المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو السياسي؟



عبد الواحد جعفر
22-03-2011, 04:50 PM
من هو السياسي؟
هل السياسي هو الذي يحلل الأحداث ولا يرسم السياسات؟! أم السياسي هو الذي يفهم الأخبار والوقائع ومدلولاتها، ويصل إلى المعرفة التي تمكّنه من العمل؟! وهل ما نقوم به نحن هو مجرد فهم الأخبار والوقائع أم هو فهم الأخبار والوقائع بقصد القيام بأعمال من أجل غرض سياسي معين؟!
وهل السياسي هو الذي يتعاطى السياسة نظرياً؟! أم هو الذي يفكر بالسياسة ويتعاطى السياسة عملياً؟!

أبو زكريّا
22-03-2011, 05:37 PM
أما إذا كان التفكير السياسي، تفكيرا بالأخبار والوقائع وربطا للحوادث فانه يخالف جميع أنواع التفكير . ولا تنطبق عليه ولا قاعدة من قواعده. بل لا تكاد تربطه قاعدة، ولذلك هو أعلى أنواع التفكير وأصعب أنواع التفكير . أما كونه أعلى أنواع التفكير فلأنه هو التفكير بالأشياء والحوادث ، والتفكير بكل نوع من أنواع التفكير ، ولذلك هو أعلاها جميعا . صحيح أن القاعدة الفكرية التي تبنى عليها الأفكار وتنبثق عنها المعالجات هي أعلى أنواع التفكير، ولكن هذه القاعدة هي نفسها فكر سياسي، وفكرة سياسية، وإذا لم تكن فكرة سياسية وتفكيرا سياسيا، لا تكون قاعدة صحيحة، ولا تصلح لان تكون قاعدة ولذلك فانا حين نقول أن التفكير السياسي هو أعلى أنواع التفكير، فان ذلك يشمل القاعدة الفكرية، أي التي تصلح لان تكون قاعدة فكرية. وأما كونه أصعب أنواع التفكير، فانه لعدم وجود قاعدة له يبنى عليها ويقاس عليها، ولذلك فانه يحير المفكر ويجعله في أول الأمر معرضا للخطأ الكثير، وفريسة للأوهام والأخطاء. وما لم يمر بالتجربة السياسية وبدوام اليقظة والتتبع لجميع الحوادث اليومية، فانه من الصعب عليه أن يتمكن من التفكير السياسي . ولذلك فان التفكير السياسي بالأخبار والوقائع يتميز عن جميع أنواع التفكير ويمتاز عليها امتيازا ظاهرا.
فالتفكير بالنصوص السياسية، وان كان يشمل التفكير بنصوص العلوم السياسية ونصوص الأبحاث السياسية ، ولكن التفكير السياسي الحق ، هو التفكير بنصوص الأخبار والوقائع ، ولذلك كانت صياغة الأخبار هي التي تعتبر نصوصا سياسية حقة . وإذا كان المرء يريد التفكير السياسي ، فان عليه التفكير بنصوص الأخبار ولا سيما صياغتها وكيفية فهم هذه الصياغة . لان هذا هو الذي يعتبر تفكيرا سياسيا، وليس التفكير بالعلوم السياسية والأبحاث السياسية . لان التفكير بالعلوم السياسية والأبحاث السياسية يعطي معلومات ، تماما كالتفكير بالنصوص الفكرية ويعطي فكرا عميقا أو مستنيرا ، ولكنه لا يجعل المفكر سياسيا ، وإنما يجعله عالما بالسياسة ، أي عالما بالأبحاث السياسية والعلوم السياسية ومثل هذا يصلح لان يكون معلما ولا يصلح أن يكون سياسيا . لان السياسي هو الذي يفهم الأخبار والوقائع ومدلولاتها ، ويصل إلى المعرفة التي تمكنه من العمل. سواء أكان له إلمام بالعلوم والأبحاث السياسية، أو لم يكن له إلمام ، وان كانت العلوم السياسية والأبحاث السياسية تساعد على فهم الأخبار والوقائع ، ولكن مساعدتها هذه إنما تقف عند حد المساعدة في جلب نوع المعلومات عند الربط ، ولا تساعد في غير ذلك . ولهذا فانه ليس شرطا في التفكير السياسي.
من كتاب التفكير للشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله