الأباطرة، وكانت الكنيسة إذا سحبت منالملوك هذه الشرعية فإن الرعايا ما كانت تجب عليهم طاعة هؤلاءالحكام.

ابواحمد
13-05-2011, 08:59 PM
وفي هذه الفترة نستطيع إن نقول أن أوروبا عرفت الدولةالدينية.
وبعد أن بدأ عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية بدأت العودة منجديد إلي مبدأ «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، وبقيام الثورة الفرنسية الكبري عام١٧٨٩انتهت تمامًا فكرة الدولة الدينية في أوروبا وتم الفصل بين الدين والدولة معتقرير حرية التدين والاعتقاد كحريات سياسية ودستورية.
وإذا كانت المسيحية قدبدأت في قلب الدولة- الإمبراطورية الرومانية- فإن الإسلام- علي عكس ذلك- بدأ فيبيئة صحراوية بدوية لا تعرف معني الدولة ومن الممكن أن يقال إن الرسالة الجديدة بكلما حملته من أفكار كانت هي التي أدت إلي ظهور الدولة في هذا الركن من العالم، وقدبدأت الدولة الإسلامية الأولي في المدينة المنورة وكان الرسول صلوات اللّه عليه هومُبلغ الرسالة من ناحية وهو الذي يمارس سلطة الحكم من جهة أخري، ومن هنا نجد عمقالارتباط بين ظهور الدولة ونشأتها وبين الرسالة الجديدة.
وعندما توفي الرسولصلي الله عليه وسلم وانقطع الوحي جري التساؤل عن الحكام من بعده هل هم خلفاء اللهعلي الأرض أم هم خلفاء رسول الله، والفارق واضح تمامًا بين الأمرين، وكان الرأيالغالب أن الخلفاء هم خلفاء الرسول وإذا كان الرسول بشرا فإن خلفاءه من البشريخطئون ويصيبون ويحاسبون، وإذا كان المسلمون أعلم بشؤون دنياهم وكان أمرهم شوريبينهم، فإن الرأي الراجح لدي المفكرين الإسلاميين أن الإسلام لا يعرف الدولةالدينية، ولكن واحدة منالفرق (http://forum.al-wlid.com/t208667.html)الشيعية هم الشيعةالإمامية يقولون بولاية الفقيه وبذلك يقتربون من فكرة الدولة الدينية.
هذاعن التطور التاريخي لفكرة الدولة الدينية التي لم يعد يقول بها أحد في العصر الحديثإلا بعض غلاة اليهود وبعض غلاة ما يعرف باسم المسيحية الصهيونية وبعض غلاة الشيعة،أما عدا هؤلاء فهم لا يعرفون إلا الدولةالمدنية.
فما هو مفهوم الدولة المدنية؟
إذا كانت المرجعية في الدولةالدينية لأمور خارج نطاق البشر وفوق عقولهم فإن المرجعية في الدولة المدنية هيلإرادة الناس وفكرهم، ذلك أن الدولة المدنية تقوم علي مبدأ أساسي مقتضاه أن إرادةالناس هي مصدر كل السلطات ومرجعيتها النهائية.
والدولة المدنية التي تقومعلي أساس القانون وتتبني النظام الديمقراطي هي دولة تقوم أيضًا علي أساس مبدأالمواطنة أي أن مواطنيها جميعًا- مهما اختلفت أصولهم العرقية أو معتقداتهم أوأفكارهم أو دياناتهم- هم لدي القانون سواء في حقوقهم المدنيةوالسياسية.
وتوشك دول العالم كلها أن تكون الآن دولاً مدنية، وقد تكونالجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة إسرائيل- علي ما بينهما من اختلاف شديد- هماالمثلان المعاصران القريبان من فكرة الدولةالدينية.
ويجري تساؤل خاص بمصر لابد أن نتعرض له.
هل المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها عام ١٩٨٠- تبعد مصر عن الدولة المدنية وتقربها من مفهوم الدولةالدينية، هذا سؤال دقيق ويثير كثيرًا من الحساسيات وكثيرًا من المناقشات في هذهالأيام؟
كانت المادة الثانية عند أصل وضعها في دستور ١٩٧١ تقول: «الإسلامدين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسيللتشريع».
وعدلت هذه المادة عام ١٩٨٠ لكي تقول «… ومبادئ الشريعة الإسلاميةالمصدر الرئيسي للتشريع».
والحقيقة أن الهدف الأساسي من وراء هذا التعديل هوكما قلت أكثر من مرة كان للتغطية علي سوءات تعديل المادة ٧٧ من الدستور، التي أطلقتمدد الرئاسة إلي أبد الآبدين، وقد وصفت تعديل المادة الثانية بأنه نوع من النفاقالسياسي ودغدغة مشاعر الجماهير أكثر منه توجهًا نحو فكرة الدولةالإسلامية.
وجاءت المحكمة الدستورية العليا فحكمت بأن هذا التعديل يخاطبالمشرع ولا يخاطب القاضي وأن مبادئ الشريعة الإسلامية التي تعتبر كذلك- المصدرالرئيسي- هي المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة وهذه بطبيعتها محدودة للغاية، ذلكأن الغالبية الكبري من الأحكام الشرعية فيها اجتهادات واختلافات كثيرة بين الفقهاءالمسلمين والمذاهب المختلفة، بل إنه بين فقهاء المذهب الواحد تتعدد الآراء ومن ثمفإن حكم المحكمة الدستورية الذي اقتضي شرطي قطعية الثبوت وقطعية الدلالة جعل تطبيقهذه المادة شديد المحدودية والضيق.
وتقديري أن التفكير في تعديل هذه المادةوإعادتها إلي أصلها الآن قد لا يكون هو أفضل الخيارات السياسية، ومع ذلك فإن هذهالمادة حتي بعد تعديلها لا تجعل من مصر دولة دينية وإن كانت بيقين تزيد نظريا منمساحة المرجعية الدينية للتشريع في الدولة.
تبقي بعد ذلك كلمة أخيرة عن «العلمانية» بفتح العين.
الدولة العلمانية ضد الدولة الدينية وضد أي تأثير للدينعلي الدولة.
والدولة العلمانية والدولة المدنية لا يتطابقان، ذلك أن الدولةالعلمانية في جوهرها مناهضة للدين، ذلك علي حين أن الدولة المدنية تقر حرية الأديانوالعقائد وتحترم اختلافات الناس في معتقداتهم ولا تفرق بين المواطنين أي تفرقة عليأساس الدين.
ولعل أخطر ما في الدولة الدينية- وهو ما يدعو إلي قول «لا» بالنسبة لها- أنها تجعل الحاكم يتكلم باسم اللّه ومن ثم لا تجوز مراجعته ولامساءلته وبهذا تفتح هذه الدولة الباب واسعًا للاستبداد باسم الدين وهو أسوأ أنواعالاستبداد وقد لا يضاهيه إلا ما نعانيه.
واللّه المستعان. "