أبو عصام
02-03-2011, 10:44 PM
الموضوع منشور في موقع اسلام اون لاين للدكتور رفيق حبيب
المشروع الإسلامي.. حرب الشعارات (2)
موقع السياسة في مشروع الحركة الإسلامية المعاصرة
د. رفيق حبيب
تدور الكثير من المعارك حول علاقة الدين بالدولة، وهي تمثل صلب المعركة مع المشروع الإسلامي والحركات الإسلامية. فبالنسبة لعلاقة الدين والدولة، أو الدين والسياسة، هناك الخيار العلماني والذي يقوم على فصل الدين عن النظام السياسي بالكامل، وبالتالي فصل الدين عن الدولة، وهناك الخيار الإسلامي الذي يربط بين الدين والسياسة، والدين والدولة. وجوهر هذا الخلاف يتعلق أساسا بمرجعية النظام السياسي.
ففي العلمانية تكون المرجعية السياسية هي اختيار بَشَري، وفي الإسلامية تكون مرجعية النظام السياسي هي الدين. ولأن هذه المسألة تمثل فارقا مهما بين المشروع الإسلامي وخصومه، لذا نجد هذه القضية في صلب معارك المشروع الإسلامي.
الدين والسياسة
وتحدث المواجهة بين شعار "الإسلام دين ودولة"، والعديد من الشعارات المخاصمة له، مثل عدم خلط الدين بالسياسة، واستخدام الدين في السياسة، و"لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، وتديين السياسة وتسييس الدين، وكلها شعارات تحاول طرح صورة سلبية للعلاقة بين الدين والسياسة، حتى تحذر الناس من تأييد الحركات التي تحمل تصورا سياسيا دينيا، وتشيع بينهم الخوف من مثل تلك المشاريع، وتثير قلقهم من أي حركة تصل للسلطة وهي تحمل مشروعا سياسيا يقوم على المرجعية الدينية.
ويلاحظ أن بعض تلك الشعارات المضادة للمشروع الإسلامي، لا تحدد معنى لما تقصده، بقدر ما تحاول سك شعار يتم نشره بين الناس، ويحمل الصورة السلبية المراد نشرها. ومع عدم وضوح المعنى المقصود، يفقد المتلقي قدرته على تقييم الواقع الراهن، والمشاريع المعروضة عليه.
فالقول بأهمية عدم خلط الدين بالسياسة، ليس له معنى محدد، ولكنه يوحي بأن هناك خطأً ما يحدث، عندما تختلط أمور مختلفة عن بعضها البعض.
وقد يكون المعنى المقصود هو الخلط بين قواعد الدين وقواعد السياسة، أي الخلط بين قواعد منفصلة عن بعضها، ولا علاقة بينها.
ولكن المشروع الذي تحمله الحركات الإسلامية يختلف عن هذا، فهو يقوم على مرجعية القواعد الدينية في العمل السياسي، وبهذه لا يصبح هناك خلط بين قواعد مختلفة عن بعضها. ونفس الأمر يتكرر في تعبير استخدام الدين في السياسة، فهو يعني توظيف الدين لصالح السياسة، فتصبح السياسة هي التي تحدد الأهداف والغايات، والدين يستخدم لتحقيق غايات سياسية منفصلة عنه، وغير نابعة منه.
ولكن الحركة الإسلامية تقدم تصورا مختلفا، فهي ترى أن الدين هو الذي يحدد غايات وأهداف السياسة، ويصبح العمل السياسي خاضعا لمعايير الدين، وبالتالي فالحركة الإسلامية لا تستخدم الدين، ولكن تلزم نفسها به، وتخضع عملها السياسي له.
والملاحظ أن أنظمة الحكم غير الإسلامية، هي التي تخلط بين الدين والسياسة، وتستخدم الدين في السياسة. فهذه الأنظمة تقوم على مرجعية علمانية، لذا فقيمها السياسية العليا غير مستمدة من الدين، ولكنها توظف الخطاب الديني لتبرير ما تفعل حتى تؤثر على الناس، وحتى تعطي شرعية دينية لبعض تصرفاتها.
وشواهد الواقع تؤكد أن النظم العلمانية في المجتمعات العربية والإسلامية، لا يمكنها أن تتجاهل وجود الدين في حياة المجتمعات الإسلامية، لذا تحاول السيطرة على المجال الديني وإخضاعه للدولة، حتى يبقى المجال الديني مصادرا من قبل النظام العلماني، يوظفه متى شاء وينحيه متى أراد. وهنا تصبح القيم العليا غير دينية، أي قيماً دنيوية، وهي التي تسيطر على الدين، وتجعل الدين أداة، وتضعه في موضع تالٍ لهيمنة النظام السياسي والدولة.
ولكن نشر المقولات التي تحذر الناس من دور الدين في السياسة، لا تسمح لكل من يتلقاها بتفسيرها وتحليلها، حتى يعرف الغرض منها. فالهدف منها أن تكون شعارا أو مقولة تتناقل بين الناس، حتى تخيف جزءا منهم من المشروع الإسلامي، فتمنع وصول فكرة المشروع الإسلامي لبعض فئات المجتمع. ومن هنا يتشكل ما يسمى بالفئات المتخوفة من المشروع الإسلامي، ثم يطلب من الحركة الإسلامية طمأنة تلك الفئات، رغم أن جزءاً من تخوف هذه الفئات، هو بفعل فاعل، أي بفعل خصوم المشروع الإسلامي.
والناظر للمقولات الرافضة لدور الدين في السياسة، يجدها لا تعبر عن حقيقتها بوضوح، فحقيقة تلك الرؤى المناهضة للمشروع السياسي الديني، أنها ترفض أن يكون الدين مرجعية للعمل السياسي، وترفض أن تكون قيم ومبادئ وأحكام الدين، هي المرجعية العليا للدستور، وبالتالي ترفض الاحتكام للدين، وتحاول جعل السياسة متحررة من الدين، وتصبح السياسة عملا لا يتقيد بأي معيار ديني.
ولكن تلك المعاني لا تصلح للترديد بين الناس، لأنها تعطي معنى سلبيا في مجتمع متدين، وتظهر قائلها بصورة المتحرر من أحكام الدين.
انكشاف العلمانية
هنا تبرز قضية جوهرية، فالمشروع الإسلامي يقدم نفسه للناس بصورته، لأن لديه تصورا يؤمن به، ولديه قناعة أن الجماهير سوف تؤيده في النهاية، ولكن خصوم المشروع الإسلامي، لديهم تصورات سياسية مرفوضة شعبيا، لذا لا يمكن عرضها على الناس بصورتها الحقيقية. لذا نجد النخب العلمانية لا تسمي نفسها بالعلمانية، وأيضا الأحزاب والحكومات العلمانية، لأنها تعرف أن مصطلح العلمانية أصبح مصطلحا مكشوفا أمام الناس، ويرى الكثير منهم أن معناه سلبي.
وإذا تحولت المعركة السياسية بين المشروع الإسلامي والمشروع العلماني، إلى معركة تستخدم المصطلح الواضح والمعنى الواضح، وقدمت النخب العلمانية مشروعها بوضوح، وانتقدت المشروع الإسلامي بدون تورية وخداع، فإن المعركة يمكن أن تحسم لصالح المشروع الإسلامي. لذا يتم استخدام الشعارات والمقولات التي تشوه المشروع الإسلامي وتظهره على غير حقيقته، كما يتم تغطية حقيقة المشاريع الأخرى المعادية له.
ومن خلال الضغط الإعلامي -المسيطر عليه من الاتجاهات العلمانية والحكومية- توضع الحركة الإسلامية في حالة دفاع عن الفكرة، حتى تستنزف في توضيح فكرتها، والرد على الشبهات التي تثار حولها. ولكن هذا الموقف لا يمثل كل النتيجة المحققة من خلال الهجوم على المشروع الإسلامي، لأن الهدف الآخر المراد تحقيقه، هو تسريب قدر من أفكار المشروعات الأخرى إلى المشروع الإسلامي، أي تسريب قدر من العلمانية للمشروع الإسلامي، بحيث يصبح الجانب السياسي منه علمانيا، يخضع لقواعد سياسية منفصلة عن المرجعية الدينية.
ورغم صعوبة تلك المهمة، فإن الملاحظ أن محاولة تشويه دور الدين في السياسة، تدفع البعض لعرض رؤيتهم السياسية الإسلامية، باعتبارها تشابه وتماثل الرؤى الأخرى، وأنها في النهاية رؤية بشرية، وهذا صحيح ولكنها اجتهاد بشري يلتزم بالمرجعية الدينية، وليس اجتهادا بشريا خارجاً على المرجعية الدينية.
وفي محاولة توضيح التماثل أو التقارب بين الرؤية السياسية الإسلامية والرؤى السياسية الأخرى، يتم إدخال بعض القواعد السياسية العلمانية، حتى تصبح شروطا على الممارسة السياسية الإسلامية. وأهم تلك الشروط المتداولة، هي أن يكون كل تصرف سياسي منسوبا إلى فرد أو حزب، ولا ينسب للدين، ولا لاجتهاد الفرد أو الحزب أو الجماعة الديني. وهي محاولة لمنع السياسي من القول بأن رأيه يمثل اجتهاده الإسلامي.
تلك المحاولات تضغط على الطرف الإسلامي حتى يقدم رأيه غير منسوب لمرجعيته، حتى تصبح تلك قاعدة للعمل السياسي، ومنها يتم تحقيق الهدف الأهم، وهو عزل الدين عن المجال السياسي. ويتم ذلك تدريجيا من خلال إخراج العنوان الإسلامي من المجال السياسي. لذا فقبول بعض الأطراف الإسلامية بمثل هذه الشروط، يؤدي إلى ظهور طبعات من المشروع السياسي الإسلامي، تستجيب لحملة إدانة العلاقة بين الدين والسياسة، وتضعف موقف المشروع الإسلامي، لأنها تضيف ضغطا جديدا، ومن الداخل الإسلامي، على الحركات الإسلامية المتمسكة بالعنوان الإسلامي لتصرفاتها السياسية.
المشروع الإسلامي.. حرب الشعارات (2)
موقع السياسة في مشروع الحركة الإسلامية المعاصرة
د. رفيق حبيب
تدور الكثير من المعارك حول علاقة الدين بالدولة، وهي تمثل صلب المعركة مع المشروع الإسلامي والحركات الإسلامية. فبالنسبة لعلاقة الدين والدولة، أو الدين والسياسة، هناك الخيار العلماني والذي يقوم على فصل الدين عن النظام السياسي بالكامل، وبالتالي فصل الدين عن الدولة، وهناك الخيار الإسلامي الذي يربط بين الدين والسياسة، والدين والدولة. وجوهر هذا الخلاف يتعلق أساسا بمرجعية النظام السياسي.
ففي العلمانية تكون المرجعية السياسية هي اختيار بَشَري، وفي الإسلامية تكون مرجعية النظام السياسي هي الدين. ولأن هذه المسألة تمثل فارقا مهما بين المشروع الإسلامي وخصومه، لذا نجد هذه القضية في صلب معارك المشروع الإسلامي.
الدين والسياسة
وتحدث المواجهة بين شعار "الإسلام دين ودولة"، والعديد من الشعارات المخاصمة له، مثل عدم خلط الدين بالسياسة، واستخدام الدين في السياسة، و"لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، وتديين السياسة وتسييس الدين، وكلها شعارات تحاول طرح صورة سلبية للعلاقة بين الدين والسياسة، حتى تحذر الناس من تأييد الحركات التي تحمل تصورا سياسيا دينيا، وتشيع بينهم الخوف من مثل تلك المشاريع، وتثير قلقهم من أي حركة تصل للسلطة وهي تحمل مشروعا سياسيا يقوم على المرجعية الدينية.
ويلاحظ أن بعض تلك الشعارات المضادة للمشروع الإسلامي، لا تحدد معنى لما تقصده، بقدر ما تحاول سك شعار يتم نشره بين الناس، ويحمل الصورة السلبية المراد نشرها. ومع عدم وضوح المعنى المقصود، يفقد المتلقي قدرته على تقييم الواقع الراهن، والمشاريع المعروضة عليه.
فالقول بأهمية عدم خلط الدين بالسياسة، ليس له معنى محدد، ولكنه يوحي بأن هناك خطأً ما يحدث، عندما تختلط أمور مختلفة عن بعضها البعض.
وقد يكون المعنى المقصود هو الخلط بين قواعد الدين وقواعد السياسة، أي الخلط بين قواعد منفصلة عن بعضها، ولا علاقة بينها.
ولكن المشروع الذي تحمله الحركات الإسلامية يختلف عن هذا، فهو يقوم على مرجعية القواعد الدينية في العمل السياسي، وبهذه لا يصبح هناك خلط بين قواعد مختلفة عن بعضها. ونفس الأمر يتكرر في تعبير استخدام الدين في السياسة، فهو يعني توظيف الدين لصالح السياسة، فتصبح السياسة هي التي تحدد الأهداف والغايات، والدين يستخدم لتحقيق غايات سياسية منفصلة عنه، وغير نابعة منه.
ولكن الحركة الإسلامية تقدم تصورا مختلفا، فهي ترى أن الدين هو الذي يحدد غايات وأهداف السياسة، ويصبح العمل السياسي خاضعا لمعايير الدين، وبالتالي فالحركة الإسلامية لا تستخدم الدين، ولكن تلزم نفسها به، وتخضع عملها السياسي له.
والملاحظ أن أنظمة الحكم غير الإسلامية، هي التي تخلط بين الدين والسياسة، وتستخدم الدين في السياسة. فهذه الأنظمة تقوم على مرجعية علمانية، لذا فقيمها السياسية العليا غير مستمدة من الدين، ولكنها توظف الخطاب الديني لتبرير ما تفعل حتى تؤثر على الناس، وحتى تعطي شرعية دينية لبعض تصرفاتها.
وشواهد الواقع تؤكد أن النظم العلمانية في المجتمعات العربية والإسلامية، لا يمكنها أن تتجاهل وجود الدين في حياة المجتمعات الإسلامية، لذا تحاول السيطرة على المجال الديني وإخضاعه للدولة، حتى يبقى المجال الديني مصادرا من قبل النظام العلماني، يوظفه متى شاء وينحيه متى أراد. وهنا تصبح القيم العليا غير دينية، أي قيماً دنيوية، وهي التي تسيطر على الدين، وتجعل الدين أداة، وتضعه في موضع تالٍ لهيمنة النظام السياسي والدولة.
ولكن نشر المقولات التي تحذر الناس من دور الدين في السياسة، لا تسمح لكل من يتلقاها بتفسيرها وتحليلها، حتى يعرف الغرض منها. فالهدف منها أن تكون شعارا أو مقولة تتناقل بين الناس، حتى تخيف جزءا منهم من المشروع الإسلامي، فتمنع وصول فكرة المشروع الإسلامي لبعض فئات المجتمع. ومن هنا يتشكل ما يسمى بالفئات المتخوفة من المشروع الإسلامي، ثم يطلب من الحركة الإسلامية طمأنة تلك الفئات، رغم أن جزءاً من تخوف هذه الفئات، هو بفعل فاعل، أي بفعل خصوم المشروع الإسلامي.
والناظر للمقولات الرافضة لدور الدين في السياسة، يجدها لا تعبر عن حقيقتها بوضوح، فحقيقة تلك الرؤى المناهضة للمشروع السياسي الديني، أنها ترفض أن يكون الدين مرجعية للعمل السياسي، وترفض أن تكون قيم ومبادئ وأحكام الدين، هي المرجعية العليا للدستور، وبالتالي ترفض الاحتكام للدين، وتحاول جعل السياسة متحررة من الدين، وتصبح السياسة عملا لا يتقيد بأي معيار ديني.
ولكن تلك المعاني لا تصلح للترديد بين الناس، لأنها تعطي معنى سلبيا في مجتمع متدين، وتظهر قائلها بصورة المتحرر من أحكام الدين.
