المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ صحابي ابن صحابي رغم أنف حزب التحرير !!! منقوول



فرج الطحان
27-04-2011, 03:40 PM
معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ صحابي ابن صحابي رغم أنف حزب التحرير !!!
إعداد: الشيخ علي بن محمد أبو هنية
قلت: سبحان الله! متى أسلم معاوية؟
قال: لا أدري.
قلت: أنا أقول لك: أسلم عام الفتح على أصح القولين, والقول الآخر أنه أسلم عام القضية وأخفى إسلامه, حتى أعلنه في فتح مكة.
فقلت: ومتى كان فتح مكة؟
قال: لا أدري.
قلت: كان في السنة الثامنة للهجرة النبوية.
فقلت: ومتى توفي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟
قال: لا أدري.
قلت: في أول السنة الحادية عشرة للهجرة.
فقلت: اتقوا الله في أنفسكم, إن تظنون إلا ظناً وما أنتم بمستيقنين.
فعلى تعريفكم هذا ـ إن صح ـ الذي تعتمدونه في تعريف الصحابي, فإن معاوية يكون صحابياً.
فقال: كيف؟
قلت: أولاً: بين إسلام معاوية ـ رضي الله عنه ـ وهو عام فتح مكة ـ وموت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قرابة الثلاثة أعوام, وليس عاماً أوعامين فقط كما تطلبون. ومعاوية ـ رضي الله عنه ـ كان كاتباً للوحي في هذا الوقت, أي يلزم من ذلك ملازمته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

ثانياً: ألم تكن غزوة حنين, وغزو الطائف, وغزوة تبوك بعد فتح مكة؟ فهذه ثلاث غزوات شهدها معاوية ـ رضي الله عنه ـ.
فإن قلت: أين الدليل على أنه شهد تلك الغزوات؟ أقول لك: وأين الدليل على أنه لم يشهدها طالما ثبت إسلامه قبلها؟
فلمَ اخترتم له الجانب الأنقص والأقل والأدنى في حقه, ولم تختاروا له الجانب الأعلى والأشرف والأكمل, وليس عندكم سوى الخرص والظن, إضافة إلى مخالفتكم لما هو مستفيض ومتواتر عند علماء أهل السنة والجماعة في كونه صحابياً؟
قال: ولكن له مناقب وفضائل كثيرة, ونحن لا ننتقصه.
قلت: سبحان الله!! وأي انتقاص أعظم من نفيكم عنه الصحبة؟!
فبهت الذي تحزب كالفاقد صواباً, وبهت الذي تعصب ولم يُحْرِ جواباً.
حقيقة مؤلمة:
أقول: تلكم الفرية أوردها النبهاني في كتبه, ولعله تلقفها من المعتزلة الذين بنى حزبه على عقيدتهم, وأسسه على أفكارهم, ثم صار أتباعه يرددونها دون علم ولا حلم, وقد صدق شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ حين سماهم (أفراخ المعتزلة), فكأن تعريفهم هذا للصحابي يخرج من مشكاة المعتزلة.
يقول الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: "وقول المعتزلة: الصحابة عدول إلا من قاتل علياً؛ قولٌ باطلٌ مرذول ومردود". "الباعث الحثيث"(2/499)
وسبب نفي الصحبة عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ معروف بطبيعة الحال, وهو أن الصحابة كلهم عدول لا يجوز الطعن فيهم ولا جرحهم, وإخراج معاوية من دائرة الصحبة يعني إدخاله في دائرة الجرح والتعديل, فيهنأ لهم الطعن فيه ـ رضي الله عنه ـ, حتى إذا أُنكر عليهم, قالوا: نحن لم نطعن في صحابي, ولم نجرح في مُعَدَّل.
وكما قرأتم ليس عندهم أدنى علم في هذه المسائل العظيمة, إنما هم يهرفون بما لا يعرفون, ورضوا بأن يكونوا مجرد أبواق لكذبات وافتراءات غيرهم, دون النظر والتأمل في عواقب كلامهم.
وبعد ذلك تنادون يا حزب التحرير بالحكم بما أنزل الله!
فوالله ما حكمتم بما أنزل الله في حق أنفسكم, ولا في حق هذا الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
وشهد شاهد من أهلها:
وما ذكرته آنفاً من أن حزب التحرير نفوا الصحبة عن معاوية من أجل جرحه والطعن فيه حقيقة ثابتة, انظر ماذا يقول محمد الشويكي ـ التحريري سابقاً ـ في كتابه"الصواعق الهاوية"ص37: "ثم إن نفيهم ـ أي حزب التحرير ـ لصحبة معاوية جعلهم يتطاولون عليه ويجرحونه, فقد جاء في كتاب "نظام الحكم في الإسلام" وهو من منشورات حزب التحرير الطبعة الثانية 1374هـ ـ 1953م والثالثة 1410هـ ـ 1990م والطبعة الرابعة 1417هـ ـ 1996م والطبعة السادسة وأظنها الخامسة لكنهم أخطأوا ربما في الطباعة وهي مؤرخة 1422هـ ـ 2002م وكل هذه الطبعات ذكرت معاوية وتهجمت عليه منذ خمسين عاماً, وذلك في باب (ولاية العهد من الكتاب المذكور), فقالوا عنه: إنه ابتدع منكراً, وإنه يحتال على النصوص الشرعية, وإنه يتعمد مخالفة الإسلام, وإنه لا يتقيد بالإسلام, وإن طريقة اجتهاده على أساس المنفعة لا على أساس الإسلام.
وفي كتاب يسمونه: "الكراسة" أو "إزالة الأتربة" يتهمون معاوية بالإجرام والكذب, وذلك في باب "مغتصب السلطة".اهـ
قلت: سبحان الله! ما أشبه اليوم بالبارحة, ما أشبه طعنهم هذا بما يقوله الخوارج والشيعة والمعتزلة والجهمية في حق الصحب الكرام رضوان الله عليهم.

فرج الطحان
27-04-2011, 03:43 PM
حزب التحرير يقول:
جاء في ما يسمى بـ(الملف الفكري) ( ص148)لحزب التحرير ما نصه: " الصحابي وكل من تتحقق فيه معنى الصحبة, وفُسِّر بأنه إذا صحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة أو سنتين, وغزا معه غزوة أو غزوتين, ومعاوية أسلم وعمره 13 سنة, ولم يرد أنه ذهب إلى المدينة وسكن فيها في حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحَبَه, والرسول مكث في مكة مدة قصيرة لا تتحقق فيها معنى الصحبة, وعليه فمعاوية ليس صحابياً ".اهـ
وقال النبهاني في كتاب "الشخصية الإسلامية"(1/43): "ومثلاً قد يقال: معاوية بن أبي سفيان رأى الرسول واجتمع به, وكل من رأى الرسول واجتمع به فهو صحابي, فالنتيجة أن معاوية بن أبي سفيان صحابي, وهذه النتيجة خطأ, فليس كل من رأى الرسول واجتمع به صحابي, وإلا لكان أبو لهب صحابياً".اهـ
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق:
والرد على هذه الترهات والمغالطات من عدة وجوه:
1ـ أن هذا التعريف للصحابي مخالف لتعريف جماهير المحققين من أهل العلم:
* قال النووي ـ رحمه الله ـ: " فأما الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو لحظة. هذا هو الصحيح في حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدثين كافة ". "شرح مسلم"(1/35)
وقال ـ رحمه الله ـ: " إن الصحيح الذي عليه الجمهور, أن كل مسلم رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو ساعة فهو من أصحابه ". "شرح مسلم"(16/85)
* وقال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: " الصحابي: من رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حال إسلام الرائي, وإن لم تطل صحبته له, وإن لم يروِ عنه شيئاً.
هذا قول جمهور العلماء, خلفاً وسلفاً ". "الباعث الحثيث"(2/491)
* وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: " أصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مؤمناً به ومات على الإسلام, فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته أو قصرت, ومن روى عنه أو لم يروِ, ومن غزا معه أو لم يغزُ, ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه, ومن لم يره لعارض كالعمى,....ثم قال: وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين, كالبخاري, وشيخه أحمد بن حنبل, ومن تبعهما, ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة ". "الإصابة في تمييز الصحابة"(1/7)
2ـ قرر أهل العلم أن الصحابي يُعرف بعدة أمور, ليس فيها ولا منها من قريب ولا من بعيد شهادة حزب التحرير له بأنه صحابي.
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: " وتعرف صحبة الصحابة تارة بالتواتر, وتارة بأخبار مستفيضة, وتارةً بشهادة غيره من الصحابة له, وتارةً بروايته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سماعاً أو مشاهدةً مع المعاصرة ". " الباعث الحثيث"(2/491)
قلت: وكل ذلك متحقق في معاوية ـ رضي الله عنه ـ, فقد عرفت صحبته بالتواتر والاستفاضة, وتلقي الأمة ذلك جيلاً عن جيل, وشهد له غيره من الصحابة بالفضل وعلو المنزلة, وروى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكثير من الأحاديث سماعاً ومشاهدةً. فلا يضره ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ عدم شهادة حزب التحرير له بالصحبة, فإن شهادة حزب التحرير ليست من الأمور التي تعرف بها الصحبة! كما عند المحققين من أهل العلم! ولو كانت تشترط لذكرها الحافظ ابن كثير وغيره.
3ـ على فرض صحة الأثر الذي ينقلونه عن ابن المسيب ـ رحمه الله ـ فإنه لا حجة فيه لنفي الصحبة عن معاوية, بل هو حجة في إثبات صحبته, كما تقدم في بداية الكلام, في أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غزا غزوتين بعد فتح مكة, بل هي ثلاثة: حنين, والطائف, وتبوك؛ فلا يستبعد كون معاوية قد شهدها, وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد عاش بعد الفتح أكثر من سنتين, فلا يستبعد أيضاً ملازمة معاوية له هذه المدة خاصة وأنه من كُتَّاب الوحي.
4ـ هذا الأثر عن سعيد بن المسيب لا يصح سنداً ولا متناً, وإليكم كلام أهل العلم في ذلك:
* قال النووي ـ رحمه الله ـ في "التقريب": " وعن سعيد بن المسيب أنه لا يعد صحابياً إلا من أقام مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة أو سنتين, أو غزا معه غزوة أو غزوتين, فإن صحَّ عنه فضعيفٌ, فإن مقتضاه أن لا يُعَدَّ جرير البجليُّ وشِبهُه صحابياً, ولا خلاف أنهم صحابة".
قلت: قول النووي: " فإن صحَّ عنه فضعيفٌ " أي إن صح سنداً فلا يصح متناً, لأنه مخالف لما عليه جماهير أهل العلم, ويترتب عليه أمور لا يقول بها حتى من يتبنى هذا التعريف.
قال الحافظ السيوطي ـ رحمه الله ـ شارحاً: " ( فإن صح ) هذا القول ( عنه فضعيف فإن مقتضاه أن لا يعد جرير ) بن عبد الله ( البجلي وشبهه ) ممن فقد ما اشترطه كوائل بن حُجر ( صحابياً ولا خلاف أنهم صحابة ).
قال العراقي: ولا يصح هذا عن ابن المسيب, ففي الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي ضعيف في الحديث ". "تدريب الراوي"ص376
* قال ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ: " وقد روينا عن سعيد بن المسيب: أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين. وكأن المراد بهذا ـ إن صح عنه ـ راجع إلى المحكي عن الأصوليين. ولكن في عبارته ضيق يوجب ألا يُعَدَّ في الصحابة جرير بن عبد الله البجلي, ومن شاركه في فَقْد ظاهر ما اشترطه فيهم, ممن لا يُعرف خلافٌ في عده من الصحابة ". " مقدمة ابن الصلاح"(1/171)
* قال الحافظ العلائي ـ رحمه الله ـ معقباً على كلام ابن الصلاح: " قلت: مثل وائل بن حجر، ومعاوية بن الحكم السلمي، وخلق كثير ممن أسلم سنة تسع وبعدها، وقدم عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فأقام عنده أياماً، ثم رجع إلى قومه، وروى عنه أحاديث.
اللهم إلا أن يُؤوَّل كلامُ سعيد بن المسيِّب على من يعطى كمال الصحبة المقتضي للعدالة، على ما اختاره الإمام المازري ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ من قوله: "إن العدالة المطلقة إنما يحكم بها لأمثال هؤلاء"، وهو قول مرجوح أيضاً كما سنبينه إن شاء الله تعالى". "تحقيق منيف الرتبة" ص38
* قال الحافظ السخاوي ـ رحمه الله ـ: " وهو ظاهر في توقفه ـ أي ابن الصلاح ـ في صحته عن سعيد, وهو كذلك, فقد أخرجه ابن سعد عن الواقدي وهو ضعيف في الحديث.
وحكى ابن سعد عنه ـ أي الواقدي ـ أيضاً أنه قال: رأيت أهل العلم يقولون غير ذلك, ويذكرون جرير بن عبد الله وإسلامه قبل وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخمسة أشهر أو نحوها". "فتح المغيث"(3/102)
قلت: وإليك كلام أئمة الجرح والتعديل في الواقدي:
قال الذهبي ـ رحمه الله ـ في "السير"(9/454ـ462): " أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه.
ثم قال: وذكره البخاري, فقال: سكتوا عنه, تركه أحمد وابن نُمير.
وقال مسلمٌ وغيره: متروك الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة.
ثم قال الذهبي: وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: كتب الواقدي كذب.
وعن ابن معين قال: ليس الواقدي بشيء, وقال مرة: لا يكتب حديثه.
وقال الدولابي: حدثنا معاوية بن صالح, قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب". اهـ

