أبو زكريّا
06-03-2011, 07:09 PM
إنّ الباحث في موضوع الفساد وكلّ ما يتعلّق به ،يجد أنّه كلّما ازداد تعمّقا وشمولا وتوسّعا ، ازداد يقينه وجزمه بأنّه صناعة غربيّة بامتياز. فهو نتاج طبيعي لمفاهيم الحضارة الغربيّة والفكر الغربي وبالأخصّ لعقيدته السياسيّة ولوجهة نظره في الحياة. وسوف نحاول من خلال هذا العرض البسيط تبيان هذا الأمر حتّى نكفّ جميعا أن نتّخذ الغرب قدوة وحتّى ننتهي عن تقليده واتباعه في كلّ ما يقوم به ، وحتّى نكفّ عن التفكير مثلما يفكّر هو. إذ أنّ مصيبتنا وحجر مقتلنا أنّنا جارينا الغرب في كلّ عمل وفكر واقتفينا أثره في كلّ شيء حتّى صرنا غرباء عن أنفسنا وشعوبنا وعن محيطنا وعمّا تتطلّبه نهضتنا وعمّا تحتاجه أمّتنا وعمّا تتطلّبه قضايانا وخاصّة منها القضايا المصيريّة ، فلا بدّ من تحمّل مسؤولياتنا والإخلاص في الأعمال المطالبين بها ونزع سمات الذلّ والانحطاط والعودة أصحاب عزّ ومجد وقيادة وقدوة كما كنّا من قبل.
1- لماذا الفساد لا يمكن أن يكون إلاّ صناعة غربيّة :
إنّ عقيدة الغرب السياسيّة مبنيّة على الهرب من بحث عقدة وجود الله عزّ وجلّ من عدمه وعلى الفصل بين هذه القضيّة التي يعتبرونها فرديّة وشأن شخصي وبين الحياة التي يعيشها الفرد في المجتمع أي بصورة أخرى عقيدتهم تتمثّل في نفي صلة الله بالحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والتعليميّة للمجتمع ويدعون هذه العقدة لكلّ فرد ليجد لنفسه الإجابة التي تناسبه.
هذه العقيدة ليست فقط باطلة بل هي أكبر جريمة فساد إرتكبتها الإنسانيّة في حقّ خالقها. فكيف يمكن نفي صلة الخالق بالحياة وهو خالقها ، وهي مناط تكليفنا وموضوع عملنا الذي سنحاسب عليه يوم القيامة: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) و هو سبحانه المتفرّد بالألوهيّة فلا إلاه إلاّ هو والمتفرّد بالعبوديّة فلا معبود إلاّ هو ومتفرّد بالحاكميّة وهو القائل في كتابه العزيز : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) والقائل : (أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يؤمنون) والقائل : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) والقائل : (فماذا بعد الحق إلا الضلال فأني تصرفون ) والقائل ( و لا يشرك في حكمه أحداً ) .
إنّ العقيدة الغربيّة تعني أنّ الإنسانيّة بلغت درجات الكمال والاستقلال وبالتّالي لا تقبل تشريعا إلاّ أن تكون هي مصدره فهي إذن لا تطيع إلاّ نفسها أي أنّها دين جديد أخذ فيه الإنسان مكان الخالق وأصبح يُعبد ويُطاع كأنّما هو الخالق.
إنّ التشريع لا يمكن إلاّ أن يكون إلاّ من عند خالق الإنسان والحياة وقد اختصّ الله تعالى به لنفسه ، حتّى إذا تجرّأ الإنسان على خالقه في هذا الحقّ انقلب عليه هذا التشريع فسادا ومنكر وبغيا وعدوانا ، وهذا ما وقعت فيه الإنسانيّة في وقتنا الحاضر.
إنّ الفساد والكفر والبغي والظلم واستحلال الحرمات وانتهاك الأعراض وسلب الحقوق هو نتيجة طبيعيّة لتطبيق الأنظمة الوضعيّة الفاسدة في حياة الإنسان. يقول R. Guenon :" إنّ الذي نفهمه من النزعة الفرديّة هي النفي لكلّ مبدأ سامي على الفرديّة. ممّا ينتج عن ذلك إرجاع الحضارة بمختلف أبعادها إلى العناصر الإنسانيّة الخالصة. " ولذلك عندما نقول فرديّة L'individualisme*فإنّنا نعني بالضرورة نفي الاعتراف بأيّ سلطة سامية فوق الفرد وأيضا أيّ معرفة أسمى من المنطق الفردي. ويقدّم لنا Léon De Poncin مقارنة عجيبة بين نظام وضعي ونظام شرّعه المولى لعباده فيقول :*« إنّ الفارق الأساس بين النظامين يتمثّل فيما إذا كانت حكومة تسوس النّاس باسم مبدأ سامي ، تكون هي نفسها خاضعة لذلك التشريع السامي بحيث لا يمكن لها أن تَخْرِقَه ، حتّى أن فعلت ذلك تكون قد حلّلت النّاس من واجب الطّاعة بدون أن تنقض بهذا العمل مبدأها الخاص للسلطة. ولكن إرادة العدد ، تكون بالعكس جاهلة وغير متجانسة ، وتكون دائما شرعيّة وسامية مهما فعلت الحكومة ومهما كانت الجرائم والانتهاكات المُتَرفة. إنّ الديموقراطيّة تتجاهل الحقيقة ولذلك نجدها تتخلّى عن البحث عنها -أي الحقيقة- لفائدة الأغلبيّة عند الاقتراع. وهنا تكمن الكذبة البدائيّة في الديموقراطيّة من كون إرادة الشعب تكون موجّهة دائما نحو الخير ، ومن كونها تريد الحريّة وليس الهدم الجذري لها. *»
يقول Gustave Le Bon عن التحوّلات الحضاريّة :*«*إنّ الحضارات كانت من صنع وتوجيه أرستقراطيّة فكريّة قليلة العدد وليست من صنع الجماهير. سيادة الجماهير تمثّل دائما حالة فوضى. إنّ الحضارة تتطلّب دائما قواعد ثابتة وانضباط وانتقال من الغريزي إلى العقلاني واستكشاف للمستقبل ودرجة عالية من الثقافة. شروط كلّها ليست في متناول الجماهير المتحرّكة لحالها.*» هكذا جئنا على أصل الفساد وجذوره فلنبحث الآن فيما نتج عنه.