انكشاف العلمانية
هنا تبرز قضية جوهرية، فالمشروع الإسلامي يقدم نفسه للناس بصورته، لأن لديه تصورا يؤمن به، ولديه قناعة أن الجماهير سوف تؤيده في النهاية، ولكن خصوم المشروع الإسلامي، لديهم تصورات سياسية مرفوضة شعبيا، لذا لا يمكن عرضها على الناس بصورتها الحقيقية. لذا نجد النخب العلمانية لا تسمي نفسها بالعلمانية، وأيضا الأحزاب والحكومات العلمانية، لأنها تعرف أن مصطلح العلمانية أصبح مصطلحا مكشوفا أمام الناس، ويرى الكثير منهم أن معناه سلبي.
وإذا تحولت المعركة السياسية بين المشروع الإسلامي والمشروع العلماني، إلى معركة تستخدم المصطلح الواضح والمعنى الواضح، وقدمت النخب العلمانية مشروعها بوضوح، وانتقدت المشروع الإسلامي بدون تورية وخداع، فإن المعركة يمكن أن تحسم لصالح المشروع الإسلامي. لذا يتم استخدام الشعارات والمقولات التي تشوه المشروع الإسلامي وتظهره على غير حقيقته، كما يتم تغطية حقيقة المشاريع الأخرى المعادية له.
ومن خلال الضغط الإعلامي -المسيطر عليه من الاتجاهات العلمانية والحكومية- توضع الحركة الإسلامية في حالة دفاع عن الفكرة، حتى تستنزف في توضيح فكرتها، والرد على الشبهات التي تثار حولها. ولكن هذا الموقف لا يمثل كل النتيجة المحققة من خلال الهجوم على المشروع الإسلامي، لأن الهدف الآخر المراد تحقيقه، هو تسريب قدر من أفكار المشروعات الأخرى إلى المشروع الإسلامي، أي تسريب قدر من العلمانية للمشروع الإسلامي، بحيث يصبح الجانب السياسي منه علمانيا، يخضع لقواعد سياسية منفصلة عن المرجعية الدينية.
ورغم صعوبة تلك المهمة، فإن الملاحظ أن محاولة تشويه دور الدين في السياسة، تدفع البعض لعرض رؤيتهم السياسية الإسلامية، باعتبارها تشابه وتماثل الرؤى الأخرى، وأنها في النهاية رؤية بشرية، وهذا صحيح ولكنها اجتهاد بشري يلتزم بالمرجعية الدينية، وليس اجتهادا بشريا خارجاً على المرجعية الدينية.
وفي محاولة توضيح التماثل أو التقارب بين الرؤية السياسية الإسلامية والرؤى السياسية الأخرى، يتم إدخال بعض القواعد السياسية العلمانية، حتى تصبح شروطا على الممارسة السياسية الإسلامية. وأهم تلك الشروط المتداولة، هي أن يكون كل تصرف سياسي منسوبا إلى فرد أو حزب، ولا ينسب للدين، ولا لاجتهاد الفرد أو الحزب أو الجماعة الديني. وهي محاولة لمنع السياسي من القول بأن رأيه يمثل اجتهاده الإسلامي.
تلك المحاولات تضغط على الطرف الإسلامي حتى يقدم رأيه غير منسوب لمرجعيته، حتى تصبح تلك قاعدة للعمل السياسي، ومنها يتم تحقيق الهدف الأهم، وهو عزل الدين عن المجال السياسي. ويتم ذلك تدريجيا من خلال إخراج العنوان الإسلامي من المجال السياسي. لذا فقبول بعض الأطراف الإسلامية بمثل هذه الشروط، يؤدي إلى ظهور طبعات من المشروع السياسي الإسلامي، تستجيب لحملة إدانة العلاقة بين الدين والسياسة، وتضعف موقف المشروع الإسلامي، لأنها تضيف ضغطا جديدا، ومن الداخل الإسلامي، على الحركات الإسلامية المتمسكة بالعنوان الإسلامي لتصرفاتها السياسية.