فرج الطحان
27-04-2011, 03:44 PM
* قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: " وفصل الخطاب في هذا الباب بأن الصحبة إذا أطلقت فهي في المتعارف تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: أن يكون الصاحب معاشراً مخالصاً كثير الصحبة, فيقال: هذا صاحب فلان, كما يقال: خادمه, لمن تكررت خدمته, لا لمن خدمه يوماً أو ساعةً.
والثاني: أن يكون صاحباً في مجالسة أو مماشاة ولو ساعة, فحقيقة الصحبة موجودة في حقه وإن لم يشتهر بها.
فسعيد بن المسيب إنما عنى القسم الأول, وغيره يريد هذا القسم الثاني.
وعموم العلماء على خلاف قول ابن المسيب, فإنهم عدوا جرير بن عبد الله من الصحابة, وإنما أسلم في سنة عشر, وعدوا في الصحابة من لم يغزُ معه, ومن توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو صغير السن.
فأما من رآه ولم يجالسه ولم يماشه فألحقوه بالصحابة إلحاقاً, وإن كانت حقيقة الصحبة لم توجد في حقه". "تلقيح مفهوم أهل الأثر"ص101
قلت: وقد علمت مسبقاً أن الأثر لا يصح أصلاً, ولكن هذا التفصيل تمشياً مع القوم على فرض صحته.
حَيْرة:
عجباً لهؤلاء الحزبيين, أهم من أهل السنة حقاً! كيف يحملون في قلوبهم على هذا الصحابي, ويجلبون بخيلهم ورجلهم لنفي الصحبة عنه, متبنين الأقوال الضعيفة, تاركين الأقوال المسندة الصحيحة التي عليها جماهير أهل العلم والفضل من السلف الصالح, فقط من أجل تمشية قول رمزهم ومؤسس حزبهم (النبهاني) وعدم تخطئته, تالله إنها لعين العصبية الجاهلية التي قال فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "دعوها فإنها نتنة". ويلهم أما علموا أن الشيعة الذين لم يسلم منهم أحد من الصحابة إلا وسبوه, قد اثبتوا صحبة معاوية, فالشيعة حتى مع سبهم له يثبتون صحبته, ويزعمون أنه قد نزل في حقه آيات من القرآن في الوعيد, وأما حزب التحرير ـ من أهل السنة زعموا ـ ينفون صحبته!!!!! سبحانك هذا بهتان عظيم.
شيء من فضائل معاوية ـ رضي الله عنه ـ:
1. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهد به . يعني معاوية ". أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة/1969)
2. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب ". أخرجه أحمد وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة/ 3227)
3. عن أم حرام قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: قلت يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: " أنت فيهم". ثم قال النبي: " أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: " لا ". أخرجه البخاري (2924)
قال المهلب: " في الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ".
وقال الحافظ: " وقوله "قد أوجبوا " أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة ". (من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية)ص143
* قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: " قال ابن وهب عن مالك عن الزهري قال: سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, فقال لي: اسمع يا زهري, من مات محباً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وشهد للعشرة بالجنة وترحم على معاوية كان حقاً على الله أن لا يناقشه الحساب. وقال سعيد بن يعقوب الطالقاني: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز. وقال محمد بن يحيى بن سعيد: سئل ابن المبارك عن معاوية, فقال: ما أقول في رجل قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: سمع الله لمن حمده, فقال خلفه: ربنا ولك الحمد. فقيل له: أيهما أفضل هو أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال لتراب في منخري معاوية مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز. وقال غيره: عن ابن المبارك قال: معاوية عندنا محنة, فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم ـ يعني الصحابة ـ. وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وغيره: سئل المعافى بن عمران: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب, وقال للسائل: أتجعل رجلاً من الصحابة مثل رجل من التابعين؛ معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله, وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وكذا قال الفضل بن عتيبة, وقال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي: معاوية ستر لأصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه. وقال الميموني: قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام. وقال الفضل ابن زياد: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن رجل تنقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له رافضي؟ فقال إنه لم يجترىء عليهما إلا وله خبيئة سوء. ما انتقص أحدٌ احداً من الصحابة إلا وله داخلة سوء. وقال ابن مبارك عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال: ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانا قط إلا إنساناً شتم معاوية فإنه ضربه أسواطاً. وقال بعض السلف: بينما أنا على جبل الشام إذ سمعت هاتفاً يقول: من أبغض الصديق فذاك زنديق, ومن أبغض عمرَ فإلى جهنم زمرا, ومن أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن, ومن أبغض علي فذاك خصمه النبي, ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية, إلى جهنم الحامية, يرمى به في الحامية الهاوية. وقال بعضهم: رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية إذ جاء رجل فقال عمر: يا رسول الله! هذا يتنقصنا. فكأنه انتهره رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, فقال: يا رسول الله إني لا أتنقص هؤلاء, ولكن هذا ـ يعني معاوية ـ فقال: ويلك, أوليس هو من أصحابي؟ قالها ثلاثاً ثم أخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حربة فناولها معاوية, فقال: جابها في لبته. فضربه بها. وانتبهت فبكرت إلى منزلي, فإذا ذلك الرجل قد أصابته الذبحة من الليل ومات, وهو راشد الكندي. وروى ابن عساكر عن الفضيل بن عياض أنه كان يقول معاوية من الصحابة من العلماء الكبار ولكن ابتلي بحب الدنيا ".اهـ "البداية والنهاية"(8/139ـ140)
شهادة مقبولة, وشهادة مردودة:
وقد شهد له وعدَّه من الصحابة جم غفير من أهل العلم, في مصنفاتهم التي عنيت بالتراجم, والتي لم تعنى بالتراجم ولم يذكروه إلا بخير مثل:
ابن عبد البر في: " الاستيعاب في معرفة الأصحاب", وابن الأثير في: " أسد الغابة في معرفة الصحابة ", وابن حجر العسقلاني في: " الإصابة في تمييز الصحابة ", والذهبي في: " سير أعلام النبلاء ", وابن سعد في: " الطبقات الكبرى", وخليفة بن خياط في: " الطبقات ", والمزي في: " تهذيب الكمال ", وابن عساكر في: " تاريخ دمشق ", والخطيب البغدادي في: " تاريخ بغداد ", وأبو نعيم في: " معرفة الصحابة ". وغيرهم من العلماء مثل: البخاري, والطبري, وابن قتيبة, وابن الجوزي, وابن أبي حاتم, وابن حبان, وشيخ الإسلام, وابن كثير, وابن العماد, والسيوطي, وغيرهم.
وقال الحافظ العلائي ـ رحمه الله ـ : "وكذلك روى أيضاً عن معاوية جريرُ بن عبد الله البجلي، وأبو سعيد الخدري, وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، ومعاوية بن خَديج، والسائب بن يزيد، وجماعة غيرهم من الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ. وكل ذلك بعدما وقع منه من قتال علي ـ رضي الله عنه ـ. واتفق أئمة التابعين من بعدهم على الرواية عنه، وقبول ما رواه هو وعمرو بن العاص. وكل من قام معهما في الفتنة. فكان ذلك إجماعاً سابقاً على قول من قدح فيهم، حتى إن جعفر بن محمد بن علي روى عن القاسم بن محمد عن معاوية حديثاً. وقال محمد بن سيرين: كان معاوية رضي الله عنه لا يتهم في الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ".اهـ "تحقيق منيف الرتبة"ص105
ثم بعد ذلك يأتينا بعض المتهوكين, من جهلة الحزبيين, وبقلب مر مريض, ينكر هذا الأمر المستفيض, ويردُّ بجهالة جهلاء ما قرره الأئمة الأجلاء, ويأتي غير لازم لِحَدِّه, بقول تغني حكايته عن رده, ولو أنصف نفسه وأراد لها الخير, للزم جانب السلامة في هذا الأمر.
فهؤلاء أئمتنا وعلماؤنا من الصحابة ومن بعدهم يشهدون لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ بأنه صحابي, فلا تلزمنا شهادة حزب التحرير, إثباتاً ولا نفياً.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
والله أعلم, وصلى الله على نبينا محمد
بقلم:علي بن محمد أبو هنية
الاثنين6/4/1428هـ
الموافق 23/4/2007م

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:41 PM
الأخوة الكرام..
أولا: حزب التحرير ليس محدثاً ولا مؤرخاً، وإنما هو حزب سياسي له قضية معينة هي استئناف الحياة الإسلامية بإعادة الإسلام إلى معترك الحياة والدولة والمجتمع. وهو لا يبحث في الأشخاص، ولا ينقب في السير. وإنما يبحث أعمال الأشخاص إذا اقتضى عمله ذلك، فيبحث أعمال الحكام ويناقشها من زاوية الإسلام، صحابة كانوا أم غير صحابة، من الأولين أو الآخرين، من المتقدمين أو المتأخرين أو المعاصرين، فيقيس أعمالهم جميعاً بمقياس واحد هو مقياس الإسلام ليس غير. وهو لا يثبت لأحد صحبة أو ينفيها، إذ أن هذا ليس من عمله، وإن كان من عمله أن يبين واقع الصحابي ومن ينطبق عليه هذا الوصف.
وحزب التحرير عندما جاء على ذكر معاوية بن أبي سفيان إنما ناقش الأعمال التي قام بها، وقاسها بمقياس الشرع، ولا يهمه كثيراً إن كان معاوية صحابياً أم لا، لكن يهمه أن يناقش أفعال معاوية إن كانت تؤثر في حياة المسلمين، وهل هذه الأفعال من الشرع أو هل له شبهة دليل فيها أم لا. ومن ذلك ما ناقشه الحزب من فعل معاوية عندما استحدث ولاية العهد، وعهد بالخلافة لابنه يزيد من غير رضا الصحابة.
ثانياً: إن للصحبة معنى لغوياً، ومعنى عرفياً، اصطلاحياً. ولفظ الصحابي مأخوذ من الفعل صحب. يقول ابن فارس في المعجم ص587 "الصاد والحاء والباء أصل واحد يدل على مقارنة شيء ومقاربته. ومن ذلك الصاحب والجمع الصحب، كما يقال راكب وركب".
ويقول الفيروزآبادي في كتبه القاموس المحيط ص104 ما نصه: "صحيه، كسمعه، صحابة، ويكسر، وصحبةً: عاشره ... واستصحبه: دعاه إلى الصحبة، ولازمه"أ هـ
ومن هذا الباب تسمية الزوجة بالصاحبة قال تعالى {وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ }المعارج12 وسميت "صاحبة" لملازمتها لزوجها، وطول العشرة بينهما.
أما الاصطلاح فلا أحد يقول أن من رأى شخصاً آخر أنه صاحبه، ولا يطلق لفظ الصاحب على مجردمن رأى شخصاً آخر. فهذا ممتنع عند جميع العقلاء؛ فإنهم لا يطلقون وصف الصحبة والصاحب والصحابي لكل من رأي شخصاً آخر. فليس كل من رأي الشيخ أبو بكر الشاطري صاحباً للشيخ أبي بكر الشاطري.. وهكذا.
فمن أين جاء أن الصحابي هو "كل مسلم رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو لحظة" وأين الدليل على ذلك، من اللغة أو العرف؟!
ثالثاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه). وسبب ورود هذا الحديث كما في كتاب "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف لإبن حمزة الدمشقي 3/304: أخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها؟ فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهباً أومثل الجبال ذهباً لما بلغتم أعمالهم"
فالرسول صلى الله عليه وسلم فرق بين من تحققت فيه معنى الصحبة بطول العشرة والملازمة، وبين من لم تتحقق فيه. فعبد الرحمن بن عوف من السابقين، وخالد من المتأخرين، فطول ملازمة عبد الرحمن جعلته يستحق وصف الصحابي، أما خالد بن الوليد فلأنه حديث عهد بالإسلام لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليجعله صحابياً، وهذا لا يمنع أنه أصبح فيما بعد من صحابته، رضي الله عنهم أجمعين.
وهؤلاء الصحابة الكرام هم من ورد الثناء بحقهم من الله تعالى في القرآن الكريم.
رابعاً: إن الصحابة بهذا الوصف _رضوان الله تعالى عليهم_ جاء الثناء على مجموعهم، وأن نقلهم لهذا الدين جاء بعمومهم. وأن إجماعهم هو الإجماع المعتبر وهو الذي يكشف عن دليل من الوحي. فمن طعن في هذا فهو يرد الآيات القطعية التي جاء فيها ثناء الله عز وجل على الصحابة بمجموعهم.
خامساً: إن الثناء على الصحابة كان منصبا على أعمالهم، مقرونا بها، انظر إلى قوله تعالى { أشداء على الكفار رحماء بينهم} {أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين} {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}.
ويعلق القرآن الكريم على أخطاء وقعوا فيها، فيعلق على فِرار بعضهم يوم أحد، وعلى حرص بعضهم على الغنائم {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا} {تبتغون عرض الحياة الدنيا، فعند الله مغانم كثيرة ... فتبينوا}.
سادساً: إن هذا الثناء على مجموعهم، لا يعني أنهم معصومون كأفراد، ولا يعني أن أعمالهم لا تناقش، بل وقع منهم الخطأ، في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته. بل ووقع بعضهم في الخطأ الجسيم الذي ترتب عليه آثار بالغة، لذلك يجوز على الصحابة ما يجوز على سائر المسلمين لا فرق بين أبي بكر أو أبي موسى الأشعري، ولا بين عمر أو المغيرة بن شعبة، ولا بين علي أو ابن عباس رضي الله عنهم جميعا، فكل صحابي بمفرده وبعينه ليس معصوما، بل يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر. فهاهي عائشة رضي الله تعالى عنها تتهم بالإفك وهو أمر جسيم وهي من أمهات المؤمنين، فلم يُدفع عنها ذلك بعدالتها ولا بصحبتها، وإنما دفع ذلك بوحي الله فيها وإخباره بطهارتها وبراءتها. ولم يقل أحدٌ من الصحابة بل ولا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها من الصحابة العدول فلا تقع بمثل هذا مع ثقة الجميع منهم بدينها. وهذا هو الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير علياً وغيره في فراق أهله (عائشة) فلا يتكلم أحدهم بعدالةٍ أو صحبةٍ، بل ويسأل الرسول صلى الله عليه وسلم بريرة جاريتها فيقول: هل يريبك من عائشة شيء؟ فتجيبه بما فيه نزاهتها.
وكذلك من وقعوا في إشاعة حادثة الإفك دون تثبت ومنهم مسطح بن أثاثة قرابة أبي بكر الذي كان ينفق عليه مع عدالته وصحبته، و"قيل أنه زلق زلقة تاب عنها وضرب الحد عليها" فبقيت عدالته بعد توبته، وحوسب على عمله الجسيم.
وفي سياق الحادثة يقع جدال حاد بين سعد بن عبادة وأسيد، فيوصف سعد بأنه صالح لكن فيه حَمَيَّة، ويقول عنه أسيد "إنك منافق تجادل عن منافق".
وهاهو ماعز يقع في الزنا ولم تطهره إلا التوبة وإقامة الحد، ومنهم من استمر في شرب الخمر وعوقب عليه كنعيمان بن عمرو.
سابعاً: من كل هذا يتقرر أن الصحابي ليس معصوماً، وأنه يقع في الأخطاء والذنوب، وأن أعماله تناقش وتوصف بواقعها مهما كان مرَّاً. وإن كان لا يفسق، ولا يجرح في عدالته ما دام على الإسلام والصحبة. هذا في الصحابة، فكيف لا تناقش أعمال معاوية وتوصف بواقعها وبأثرها على الإسلام والمسلمين؟! ثم إن العصمة لمجموعهم لا للفرد الواحد منهم. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خير القرون قرني" لا يمكن أن يفهم منه أن من في قرنه لا يخطئ.
ثامناً: وعليه فالصحابة خير المسلمين على الإطلاق، وقد كانوا على حال عظيمة من الأعمال الكبيرة، من الهجرة والجهاد ونُصرة الإسلام وبذل المُهج والأموال وقتل الآباء والأبناء في سبيل الإسلام، والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين. وهذا يدل على القطع بعدالتهم ونزاهتهم، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدَّلين الذين يجيئون من بعدهم.

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:42 PM
وبناء على ذلك نقول:
1_ إن معاوية أسلم عام الفتح وهو وأبوه من الطلقاء، والفتح كان في رمضان من السنة الثامنة للهجرة، ولم يرو أنه ذهب إلى المدينة وسكن فيها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه. والرسول مكث في مكة مدة قصيرة لا يتحقق فيها معنى الصحبة، وعليه فمعاوية لا ينطبق عليه وصف الصحابي.
2_ إن الحزب قد تعرض لعمل معاوية فيما يختص بولاية العهد، لما لها من علاقة بسيره في دعوته فيما يتعلق بدولة الخلافة ونظام الحكم. وفرّق بين ما حصل من معاوية فيما يتعلق بولاية العهد وما حصل من أبي بكر وعمر، وبيّن بوضوح أن ما كان منهما هو ترشيح لا ينفذ إلا برضى أصحاب السلطان واختيارهم، ولذلك لا بد من بيعة المسلمين وقبول من يبايعونه, ولا يجوز أن تكون بالعهد لأنها عقد ولاية ينطبق عليها ما ينطبق على سائر العقود من حيث اشتراط الرضا. أما ما حصل من معاوية فقد استخلف ابنه، وأخذ له البيعة في حياته بالإكراه، ثم إن يزيد أخذ البيعة بالقوة والإجبار، ومن بعده استن الكثيرون سنة معاوية في أخذ البيعة لأبنائهم وسكت المسلمون خوف الفتنة!! ورغم أن النظام بقي نظام خلافة حتى آخر خليفة عثماني، لكن الفساد جاء من كيفية تطبيق البيعة, قال ابن بكير عن الليث "إنه _أي معاوية_ أول من جعل ولي العهد خليفة من بعده في صحته"، وقد اعتبر الحزب أن من يأخذ الحكم بالقوة من غير أن تعطيه إياه الأمة يعتبر غاصبا، ولذلك فرّق بين المحاسبة للحاكم بعد أن يصبح حاكما وبين المغتصب الذي يأخذ السلطان والحكم قبل أن يكون له برضى الأمة ومبايعتها.
3_ قصة معاوية في أخذ البيعة ليزيد وولاية العهد له ومراودته العبادلة الأربعة وغيرهم لم تكد تغفلها رواية، وأصبحت مما يعرف عند المسلم وغير المسلم. وإلا فمن ينكر وقوف الصحابة في وجه يزيد وبيعته بعد موت معاوية؟!. إذ في حياة معاوية كان هو الخليفة ببيعة فلم يثر عليه أحد. ولكن هل ينكر أحد خروج ابن الزبير والتفاف الصحابة وأهل المدينة حوله لقتال يزيد بن معاوية؟! وهل ينكر أحد خروج الحسين بن علي إلى الكوفة لقتال مغتصبي السلطة من الأمة؟!
ومن ينكر قتال الصحابة في المدينة لجيش الشام الذي بعثه يزيد في وقعة الحَرّة؟!. وما أدراك ما الحَرّة، وما حصل فيها للصحابة ولنساء المسلمين من جيش يزيد وعلى رأسه مسلم بن عقبة والذي يقول فيه السلف "مسرف بن عقبة"، حيث استباح المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد. وقتل خلقاً كثيراً من أشرافها وقرّائها، ولم يبق بعدها بدريٌّ، وانتهب أموالاً كثيرة منها ووقع شر عظيم وفساد كبير على ما ذكره غير واحد. ثم بعد كل ذلك يأتي من يقول "كل الذي حصل أنه تخلف اثنان عن بيعة يزيد بن معاوية، وهما ابن الزبير والحسين بن علي رضي الله عنهما"؟!!.
هل كان كل هؤلاء من الصحابة الذين خرجوا على يزيد يخفى عليهم الحكم الشرعي، وما هو حكم المغتصب لتهدر كل هذه النفوس من خيرة الصحابة ومن معهم؟!!. هل خفي على الحسين وابن الزبير وأهل المدينة أن من أخذ البيعة بحقها الشرعي وأصبح خليفة يطاع ولا يقاتل؟!!، خفي عليهم ذلك فقاتلوا يزيدا الذي أخذ له أبوه البيعة في عهده، وعهد إليه بالإمارة من بعده!!
لم يكن المعترضون هم هؤلاء الاثنان فقط، وإنما أهل مكة والمدينة وفيهما من الصحابة من فيهما بالإضافة لأهل العراق. وإلا لما شكلوا قوة ضاغطة على معاوية يحسب حسابها. لقد كان أهل الحل والعقد في الأمة الذين يمثلون المسلمين هم الصحابة في مكة والمدينة، ولم يكن أهل الشام هم أهل الحل والعقد.
ومع كل ذلك فإن الحزب لم يفسق معاوية ولم يجْرح عدالته، وإن كان فعل ما فعل. وقد قبل رواية معاوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الصحابة قبلوا روايته ولم يردوها.
4_ لم يكن الحزب هو أول من ناقش أعمال معاوية وبيّن خطأه فيها، ووصفها بحقيقتها، فعن الإمام أحمد أنه قال: "الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فقيل له معاوية؟ قال: لم يكن أحق بالخلافة في زمان علي من علي، ورحم الله معاوية. وقال علي بن المديني: سمعت سفيان بن عيينة يقول: "ما كانت في علي خصلة تقصر به عن الخلافة، ولم تكن في معاوية خصلة ينازع بها عليا"، وقيل لشريك القاضي: كان معاوية حليما؟ فقال ليس بحليم من سفه الحق وقاتل علياً. وقد روي عن الحسن البصري أنه كان ينقم على معاوية أربعة أشياء: قتاله عليا، وقتله حجر بن عدي، واستلحاقه زياد بن أبيه، ومبايعته ليزيد ابنه. وعن الأسود بن يزيد قال: قلت لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة؟ فقالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة وكذلك غيره من الكفار. وحينما تكتم والي المدينة على خبر وفاة معاوية بعد أن بلغه، قال الحسين رضي الله عنه لابن الزبير إني أرى طاغيتكم قد هلك، قال ابن الزبير: وأنا ما أظن غيره. وكان هو "أي معاوية" يقول: "ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي" وقال ابن بكير عن الليث " إنه _أي معاوية_ أول من جعل ولي العهد خليفة من بعده في صحته" وكان أول من ورّث المسلم من الكافر بعد أن مضت السنة أنه لا يرث الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر، حتى كان عمر بن عبد العزيز فراجع السنة ورجع إليها، ومضت السنة أن دية المعاهد كدية المسلم، وكان معاوية أول من قصرها إلى النصف، وأخذ النصف لنفسه، وهو الذي أمر بشتم علي على المنابر.
وهو نفسه يقول في خطبته المشهورة "ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، وقد عرفت أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمَّر عليكم فقد أعطاني الله ذلك، وأنتم كارهون".
5_ أما انتصار علماء الحديث له، والتنكير على من شتمه، كل هذا لأنه تقرر عندهم صحبة معاوية حسب مفهومهم للصحبة، ففضلوه كصحابي على تابعي، وخافوا أن يُفتح الباب لسب الصحابة بسبب معاوية. وقد جاء هذا التعليل في معظم الروايات التي تعرضت لهذا. ومن جهة أخرى أراد بعضهم الانتصار لمعاوية بعد أن نال منه الشيعة لقتاله علياً وولديه. قال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي: "معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فإذا كشف الرجل الستر أجترأ على من وراءه" أي إن تجرَّأ على سبِّ معاوية تجرَّأ على سبِّ الصحابة.