1- لماذا الفساد لا يمكن أن يكون إلاّ صناعة غربيّة :
إنّ عقيدة الغرب السياسيّة مبنيّة على الهرب من بحث عقدة وجود الله عزّ وجلّ من عدمه وعلى الفصل بين هذه القضيّة التي يعتبرونها فرديّة وشأن شخصي وبين الحياة التي يعيشها الفرد في المجتمع أي بصورة أخرى عقيدتهم تتمثّل في نفي صلة الله بالحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والتعليميّة للمجتمع ويدعون هذه العقدة لكلّ فرد ليجد لنفسه الإجابة التي تناسبه.
هذه العقيدة ليست فقط باطلة بل هي أكبر جريمة فساد إرتكبتها الإنسانيّة في حقّ خالقها. فكيف يمكن نفي صلة الخالق بالحياة وهو خالقها ، وهي مناط تكليفنا وموضوع عملنا الذي سنحاسب عليه يوم القيامة: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) و هو سبحانه المتفرّد بالألوهيّة فلا إلاه إلاّ هو والمتفرّد بالعبوديّة فلا معبود إلاّ هو ومتفرّد بالحاكميّة وهو القائل في كتابه العزيز : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) والقائل : (أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يؤمنون) والقائل : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) والقائل : (فماذا بعد الحق إلا الضلال فأني تصرفون ) والقائل ( و لا يشرك في حكمه أحداً ) .
إنّ العقيدة الغربيّة تعني أنّ الإنسانيّة بلغت درجات الكمال والاستقلال وبالتّالي لا تقبل تشريعا إلاّ أن تكون هي مصدره فهي إذن لا تطيع إلاّ نفسها أي أنّها دين جديد أخذ فيه الإنسان مكان الخالق وأصبح يُعبد ويُطاع كأنّما هو الخالق.
إنّ التشريع لا يمكن إلاّ أن يكون إلاّ من عند خالق الإنسان والحياة وقد اختصّ الله تعالى به لنفسه ، حتّى إذا تجرّأ الإنسان على خالقه في هذا الحقّ انقلب عليه هذا التشريع فسادا ومنكر وبغيا وعدوانا ، وهذا ما وقعت فيه الإنسانيّة في وقتنا الحاضر.
إنّ الفساد والكفر والبغي والظلم واستحلال الحرمات وانتهاك الأعراض وسلب الحقوق هو نتيجة طبيعيّة لتطبيق الأنظمة الوضعيّة الفاسدة في حياة الإنسان. يقول R. Guenon :" إنّ الذي نفهمه من النزعة الفرديّة هي النفي لكلّ مبدأ سامي على الفرديّة. ممّا ينتج عن ذلك إرجاع الحضارة بمختلف أبعادها إلى العناصر الإنسانيّة الخالصة. " ولذلك عندما نقول فرديّة L'individualisme*فإنّنا نعني بالضرورة نفي الاعتراف بأيّ سلطة سامية فوق الفرد وأيضا أيّ معرفة أسمى من المنطق الفردي. ويقدّم لنا Léon De Poncin مقارنة عجيبة بين نظام وضعي ونظام شرّعه المولى لعباده فيقول :*« إنّ الفارق الأساس بين النظامين يتمثّل فيما إذا كانت حكومة تسوس النّاس باسم مبدأ سامي ، تكون هي نفسها خاضعة لذلك التشريع السامي بحيث لا يمكن لها أن تَخْرِقَه ، حتّى أن فعلت ذلك تكون قد حلّلت النّاس من واجب الطّاعة بدون أن تنقض بهذا العمل مبدأها الخاص للسلطة. ولكن إرادة العدد ، تكون بالعكس جاهلة وغير متجانسة ، وتكون دائما شرعيّة وسامية مهما فعلت الحكومة ومهما كانت الجرائم والانتهاكات المُتَرفة. إنّ الديموقراطيّة تتجاهل الحقيقة ولذلك نجدها تتخلّى عن البحث عنها -أي الحقيقة- لفائدة الأغلبيّة عند الاقتراع. وهنا تكمن الكذبة البدائيّة في الديموقراطيّة من كون إرادة الشعب تكون موجّهة دائما نحو الخير ، ومن كونها تريد الحريّة وليس الهدم الجذري لها. *»
يقول Gustave Le Bon عن التحوّلات الحضاريّة :*«*إنّ الحضارات كانت من صنع وتوجيه أرستقراطيّة فكريّة قليلة العدد وليست من صنع الجماهير. سيادة الجماهير تمثّل دائما حالة فوضى. إنّ الحضارة تتطلّب دائما قواعد ثابتة وانضباط وانتقال من الغريزي إلى العقلاني واستكشاف للمستقبل ودرجة عالية من الثقافة. شروط كلّها ليست في متناول الجماهير المتحرّكة لحالها.*» هكذا جئنا على أصل الفساد وجذوره فلنبحث الآن فيما نتج عنه.