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:45 PM
وأنقل هنا فصلاً بعنوان
أقوال الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في معاوية ابن أبي سفيان

فصل
ما جاء في معاوية بن أبي سفيان
من الذم بلسان الشرع
جاءت في ذم معاوية ابن أبي سفيان أحاديث صحيحة وحسنة كثيرة ومع هذا أغار عليها ابن تيمية ومقلدوه بالتأويل والتضعيف والإنكار! وتبعهم على ذلك بعض علماء أهل السنة تقليداً دون تحقيق !! ووضعت أحاديث مكذوبة في بيان فضل معاوية فسارع ابن تيمية وأتباعه إلى ترقيع أسانيدها وتصحيحها والاستدلال بها (1) ! مع تصريح جهابذة من المحدثين كالنسائي وغيره بأنه لا يصح في فضل معاوية شيء !
وإليكم بعض ذلك :
1- روى البخاري (447) و (2812) ومسلم (2916) بألفاظ عدة وهذا لفظ البخاري في الموضع الأول :
[ عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار(2) ] ، ثم قال سيدنا عمار رضي الله عنه : أعوذ بالله من الفتن .
وهذا حديث صريح يقرر فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الأمور التالية :

أ- أن معاوية وطائفته طائفة باغية ، وقد أمرنا الله تعالى بقتال الفئة الباغية في قوله تعالى { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } ولم تفء بعد !!
وقال تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق .. } الأعراف : 33 .

ب - أن معاوية وطائفته التي يقودها يدعون إلى النار !!
فهل يجوز بعد هذا الدفاع عن إنسان يدعو هو وطائفته إلى النار !
ألا نستحي من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ؟!

ج - أن سيدنا علي وطائفته ومنهم سيدنا عمار يدعون إلى الجنة وإلى الله تعالى !
فالظاهر شرعاً أن نكون مع سيدنا علي رضي الله عنه وسيدنا عمار وطائفتهم الداعين إلى الجنة ونكون ضد معاوية وطائفته الذين يدعون إلى النار بنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثابت في صحيح البخاري وغيره !!
فأين المؤمنين الممتثلين لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهما الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً } الأحزاب : 36 .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/543) :
[ وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه ] .
قلت : الزاعم لهذا هو ابن تيمية الحراني الذي تُلَقِّبُهُ المجسمة والمشبهة بشيخ الإسلام !! مع كون هذا التلقيب حرام شرعاً وخصوصاً لهذا الرجل الذي شبه الله تعالى بالشاب الأمرد واعتقد صحة الحديث الوارد في ذلك وقال إنها رؤيا عين أي ليست رؤيا منام(3) !!
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً و { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } !!

قال ابن تيمية عن سيدنا علي رضي الله عنه في منهاج السنة (4/500) :
[ ثم يقال لهؤلاء الرافضة : لو قالت لكم النواصب : علي قد استحلَّ دماء المسلمين ، وقاتلهم بغير أمر الله ورسوله على رياسته ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )) وقال : (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض )) فيكون عليٌّ كافراً لذلك ، لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم ، لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة .
وأيضاً فيقولون : قتل النفوس فساد فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الأرض والفساد . وهذا حال فرعون ..... ] !!

فانظروا كيف أيد قول النواصب بأن الدليل على كون سيدنا علي رضي الله عنه كان كافراً هو الأقوى والأصح من ناحية الدليل !! وأن حاله كرم الله وجهه كحال فرعون !!
والنواصب الذين يقولون هذا هم هو لا غير !! وهو يخترع الأقوال وينسبها إلى أناس مجهولين وهي أقواله وعقيدته !!
ونسي المسكين قول الله تعالى في القرآن الكريم { فقاتلوا التي تبغي } وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصحاح : إنها الفئة الباغية الداعية إلى النار ! فحكى عن إخوانه النواصب والمراد به نفسه هو لا غير وأيدهم ونص على أن حجتهم هي الأقوى !!
وتناسى هذا الحافظ الجهبذ (!!) قول سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه :
أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين
ولهذا ندم النفر القليل من الصحابة الذين اعتزلوا القتال ولم يقاتلوا مع سيدنا علي وطائفته التي تدعو إلى الجنة ! فهذا ابن عمر يقول :
ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل . رواه الحاكم في (( المستدرك )) (3/115) وهو صحيح .
وقال ابن تيمية في منهاج سنته (4/514) :
[ وعلي عاجز عن مقاومة المرتدين الذين هم من الكفار أيضاً ] .

وقد نص الحافظ ابن حجر في (( الدرر الكامنة )) (1/155) أن ابن تيمية قال ذلك في سيدنا علي إذ قال الحافظ :
[ ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي ما تقدم ولقوله إنه كان مخذولاً حيث ما توجَّه ، وإنه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها ، وإنما قاتل للرياسة لا للديانة ، ولقوله إنه كان يحب الرياسة ، وإن عثمان كان يحب المال ، ولقوله أبو بكر أسلم شيخاً يدري ما يقول وعلي أسلم صبياً والصبي لا يصح إسلامه على قول(4) ....
وبكلامه في قصة خطبة بنت أبي جهل ومات وما نسيها ....
وقصة أبي العاص ابن الربيع وما يؤخذ من مفهومها فإنه شنَّع في ذلك .
فألزموه بالنفاق لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ولا يبغضك إلا منافق ....
وكان إذا حوقق وألزم يقول لم أرد هذا إنما أردت كذا ! فيذكر
احتمالا بعيداً ... ] .

وقال ابن حجر أيضاً في (( لسان الميزان )) (6/319-320) عن ابن تيمية :
[ وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحياناً إلى تنقيص علي رضي الله عنه ] .

بينما نجد ابن تيمية في كتبه يمدح معاوية ويعظمه ويثني عليه !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (( مجموع الفتاوى )) (35/64) وفي (( الفتاوى الكبرى )) (4/259) أورد حديث : (( اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب )) .
(2) وفي اللفظ الآخر للبخاري : (( عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار )) وقد روى هذا الحديث : ابن حبان في الصحيح (15/553) وابن أبي شيبة (6/385) وأحمد (3/90) والطبراني في المعجم الكبير (12/395) وغيرهم .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/543) : [ روى حديث (( تقتل عمار الفئة الباغية )) جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدم ، وأم سلمة عند مسلم ، وأبو هريرة عند الترمذي ، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي ، وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة ، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم ] .
(3) وذلك في كتابه (( التأسيس في الرد على أساس التقديس )) (3/241) مخطوط !!
(4) انظر منهاج سنة ابن تيمية (7/155) .

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:46 PM
2- ثبت في الصحاح والسنن أن معاوية كان يأمر الناس بسب سيدنا علي رضي الله عنه وهذا ذنب عظيم كما هو منصوص عليه في الشريعة :
روى مسلم في الصحيح (2404) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال :
أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟! فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلن أسبه ؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النَّعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول له خلَّفَه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي )) .
وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية { فقـل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال اللهم هؤلاء أهلي(1) .
فتأملوا كيف يأمر معاوية الصحابة بسب سيدنا علي رضي الله عنه !

وقد روى ابن ماجه (121) بسند صحيح(2) عن سعد بن أبي وقاص قال : قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد فذكروا علياً فنال منه(3) ! فغضب سعد ؛ وقال : تقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ـ عنه ـ : (( من كنت مولاه فعلي مولاه )) وسمعته يقول : (( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )) وسمعته يقول : (( لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله )) .
فهـذه رواية صريحة في أن معاوية كان ينال من سيدنا علي : أي يسبَّه ويشتمه !!

وقد أمر معاوية ولاته أن يشتموا ويسبوا سيدنا علياً ويأمروا الناس بذلك ومن ذلك :
ما رواه مسلم في الصحيح (2409) عن الصحابي الجليل سهل بن سعد
قال : استعمل على المدينة رجل من آل مروان ؛ قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً قال فأبى سهل ؛ فقال له : أما إذ أبيت فقل لعن الله أبا التراب ، فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب وإن كان ليفرح إذا دعي بها ....
فبهذا ثبت أن معاوية كان يسب سيدنا علياً رضي الله عنه ويأمر الناس بسبِّه وقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( من سب علياً فقد سبني )) .

فقد روى أحمد في (( المسند )) (6/323) بسند صحيح عن أبي عبد الله الجدلي قال :
دخلت على أم سلمة فقالت لي : أَيُسَبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم ؟! قلت : معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها ! قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( من سب علياً فقد سبني ))(3) .
ورواه الحاكم أيضاً (3/121) وزاد : (( ومن سبني فقد سب الله )) .
وسب معاوية وشيعته لسيدنا علي رضي الله عنه مشهور بل متواتر ويحتاج هذا لجمع مصنف خاص فيه(4) .

فالآن ملخص الأمر هو أن معاوية سب سيدنا علياً وأمر بالسب والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( من سب علياً فقد سبني )) .

فهل أنتم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم مع معاوية الذي يسب سيدنا علياً مع علمه بأنه إن فعل ذلك فأنما سب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
وهل يجوز أن ندافع عمن يسب سيدنا علياً رضي الله عنه ومن يسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
الحواشي السفلية :
(1) ذكرنا أن هذا الحديث رواه مسلم (2404) وكذا الترمذي (3724) وغيرهما .
(2) وهذا قد صححه متناقض عصرنا الألباني في (( صحيح ابن ماجه )) (1/26) .
(3) أي سبَّه وشتمه !
(4) صححه شعيب الأرنأووط في تعليقه على (( المسند )) (44/329) والألباني في صحيحته (3332) ورواه أيضاً النسائي في (( الكبرى )) (5/133) وله روايات عديدة ذكرها الحافظ الهيثمي في (( مجمع الزوائد )) (9/130) .
وله ألفاظ أخرى وروايات عديدة منها ما رواه ابن أبي شيبة (12/76-77) والطبراني في
(( الكبير )) (23/322) وأبو يعلى (12/444) وغيرهم .
(5) منه ما في (( مسند أحمد )) (1/187) وسنن أبي داود (4649و4650) وغيرهما بإسناد صحيح إنكار الصحابي سعيد بن زيد على المغيرة بن شعبة أنه يسب في مجلسه سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام والرضوان حيث يقول سعيد بن زيد : (( يا مغير بن شعبة ! ألا تسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُسَبُّون عندك ولا تنكر ولا تُغَير ؟ )) . وقد صحح هذا متناقض عصرنا الألباني في (( صحيح أبي داود )) (3/880/3887) .
ومنه ما رواه ابن أبي عاصم في سنته (1350) عن عبد الرحمن بن البيلماني قال : كنا عند معاوية فقام رجل فسب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسب وسب فقام سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال : يا معاوية ألا أرى يُسَب علي بين يديك ولا تغير !! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( هو مني بمنزلة هارون من موسى )) .

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:47 PM
3- دعاء النبي على معاوية بقوله ( لا أشبع الله بطنه ) .
وقد استجاب الله تعالى دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يشبع معاوية بعد ذلك(1) وشهد الذهبي بأن معاوية كان من الأكلة(2) ، ولذلك عظم بطنه فتشوَّه ولم يستطع أن يخطب إلا قاعداً وهو أول من خطب قاعداً في الإسلام(3) .

روى مسلم في الصحيح (2604) عن سيدنا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له :
(( اذهب وادع لي معاوية )) ؛ قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، قال : ثم قال لي :
(( اذهب فادع لي معاوية )) قال : فجئت فقلت : هو يأكل فقال :
(( لا أشبع الله بطنه )) .
وقد قُتِل الإمام النَّسائي صاحب السنن لأنه حدَّث بهذا الحديث في الشأم ! فقد ذكر الذهبي في (( تذكرة الحفاظ )) (2/699) عن النسائي أنه قال :
[ دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله ](4) .
وذكر الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) (14/132) : [ أن النَّسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق ؛ فسئل بها عن معاوية وما جاء في فضائله فقال : ألا يرضى رأساً برأس حتى يُفَضَّل ؟! قال : فما زالوا يدفعون في خصيتيه حتى أُخْرِجَ من المسجد ، ..... قال الدارقطني : خرج حاجاً فامْتُحِنَ بدمشق وأدرك الشهادة ] .
وقال الذهبي في ترجمة النسائي صاحب السنن في (( سير النبلاء )) (14/129-130) :
[ فقيل له ـ أي النسائي ـ : ألا تخرج فضائل معاوية .. فقال : أي شيء أخرج : اللهم لا تشبع بطنه ؟! فسكت السائل ] .

وقال الذهبي هناك في حق معاوية : [ وقد كان معاوية معدوداً من الأكلة ] .
وهذا اعتراف صريح من الذهبي في تحقيق دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في معاوية !
كما أنه نص صريح في ركاكة وضعف تأويل حديث (( لا أشبع الله بطنه )) بحديث (( اللهم من سببته أو شتمته أو لعنته فاجعلها له رحمة وزكاة )) وكون ذلك منقبة لمعاوية !
وعلى كل حال فتأويل قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حق معاوية (( لا أشبع الله بطنه )) الثابت في صحيح مسلم (2604) بأن في هذا منقبة لمعاوية لحديث (( اللهم من كنت لعنته أو سببته فاجعلها له رحمة ... )) تأويل باطل لوجهين :
الأول : أن الذهبي اعترف بأن معاوية كان من الأَكَلَة ! وبالتالي أجيبت دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ! ولذلك كان عظيم البطن لم يستطع الخطبة إلا جالساً ويعني هذا أن دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصابته(5) ! وهذا ذم واضح !
والثاني : أن الحديث مقيد وليس على إطلاقه ! فقد رواه مسلم (2603) من حديث أنس بن مالك بلفظ : (( فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة ... )) الحديث .
فوجود جملة ( ليس لها بأهل ) في إحدى روايات الحديث مع إمكانية أن يكون معاوية أهلاً لها ، يجعل الحديث غير صالح للاستدلال به طبقاً لما هو مقرر في علم الأصول من أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
الحواشي السفلية :
(1) قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) (3/123) أن الحاكم زاد في روايته لحديث (( لا أشبع الله بطنه )) قال : فما شبع بعدها .
(2) قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) (3/124) : (( وقد كان معاوية معدوداً من الأَكَلَة )) .
(3) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (7/247) وانظر الآحاد والمثاني (1/380) وفتح الباري (2/401) وسير أعلام النبلاء (13/458) وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخطب قائماً كما هو معلوم .
(4) وانظر تهذيب الكمال (1/338) للمزي ، وتهذيب التهذيب (1/33) للحافظ ابن حجر ، وكشف الظنون (1/706) .
(5) كما في سير أعلام النبلاء (3/156و157) وفتح الباري (2/401) ومصنف ابن أبي شيبة (7/247) والآحاد والمثاني (1/380) وقد روى الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/348) عن جابر بن سَمُرَة أنه قال : رأيت رسول الله يخطب قائماً فمن حدثك أنه خطب جالساً فقد كذب . وهذا يثبت أن معاوية أو بعض حزبه كان يزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب جالساً ليسوغ لمعاوية الخطبة جالساً .

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:48 PM
4- الإمام أحمد بن حنبل يروي أن معاوية كان يشرب الخمر أثناء خلافته :
قال الله تعالى { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن" رواه البخاري (2475) . والأحاديث في ذم شارب الخمر كثيرة ومشهورة بل إن تحريم شرب الخمر معلوم من الدين بالضرورة كما يعرف ذلك العالم والجاهل .

روى أحمد بن حنبل في مسنده (5/347) عن عبد الله بن بُرَيدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ، ثم أتينا بالطعام فأكلنا ، ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ثم قال :
ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(1) .......
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (5/42) : ( رجاله رجال الصحيح ) .

ولم يكتف معاوية بهذا بل كانت له قوافل تحمل الخمر له ويتاجر بها أيضاً فقد ذكرالذهبي في سير أعلام النبلاء (2/9-10) مسألة متاجرة معاوية بالخمر فقال ما نصه :
[ يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه : أن عبادة بن الصامت مَرَّتْ عليه قِطَارة وهو بالشام تحمل الخمر ، فقال : ما هذه ؟ أزيت ؟! قيل : لا بل خمر يباع لفلان(2) فأخذ شفرة من السوق ؛ فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها . وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلانٌ إلى أبي هريرة فقال : ألا تمسك عنا أخاك عبادة ؟! أما بالغدوات فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأما بالعشي فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا . قال : فأتاه أبو هريرة فقال : يا عبادة مالك ولمعاوية ذره وما حمل(3) . فقال لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وألا يأخذنا في الله لومة لائم ، فسكت أبو هريرة وكتب فلان إلى عثمان إن عبادة قد أفسد عليَّ الشام(4) ](5) .

وقد أنكر عبادة على معاوية أشياء كثيرة مُحَرَّمة شرعاً كالتعامل بالربا كما ثبت في صحيح مسلم (1587) وسنن النسائي (7/275برقم4562) وغيرها .

ولم يتفرَّد معاوية بأمور الخمر هذه بل كان أصحابه ومحبوه وأحبابه يتاجرون بالخمر من زمن سيدنا عمر رضي الله عنه فقد ثبت أن عمر بن الخطاب لعن سَمُرَة لأنه أول من أذن في بيع الخمر ( وسَمُرَة من شيعة معاوية وأحبابه !! ) :
فروى مسلم (1582) في الصحيح عن ابن عباس قال : بلغ عمر أن سَمُرَة باع خمراً فقال : قاتل الله سَمُرَة ألم يعلم أن رسول الله قال لعن الله اليهود حُرِّمَت عليهم الشحوم فجَمَلوها فباعوها . وهو في البخاري (2223) لكنه حذف اسم سَمُرَة ووضع بدله : ( فلاناً ) ليغطي عليه الجريمة ! وهذه عادته !!

ورواه سعيد بن منصور في سننه (819) بإسناد حسن عن ابن عمر : قال عمر بن الخطاب : لعن الله فلاناً فإنه أول من أذن في بيع الخمر(6) ، وإن التجارة لا تحل إلا فيما يحل أكله وشربه .
وبالطبع لم يقل عمر بن الخطاب فلاناً بل ذكر سَمُرَة ولكن الرواة يبدلون إما خوفاً من معاوية وبني أمية أو لأنهم يريدون أن يستروا جرائمه ! وقد بين أن المقصود بذلك سَمُرَة يعقوب بن شيبة في مسند عمر بن الخطاب (1/47) عن طاووس قال : (( بلغ عمر رضي الله عنه أن سَمُرَة باع خمراً ))(7) .

كما كان خادم عائلة أبي سفيان وحبيب معاوية وحشي بن حرب لا يترك الخمر حتى بعد إسلامه وفي زمن معاوية بالشام وإليكم هذا النص :
قال الحافظ ابن حجر في (( تهذيب التهذيب )) في حق وحشي وعطائه (11/99) :
[ وسكن حمص وكان مغرماً بالخمر وفرض له عمر ألفين ثمَّ ردَّه إلى ثلاثمائة بسبب الخمر ] .
قال الحافظ ابن حجر في (( فتح الباري )) (7/368) :
[ وفي رواية عبد الرحمن بن يزيد بن جابر : خرجت أنا وعبيد الله بن عدي غازيين الصائفة زمن معاوية ، فلما قفلنا مررنا بحمص .
قوله ( هل لك في وحشي ) أي ابن حرب الحبشي مولى جبير بن مطعم .
قوله ( نسأله عن قتل حمزة ) في رواية الكشميهني فنسأله عن قتله حمزة ، زاد بن إسحاق : كيف قتله .
قوله ( فسألنا عنه فقيل لنا ) في رواية ابن إسحاق(8) : فقال لنا رجل ونحن نسأل عنه إنه غلب عليه الخمر فإن تجداه صاحياً : تجداه عربياً يحدثكما بما شئتما وإن تجداه على غير ذلك فانصرفا عنه ، وفي رواية الطيالسي(9) نحوه ، وقال فيه : وإن أدركتماه شارباً فلا تسألاه ] .

فهذا نص صريح في أن وحشياً قاتل سيدنا حمزة رضي الله عنه ظل معاقراً للخمر بعد إسلامه ! فهذا هو حال معاوية وأنصاره !!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية :
(1) وحسنه شعيب الأرنأووط في تعليق له على (( سير أعلام النبلاء )) (5/52) ، والحديث رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (27/127) .
(2) فلان هو معاوية كما سيتبين من نفس الرواية فيما بعد ، وعادتهم إذا أرادوا في الرواية أن يغطوا اسم واحد لخوف منه أو ستراً لجرائمه أو لأمور أخرى يقولون : ( فقال رجل ) أو ( فلان ) ويبهمونه ليتم المقصود !!
(3) هذه الجملة فيها ملخص القصة ومن هو المعني بها فتأمل ودع عنك الدفاع بالباطل عن المجرمين !
(4) مسكين لم يدعه يسكر ويتاجر بالخمر كما يشاء فأفسد عليه القضية !!
(5) هذه القصة رواها ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/211) وقال الشيخ شعيب في التعليق على سير أعلام النبلاء (2/10) : ( إسناده محتمل للتحسين ) قلت : جيد إن وصل الشيخ شعيب إلى هذا الحد ويشكر على ذلك !
(6) ورواه إلى هنا ابن أبي شيبة (7/271) .
(7) وهو كما تقدَّم رواه مسلم في الصحيح برقم (1582) باسمه ؛ وهو في البخاري (2223) مبهماً على عادته !!
(8) وهي رواية صحيحة صرَّح فيها ابن إسحاق بالتحديث رواها البيهقي في السنن الكبرى (9/97) وذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/174) .
(9) رواية الطيالسي ص (186) صحيحة الإسناد وهي بنفس سند البخاري فيما فوق أبي داود الطيالسي ، ورواها البيهقي أيضاً في السنن الكبرى (9/97) والبخاري حذف منها ما يدل على معاقرة وحشي للخمر !

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:49 PM
5- عبادة بن الصامت يقول بأن معاوية يأمرهم بما ينكرون وعثمان ابن عفان يقره .
وفي مستدرك الحاكم (3/357) عن عبيد بن رفاعة :
[ أن عبادة بن الصامت قام قائماً في وسط دار أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمداً أبا القاسم يقول : ( سيلي أموركم من بعدي رجال يُعَرِّفُونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى الله ) ..... فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك فما راجعه عثمان حرفاً(1) .
أقول : يعني هذا أن عثمان بن عفان كان مقراً بذم معاوية !!

6- حديث : (( أول من يغير سنتي رجل من بني أمية ))
وهو حديث صحيح وصححه الألباني الوهابي في صحيحته (4/329برقم1749) .
وقد رواه ابن أبي شيبة (7/260) عن أبي ذر ، وعنه رواه ابن عدي في الكامل (3/164) وهو مروي بلفظ آخر وهو : (( لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ))(2) .

7- حديث صحيح صريح في أن معاوية يموت على غير ملة الإسلام :
ثبت بالسند الصحيح عند البلاذري (توفي270هـ) في (( التاريخ الكبير )) قال :
[ حدثني إسحاق ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال : كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : (( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت على غير ملتي )) . قال : وتركت أبي يلبس ثيابه فخشيت أن يطلع فطلع معاوية ] .
وهذا إسناد صحيح .
قال الحافظ السيد أحمد ابن الصديق الغماري في (( جؤنة العطار )) (2/154) :
(( وهذا حديث صحيح على شرط مسلم وهو يرفع كل غمة عن المؤمن المتحير في شأن هذا الطاغية قبحه الله ويقضي على كل ما يموِّه به المموهون في حقه . ومن أعجب ما تسمعه أن هذا الحديث خرَّجه كثير من الحفاظ في مصنفاتهم ومعاجمهم المشهورة ولكنهم يقولون : فطلع رجل ولا يصرِّحون باسم اللعين معاوية ستراً عليه وعلى مذاهبهم الضلالية في النَّصْب وهضم حقوق آل البيت ولو برفع منار أعدائهم فالحمد لله الذي حفظ هذه الشريعة رغماً على دس الدساسين وتحريف المبطلين )) .
انظر (( مجمع الزوائد )) (5/243) فإنه ذكر هناك هذا الحديث من رواية الطبراني بلفظ ( فطلع رجل ) هكذا مبهماً !

ومما يؤيد هذا ما رواه البزار في (( مسنده )) (6/46) عن الصحابي الجليل المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال :
[ وأيم الله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه بعد حديثٍ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمعت رسول الله يقول : (( لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا غليت )) ] .
قال البَزَّارُ عَقِبَهُ : [ والصواب عندنا هو المقداد وإسناده إسناد حسن ](3) . والصحابة من بني آدم وهم غير معصومين بخلاف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم من أهل العصمة !


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية :
(1) صحيح ، وقال الحافظ السيد أحمد ابن الصديق الغماري الحسني في (( المداوي )) (4/251) :
[ فإن الحديث صحيح والذهبي كأنه استعمل التدليس في قوله تفرّد به عبدالله بن واقد لأن عبدالله المذكور لم ينفرد
به ، وفي نفس المستدرك بعد طريقه طريقان آخران صححهما الحاكم وأقره الذهبي ، ولكنه اضطر أولاً لأن يذكر ذلك ويدَّعي تفرد عبدالله بن واقد ، لأن الحديث وارد في ذم بني أمية ومعاوية كما أقسم على ذلك عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، والذهبي لا يمكنه أن يسمع ذماً في بني أمية ومعاوية وإنما يسمع ذلك في آل البيت وعلي عليهم السلام ] .
(2) حديث حسن . رواه البزار (4/109) عن أبي عبيدة ، والحارث ابن أبي أسامة (2/642) ، وأبو يعلى (2/175و176) ،
ونُعَيم بن حمّاد في الفتن (1/280و282) . وقال الحافظ الهيثمي في (( مجمع الزوائد )) (5/241) : (( رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح إلا أن مكحولاً لم يدرك أبا عبيدة )) .
وفي تاريخ قزوين للرافعي (1/475) عن هاشم بن عروة عن أبيه عن جابر عن أبي عبيدة ، وقد ذكر المناوي في فيض القدير (3/94برقم2841) أن ممن رواه الروياني وابن عساكر ، وذكر السيد الحافظ أحمد ابن الصديق في (( المداوي )) أن الدولابي رواه في الكنى (1/163) عن أبي ذر .
(3) ورواه الطبراني في (( المعجم الكبير )) (20/252) ، وقال حمدي السلفي الوهابي في التعليق عليه هناك : [ قال شيخنا في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/703) : وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ] .

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:49 PM
8- قتل معاوية للصحابي العابد حُجْر بن عَدِي رضي الله عنه صبراً لأنه اعترض عليه في سبه لسيدنا علي !! وقتله لعبد الرحمن بن عُدَيس وهو من أصحاب الشجرة ! :
قال الذهبي في (( سير النبلاء )) (3/466) في ترجمة حجر بن عدي :
[ قال ابن عون : عن محمد ( بن سيرين ) قال : لما أُتِيَ بحجر قال ادفنوني في ثيابي فإني أُبعث مخاصماً(1) . وروى ابن عون عن نافع قال : كان ابن عمر في السوق ، فَنُعِيَ إليه حُجر فأطلق حبوته وقام وقد غلب عليه النحيب . وروى هشام بن حسان البكري عن محمد قال : لمَّا أُتيَ معاوية بحجر قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ! قال : أَوَ أمير المؤمنين أنا ؟ اضربوا عنقه . فصلى ركعتين وقال لأهله : لا تطلقوا عني حديداً ولا تغسلوا عني دماً فإني مُلاقٍ معاوية على الجادة(2) ] .
وقال الحافظ ابن حجر في (( الإصابة )) (1/315) :
[ وقُتِلَ بمرج عذراء بأمر معاوية(3) وكان حجر هو الذي افتتحها فقدِّر أن قتل بها ] .
وقال الحافظ ابن حجر قبل ذلك :
[ حُجْر بن عدي شهد القادسية وشهد بعد ذلك الجَمَل وصفين وصحب علياً فكان من شيعته ] .
قال البخاري (3/72) وابن أبي حاتم (3/266) :
[ قُتِلَ في عهد عائشة ] .
وقال بعض مَنْ أعمى الله قلبه من المتعصبة بأنه لا ضير في قتله لسيدنا حجر وغيره من الصحابة والتابعين من المؤمنين والمسلمين لأنه مجتهد ! وهذا قول ساقط ومخالف لصريح القرآن ومخالف لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( قاتل عمار وسالبه في النار ))(4) ، وقوله كما في البخاري (447) :
(( عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار )) .
وقد حاول الوهابية أن ينفوا بأن حجراً من الصحابة اعتماداً على قول بعض المتقدمين وهو نفي باطل لا أساس له من الصحة !! وقد نص على أنه من الصحابة أعيان المحدثين والأئمة من أهل السنة والجماعة ومن ذلك :
قال الحاكم في المستدرك (3/469) : [ ذكر مناقب حُجْر بن عَدِي وهو راهب أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذِكْرُ مقتله ] .
وقال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) (3/463) :
[ حجر بن عدي ... أبو عبد الرحمن الشهيد ، له صحبة ووفادة ] .
وبعضهم حاول أن ينفي صحبة حجر بن عدي ليخفف على معاوية الجريمة ! ولنفترض جدلاً أن حُجْر بن عَدِي ليس صحابياً أفليس هو مؤمناً ومن العُبَّاد الصالحين ؟! والله تعالى يقول في كتابه { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً } النساء : 93 .
وقد قال ابن كثير في (( البداية والنهاية )) (6/226) :
[ قال يعقوب بن سفيان : ثنا ابن بكير ، ثنا ابن لهيعة ، حدثني الحارث ، عن يزيد ، عن عبد الله بن زرير الغافقي قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : يا أهل العراق سَيُقْتَل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود(5) . فَقُتِلَ حُجْرَ بن عَدِيٍّ وأصحابه ..... قال البيهقي : لا يقول عليٌّ مثل هذا إلا أن يكون سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ] .

9- قتل معاوية الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عُديس البلوي وهو من أهل بيعة الرضوان :
قال الذهبي في (( تاريخ الإسلام )) (3/531) : [ له صحبة وبايع تحت الشجرة وله رواية ... كان ممن خرج على عثمان وسار إلى قتاله(6) ، ثم ظفر به معاوية فسجنه بفلسطين في جماعة ، ثم هرب من السجن فأدركوه بجبل لبنان فَقُتِلَ ولمَّا أدركوه قال لمن قتله : ويحك اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة ، فقال : الشجر بالجبل كثير وقَتَلَه .. ] .

10- في صحيح البخاري معاوية يقول بأنه هو وابنه الفاسق يزيد أحق من عمر ابن الخطاب وابن عمر بالخلافة .فمعاوية يرى أن ابنه يزيد الفاسق أحق من عمر بن الخطاب وابن عمر في الخلافة .
روى البخاري في (( صحيحه )) (4108) عن ابن عمر قال : [ دخلت على حفصة ..... ؛ قلت : قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء فقالت : الْحَق فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فُرْقة فلم تدعه حتى ذهب ، فلما تَفَرَّقَ الناس خطب معاوية قال :
مَنْ كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فَلْيُطلِع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه قال حبيب بن مسلمة فهلا أجبته ؟! قال عبدالله : فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك مَنْ قاتلك وأباك على الإسلام ، فخشيت أن أقول كلمة تفرِّق بين الجمع وتسفك الدم(7) ويحمل عني غير ذلك ، فذكرت ما أعد الله في الجنان ، قال حبيب حفظت وعصمت ] .
فمعاوية بصريح الكلام هنا يرى أنه هو وابنه خير من ثاني الخلفاء الراشدين وأحق بالخلافة منه ومن ابنه عبدالله بن عمر .
وابن تيمية يقول في (( منهاج سنته )) (7/453) :
[ ولم يتولَّ أحد من الملوك خيراً من معاوية فهو خير ملوك الإسلام وسيرته خير من سيرة سائر الملوك بعده ] !!
وقد رأيتم فيما تقدَّم وسيأتي سيرة معاوية وأفعاله من قتل الصحابة والأبرياء وشرب الخمر وسب سيدنا علي وأمر الناس بذلك وأكل أموال الناس بالباطل بشهادة الصحابة والنهي عن المعروف والأمر بالمنكر بشهادة سيدنا عبادة وإقرار سيدنا عثمان له ! وهذا كله هو العدل والسيرة الحميدة بنظر ابن تيمية الحراني !!
وهكذا يقلبون المنكر الباطل فيجعلونه حقاً وخيراً يحمد صاحبه !




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
الحواشي السفلية :
(1) رواه ابن أبي شيبة (6/446) بسند صحيح .
(2) رواه الحاكم في (( المستدرك )) (3/469) وجاء عن جماعة من الصحابة الفضلاء الأزكياء رضوان الله تعالى عليهم ممن كانوا يحاربون مع سيدنا علي عليه السلام والرضوان كسيدنا عمار بن ياسر وسيدنا زيد بن صوحان أنهم قالوا : ( لا تنزعوا عني ثوباً ولا تغسلوا عني دماً فإني أبعث يوم القيامة مخاصماً ) كما تجد ذلك في (( التلخيص الحبير )) (2/144) وهو مروي في (( طبقات ابن سعد )) (3/262) و (6/125) و (( تاريخ بغداد )) (8/439) و (( مصنف عبد الرزاق )) (3/542) و (( تاريخ البخاري )) (3/397) و (( التمهيد )) لابن عبد البر (24/245-246) و (( سنن البيهقي )) (8/186) وغيرهم .
(3) وقد قال ابن سيرين إنه قتل بأمر معاوية كما في (( مصنف عبد الرزاق )) (3/242) و (5/273) وإسناده صحيح .
(4) وهو حديث صحيح رواه أحمد في (( المسند )) (4/372) وابن سعد في (( الطبقات )) (3/260) وصححه المتناقض الألباني في (( صحيحته ))(5/18/2008) .
(5) وقد رويَ هذا من طريق السيدة عائشة أم المؤمنين مرفوعاً ولفظه : (( سيقتل بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء )) رواه يعقوب بن سفيان ومن طريقه ابن عساكر في (( تاريخ دمشق )) (12/226) وفي السند انقطاع ، لكن القصة مشهورة ، وقد أورد حديث عائشة الألباني في (( ضعيفته )) الثامنة حديث رقم (3723) وحكم عليه بالضعف ! وهذا جيد من مثله إذ لم يحكم عليه بالوضع ولا بالنكارة ولا بأنه ضعيف جداً .
(6) ومعاوية خرج على سيدنا علي وسار إلى قتاله !
(7) تأملوا كيف كان الصحابة يخافون من الاعتراض على معاوية لئلا يسفك دمهم ! وليعتبر المتعصبون بالباطل لهذا الطاغية ! الذين يقولون هل يعقل أن يسكت الصحابة الكرام عنه لو كان يعمل المنكرات ويقترف الظلم ؟!

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:50 PM
11- أحد التابعين يقول لعبدالله بن عمرو بن العاص إن معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل أنفسنا وابن عمرو لا يستطيع أن يرد هذه التهمة عن معاوية .
روى مسلم في (( الصحيح )) (1844) وغيره عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص :
(( هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } )) .
قال : فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله .

12- معاوية يحاول رد الأحاديث التي تحرم الربا بدعوى أنه لم يسمعها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !!
روى مسلم في (( الصحيح )) (1587) والنسائي في السنن (7/275برقم4562) واللفظ له عن مسلم بن يسار وعبد الله بن عبيد قالا :
[ جمع المنزل بين عبادة بن الصامت وبين معاوية فقال عبادة : (( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نبيع الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر .... وأمرنا أن نبيع الذهب بالوَرِق والوَرِق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر يداً بيد كيف شئنا )) .
فبلغ هذا الحديث معاوية فقام فقال : ما بال رجال يحدثون أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد صحبناه ولم نسمعه منه .
فبلغ ذلك عُبادة بن الصامت فقام فأعاد الحديث فقال : لنحدثن بما سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن رغم معاوية .
صححه الألباني في (( صحيح النسائي )) (3/946) ، وحديث نهي بيع الذهب بالذهب إلا وزناً بوزن رواه جماعة من الصحابة ولم يتفرَّد به عبادة بن الصامت !! ولو تفرَّد به لكفى أن يكون هذا دليلاً على أن معاوية معرض عن الشرع في أمور كثيرة ومتعامل بالربا ! وممن رواه من الصحابة عمر بن الخطاب (البخاري 2134) وأبو بكرة (البخاري2175) وأبو سعيد الخدري (البخاري2177) وغيرهم . وهذا الحديث يثبت أن معاوية كان يتعامل بالربا !!

وقد صرَّح القرطبي في تفسيره (7/392) عن الإمام مالك أن معاوية أعلن بالربا فقال القرطبي هناك :
[ روى ابن وهب عن مالك أنه قال : تُهجَر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهاراً ولا يُسْتَقَرّ فيها ، واحتجَّ بصنيع أبي الدرداء في خروجه عن أرض معاوية حين أعلن بالربا فأجاز بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها خرَّجه في الصحيح ] .

13- معاوية يلبس الذهب والحرير ويفترش جلود السباع بشهادة الصحابة والإسلام ينهى عن ذلك .وقد اعترف الذهبي بأن معاوية غير بريء من الهنات وإليك بعض ذلك بصحيح الأسانيد : قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) (3/158) :
[ عن خالد بن معدان ، قال : وفد المقدام بن معدي كرب ، وعمرو بن الأسود ، ورجل من الأسد له صحبة إلى معاوية ، فقال معاوية للمقدام : توفي الحسن ! فاسْتَرْجَع(1) .
فقال ـ معاوية ـ : أتراها مصيبة ؟! قال : ولم لا ؟! وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجره وقال : هذا مني ، وحسين من علي .
فقال للأسدي : ما تقول أنت ؟ قال : جمرة أُطفئت .
فقال المقدام(2) : أنشدك الله ! هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن لُبْس الذهب والحرير ؟ وعن جلود السباع والركوب عليها ؟
قال : نعم .
قال : فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك .
فقال معاوية : عرفت أني لا أنجو منك(3) ] .
قال الذهبي تعليقاً على هذه الرواية : [ إسناده قوي ، ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم(4) وما هو ببريء من الهَنَات ، والله يعفو عنه ] انتهى كلام الذهبي من (( السِّيَر )) ، فتأملوا في التعصب والدفاع بالباطل مع الاعتراف بالهنات !
هذا الحديث صريح في أن معاوية خالف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة الصحابة ومن حوله .

14- ابن عباس وسَمُرَة يلعنان معاوية والسيدة عائشة تلعن عمرو بن العاص ! وسيدنا عمر بن الخطاب يلعن سَمُرَة صديق معاوية !
روى الحاكم في (( المستدرك )) (4/13) عن السيدة عائشة أنها قالت :
(( لعن الله عمرو بن العاص )) وعمرو هو أحد أعوان معاوية وشركائه في أفعاله .
وفي (( مسند أحمد )) (1/217) بسند صحيح أن ابن عباس يلعن معاوية لكنهم رووا هذه الرواية على الإبهام بقوله ( فلاناً ) سَتراً على معاوية !!
قال ابن عباس : (( لعن الله فلاناً عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته وإنما زينة الحج التلبية )) .
وقد بين أن المراد باللعن معاوية ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (4/260) عن سعيد بن جبير قال : كنا مع ابن عباس بعرفة ، فقال لي : يا سعيد ما لي لا أرى الناس يلبون ؟! فقلت : يخافون من معاوية(5) .
قال : فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي(6) .
وذكر ابن كثير في (( البداية )) عن جعفر بن سليمان الضبعي قال : أقر معاوية سَمُرَة بعد زياد ستة أشهر ثم عزلهفقال سَمُرَة : لعن الله معاوية ؛ والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبداً(7) .
وروى ابن أبي شيبة (2/108) بإسناد صحيح أن سيدنا علياً رضي الله عنه كان يقول في قنوته :
(( اللهم عليك بمعاوية وأشياعه ، وعمرو بن العاص وأشياعه ، وأبا الأعور السلمي وأشياعه ، وعبدالله بن قيس وأشياعه )) .
ورواه البلاذري بسند صحيح في (( أنساب الأشراف )) (ج2/75/ب) بلفظ أن سيدنا علياً قال : اللهم العن معاوية بن أبي سفيان بادئاً ، وعمرو بن العاص ثانياً ، وأبا الأعور السلمي ثالثاً ، وعبد الله بن قيس رابعاً .

وأما ما ذكره البخاري (3765) من قول ابن عباس عن معاوية إنه فقيه فهو من تحوير الرواة فقد خالف ذلك الطحاوي في (( شرح معاني الآثار )) (1/289) فرواه بلفظ : (( فقام معاوية فركع ركعة واحدة فقال ابن عباس : من أين تُرَى أخذها الحمار ؟! )) وسندها صحيح .
وقد بيَّن الشيخ العلامة الكوثري رحمه الله تعالى أن عباس قال ذلك تقية من معاوية ولكن الذي صحَّ عنه بسندين هو قوله بأنه ( حمار ) وليس ( فقيه ) !
فقد ذكر رحمه الله تعالى في كتابه (( النكت الطريفة في التحدث عن ردود ابن أبي شيبة على أبي حنيفة )) ص (186 ) من طبعة ( المكتبة الأزهرية )
في فصل ( الوتر بركعة واحدة ) ما نصه :
(( لو صحَّ عن ابن عباس هذا لحمل على التقية لأنه كان حاربه تحت راية علي كرم الله وجهه فلا مانع من أن يحسب حسابه في مجالسه العامة دون مجلسه الخاص )) .
وقد جاء أن معاوية أول من خطب الجمعة قاعداً وسار على هذه السنة الخبيثة منحرفو بني أمية كما في (( الكامل )) لابن الأثير (4/555) ، وكذلك معاوية أول من ترك التكبير في الصلاة كما في (( الفتح )) (2/270) .
وفي مسند الإمام أحمد (4/195) وصحيح ابن حبان (7/216) وغيرهما أن الصحابي الجليل شُرَحبيل بن حسنة رضي الله عنه كان يقول :
(( صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمرو أضل من حمار أهله )) .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية :
(1) في رواية أبي داود (4131) : فرجّع المقدام . أي قال المقدام إنا لله وإنا إليه راجعون من حزنه !
(2) في رواية أبي داود (4131) : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره .
(3) رواه أبو داود (4131) والطبراني في (( الكبير )) (20/269) ورواه أحمد (4/132) إلى حد لا نكتشف منه ضلال معاوية ، وقد صرح بقية هناك بالتحديث عند أحمد . وصحح الحديث الألباني في (( صحيح أبي داود )) (2/778) ، ورواه النسائي مختصراً (4255) ، وقد ذكر المعلق على السير أن بقية الراوي صرح بالتحديث في موضع آخر .
(4) كلام لا دليل عليه بل الأدلة قائمة على عكس ذلك !
(5) وهذا يثبت أن معاوية كان يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ، وليس بيد المسلمين ومنهم الصحابة يومئذ شيء !
(6) وهو صحيح ورواه الحاكم في (( المستدرك )) (1/464-465) وصححه ، والنسائي في (( السنن الكبرى )) (2/419) وفي الصغرى (5/253) أيضاً وصححه الألباني في (( صحيح سنن النسائي )) (2/631برقم2812) ، والضياء في (( المختارة )) (10/378) .
(7) انظر (( تاريخ ابن جرير الطبري )) (3/240) و (( البداية والنهاية )) (8/67) و
(( الكامل في التاريخ )) لابن الأثير (3/343) و (7/275) .

عبد الواحد جعفر
28-04-2011, 03:55 PM
ملاحظة مهمة:
الإمام الشافعي لا يناصر معاوية ويقول بأنه لا يجوز أن يقال عنه خال المؤمنين
من الفوائد النادرة التي وقفت عليها أن ابن كثير يقول في تفسيره ـ ( في تفسير سورة الأحزاب عند الآية رقم 6 وهي قوله تعالى { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } 3/477 من طبعة دار المعرفة / بيروت الطبعة الثانية 1407هـ ) ـ :
[ وهل يقال لمعاوية وأمثاله خال المؤمنين ؟ فيه قولان للعلماء رضي الله عنهم ونص الشافعي رضي الله عنه على أنه لا يقال ذلك ] .
وقد تم حذف لفظة ( لا ) من بعض الطبعات الحديث من جملة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عندما قال ( لا يقال ذلك ) فأصبحت ( يقال ذلك ) ، تلاعبت بذلك الأيدي الأثيمة فانقلب المعنى رأساً على عقب ، فتنبهوا لذلك .
وقول الإمام الشافعي ( لا يقال ذلك ) هو الثابت في مخطوطة تفسير ابن كثير وفي النسخ المطبوعة الموثقة، ومن النسخ المطبوعة قديماً التي ثبتت فيها الجملة دون تحريف:

1- الطبعة الأولى في مطبعة المنار بمصر سنة 1347هـ ، بإشراف محمد رشيد رضا ، وكُتِبَ عليها : طبع عن نسخة الطبعة الأميرية وصحح مقابلة على نسخة الحرم المكي الشريف المصححة على نسخة المؤلف وعلى نسخة الجامع الأزهر .

2- طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، وكتب على غلاف هذه الطبعة : قوبلت هذه الطبعة على عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية وصححها نخبة من العلماء .

3- طبعة دار صبح ببيروت ، اديسوفت الدار البيضاء 2003م ضبطها : الدكتور عبدالكريم الدمشقي .

4- طبعة دار المعرفة ، بيروت ، قدّم لها : الدكتور يوسف عبدالرحمن المرعشلي .

وهذه الجملة موجودة وثابتة في كتب التفسير التي نقلت عن ابن كثير من مثل الشنقيطي في كتابه أضواء البيان، فقد جاء فيه ما نصه:
أضواء البياء في تفسير القرآن - (ج 12 / ص 154)
(اعلم أن أهل العلم اختلفوا هل يقال لبنات أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم أخوات المؤمنين، أو لا؟ وهل يقال لإخوانهن كمعاوية، وعبد اللَّه بن أبي أُميّة أخوال المؤمنين، أو لا؟ وهل يقال لهنّ: أُمّهات المؤمنات؟ قال ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير هذه الآية: ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن، وأخواتهن بالإجماع، وإن سمّى بعض العلماء بناتهن أخوات المسلمين، كما هو منصوص الشافعي رضي اللَّه عنه في المختصر، وهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم، وهل يقال لمعاوية وأمثاله خال المؤمنين؟ فيه قولان للعلماء رضي اللَّه عنهم. ونصّ الشافعي رضي اللَّه عنه، على أنه لا يقال ذلك).
أهـ من الموسوعة الشاملة.
فبالله عليكم أين ذهبت أمانة النقل ؟!!!

وليد فهد
28-04-2011, 05:05 PM
كفييت ووقيت اخي عبدالواحد ولعن الله من شتم وسب علي او اي صحابي اخر

الحاسر
28-04-2011, 06:47 PM
بارك الله بك عبد الواحد اكثر من رائع لعل الله سبحانه و تعالى يهدي الامة بكلامك فقد طال الدجل

ابوعبدالرحمن حمزة
28-04-2011, 07:13 PM
1_البحث في الصحابة ومفهوم الصحابة بحث قديم حديث والحقيقة ان الادلة التي ذكرها الاخ عبد الواحد فيما يتعلق بمفهوم الصحابة ومن يطلق عليه لفظ الصحابة كافية لبيان ان لفظ الصحابي
لا يطلق الا على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثُرت مجالسته له عن طريق التبع له والأخذ عنه فهم الذين لازموه ونصروه واتّبعوا النور الذي أنزله الله .
2_الاشكال ليس في تعريف الصحابي بأنه كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة، ولكن الاشكال الحقيقي في ادعاء ان الله اثنى على كل مسلم رأى الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا ما يحتاج الى دليل والواقع ان القران اخبرنا عن الذين عاشوا مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقسمهم الى عدة اقسام قال تعالى في سورة التوبه وهي اخر سورة انزلت :
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74) وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87) لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) )
فالمدقق بهذه الايات يجد ان هناك
اولا:الكفار من المشركين واهل الكتاب .

ثانيا : منافقين يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر قد امرهم الله بالتوبة ،
وقسم من هؤلاء هم الاعراب الذين هم اشد كفرا ونفاقا وقد فضحهم الله هؤلاء باعمالهم .
وهناك منافقون من الاعراب ومن اهل المدينة لا يعلمهم الرسول توعدهم الله بالعذاب الشديد
ثالثا : هناك من الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وهؤلاء وعدهم الله على اعمالهم هذه ان يدخلهم في رحمته .
رابعا : من اثنى عليهم الله لاعمالهم واخبرنا انه رضي عليهم وهؤلاء هم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ والهجرة والنصرة اعمال عظيمة منهم الحقنى الله بهم وجعلنا من الذين يتبعوهم باحسان
وقد اخبرنا الله ايضا انه رضي عن الذين بايعوه تحت الشجرة.
وقد ميز الله بين الذين انفقوا من قبل الفتح وقاتلوا عن الذين انفقوا من بعد الفتح وقاتلوا لا حظ ان الثناء دائما من الله على اعمالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وليس على مجرد الصحبة
قال تعالى (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فوعدهم الحسنى على انفاقهم وقتالهم وميز من انفق من قبل الفتح وقاتل .

خامسا : وهناك من المسلمين اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا فوعد الله هؤلاء بالتوبة عليهم اذا تابوا .
سادسا :هناك من المسلمين مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ اذا لم يتوبوا وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ اذا تابوا .
3_ لا عصمة لاحد بعد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
4_ ليست قضيتنا تناول معاوية ولا غير معاوية فالامر يتعلق ببحث واقع اعماله التي قام بها انها تخالف الاسلام فلا احد فوق الاحكام الشرعية كائنا من كان .
5_ منهج الحزب عندما يعالج الافكار والمفاهيم ان يناقش ما يطرح الشخص دون تناول الشخص نفسه فمالنا ومال ابن تيمية رحمه الله او غيره المهم ماطرحه ونقاش ما طرحه يكون ببيان خطأ ما يقول الحجة بالحجة دون التعرض للشخص فقضيتنا ان نجمع المسلمين على الاسلام لا ان ندخل في جدال ونقاش قضايا على وجه يوجد الشرخ بين المسلمين .

ابواحمد
28-04-2011, 09:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخي عبد الوحد وكثر امثالك . فعلا لم يخطئ من قال لقد كفيت ووفيت.
والحقيقة ان المرأ ليستغرب كيف ان هؤلاء يظللون في المفاهيم ويتحاشون النظر في الايات الواضحات التي فرقت بين من آمن وانفق من قبل الفتح وقاتل وبين من امن وانفق وقاتل من بعد الفتح . نسأل الله لنا ولهم الهداية الي الحق .

الحاسر
28-04-2011, 09:17 PM
اخ عبد الواحد ما رايك بحديث ان معاوية من كتاب الوحي؟ ما حكم هذا الحديث؟ و لم ولاه عمر (رض) طول فترة حكمه و كذلك عثمان , و كيف سكت عنه عمر و هو المعروف بشدة المحاسبة للولاة.
بارك الله بكم

عبد الواحد جعفر
29-04-2011, 10:53 AM
اخ عبد الواحد ما رايك بحديث ان معاوية من كتاب الوحي؟ ما حكم هذا الحديث؟ و لم ولاه عمر (رض) طول فترة حكمه و كذلك عثمان , و كيف سكت عنه عمر و هو المعروف بشدة المحاسبة للولاة.
بارك الله بكم
الأخ الفاضل، الحاسر، تحية طيبة، وبعد،،
الحديث الذي يعتمد عليه من يقول بأن معاوية بن أبي سفيان من كتبة الوحي هو ما أخرجه مسلم في صحيحه (ج 7 / ص 140) عن ابن عباس صحيح قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبي الله ثلاث أعطنيهن قال نعم قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال نعم قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك قال نعم قال وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال نعم.
قال أبو زميل ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك لأنه لم يكن يسئل شيئا إلا قال نعم.
قال ابن القيم: "وقد رد هذا الحديث جماعة من الحفاظ وعدوه من الأغلاط في كتاب مسلم. قال ابن حزم هذا حديث موضوع لا شك في وضعه والآفة فيه من عكرمة بن عمار فإنه لم يختلف في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها قبل الفتح بدهر وأبوها كافر وقال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الكشف له هذا الحديث وهم من بعض الرواة لا شك فيه ولا تردد وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راويه وقد ضعف أحاديثه يحيى بن سعيد الأنصاري وقال ليست بصحاح وكذلك قال أحمد بن حنبل هي أحاديث ضعاف وكذلك لم يخرج عنه البخاري إنما أخرج عنه مسلم لقول يحيى بن معين ثقة
قال وإنما قلنا إن هذا وهم لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش وولدت له وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة ثم تنصر وثبتت أم حبيبة على دينها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يخطبها عليه فزوجه إياها وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم وذلك سنة سبع من الهجرة وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها فنحت بساط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان ولا يعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا سفيان
وقد تكلف أقوام تأويلات فاسدة لتصحيح الحديث كقول بعضهم إنه سأله تجديد النكاح عليها وقول بعضهم إنه ظن أن النكاح بغير إذنه وتزويجه غير تام فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه إياها نكاحا تاما فسلم له النبي صلى الله عليه وسلم حاله وطيب قلبه بإجابته وقول بعضهم إنه ظن أن التخيير كان طلاقا فسأل رجعتها وابتداء النكاح عليها وقول بعضهم إنه استشعر كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لها وأراد بلفظ التزويج استدامة نكاحها لا ابتداءه وقول بعضهم يحتمل أن يكون وقع طلاق فسأل تجديد النكاح وقول بعضهم يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك قبل إسلامه كالمشترط له في إسلامه ويكون التقدير ثلاث إن أسلمت تعطينيهن وعلى هذا اعتمد المحب الطبري في جواباته للمسائل الواردة عليه وطول في تقريره
وقال بعضهم إنما سأله أن يزوجه ابنته الأخرى وهي أختها وخفي عليه تحريم الجمع بين الأختين لقرب عهده بالإسلام فقد خفي ذلك على ابنته أم حبيبة حتى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وغلط الراوي في اسمها
وهذه التأويلات في غاية الفساد والبطلان وأئمة الحديث والعلم لا يرضون بأمثالها ولا يصححون أغلاط الرواة بمثل هذه الخيالات الفاسدة والتأويلات الباردة التي يكفي في العلم بفسادها تصورها" حاشية ابن القيم - (ج 2 / ص 1).
وهذا النقد ليس فقط من ابن القيم لحديث مسلم، بل نقده أيضاً الذهبي في ميزان الاعتدال 5/116، وكذلك البيهقي في السنن الكبرى 7/140، وابن تيمية في مجموع الفتاوى 17/131-132، والقاضي عياض، وغيرهم .
هذا من حيث الحديث، أما من حيث الواقع، فإن معاوية بن أبي سفيان بعد إسلامه هو وأبوه عام الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقية، وكان قد كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن الأثير في كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة (5/201) وحكاية الكتابة هذه إن ثبتت فإنه يغلب على الظن أنها كتابة إدراية في الغنائم والعطايا ونحوه، وليس في كتابة الوحي، للنكارة الشديدة لحديث مسلم السابق.
وإذا كان معاوية بن أبي سفيان لم تعرف له هجرة إلى المدينة، ولا نص في ذلك من كتب الحديث أو السير، فإنه على الأغلب كانت كتابة مؤقتة وربما كانت في غزوة حنين والله أعلم.
على أن كتابة الوحي لا تمنع من ارتكاب الموبقات كما لم تمنع من الارتداد عن الإسلام كلية، فإن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان قد أسلم وهاجر ، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ولحق بمكة ، فلما كان يوم الفتح أتى به عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبايعه فأمسك عنه طويلا ، ثم بايعه وقال إنما أمسكت عنه ليقوم إليه بعضكم ، فيضرب عنقه فقال له رجل هلا أومأت إلي يا رسول الله ؟ فقال ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين. زاد المعاد - (ج 3 / ص 403)

ابو ابراهيم
18-05-2011, 09:06 AM
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ

سيفي دولتي
20-05-2011, 02:59 PM
جزاك الله كل خير أخي عبدالواحد ....

أعلم شيئا أن من يدافع عن معاوية وأعماله إما أعمى لا يرى أو أنه ينافق ...