أبو عصام
02-03-2011, 10:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الكرام
لفت نظري هذا الموضوع والمنشور في موقع اسلام ان لاين للدكتور رفيق حبيب
المشروع الإسلامي.. حرب الشعارات (1)
المشروع الإسلامي..حصار الغايات وضرب الشعارات
د. رفيق حبيب
تحت عنوان المشروع الإسلامي، تقف رؤية ترى أن نهضة الأمة الإسلامية لن تتحقق إلا من خلال المرجعية الإسلامية، والتي تمثل الهوية الحضارية والدينية للأمة. وتلك الرؤية تتوافق مع قواعد التاريخ الحضاري، والتي تكشف أن كل الشعوب والأمم نهضت من خلال خصوصيتها الحضارية، وليس من خلال تقليد الحضارات المغايرة لها.
لكن النهوض الإسلامي بهذا المعنى، يمثل مشروعا لتقديم نموذج حضاري آخر، منافس ومغاير للنموذج الحضاري الغربي المهيمن. وفي كل مراحل التاريخ، تكون لحظة محاولة صعود أمة أو شعب لتحقيق نهضة حضارية، في ظل سيادة حضارة مغايرة، هي لحظة مفصلية، تحدث تغييرات واسعة في التاريخ الإنساني، وليست مجرد لحظة تحولات سياسية.
والدول الغربية من ناحيتها تحاول نشر نموذجها الحضاري وضمان هيمنته على العالم، على أساس أن هذا يحمي موضعها وموقعها، ويضمن لها قيادة العالم. والدول القائمة في البلاد العربية والإسلامية في أغلبها تنتمي للنموذج الحضاري الغربي، لذا فهي دول تابعة. وكل تفكير في النهوض الحضاري المستقل، يعني نهاية التبعية الحضارية للغرب، ومعها كل أشكال التبعية. كما ينهي عهد النخب الحاكمة المتحالفة مع الغرب، ويهدد الاحتلال الإسرائيلي بوصفه كيانا يقوم بحماية المصالح الغربية في المنطقة من خلال ردع الدول العربية والإسلامية.
وشعوب الأمة تعيش مرحلة التراجع الحضاري، لذا فهي لم تصل بعد لمرحلة الإيمان الكامل بقدرتها على النهوض، ورغم أن هويتها لا تغيب عنها، إلا إن إرادة التغيير والنهوض لم تتحقق بعد لدى أغلبية الأمة الإسلامية، بالصورة التي تجعلها تتحرك حركة جماعية منظمة نحو إحداث النهوض. ومع حالة التراجع الحضاري تفقد الأمة الكثير من ثقتها في نفسها، وتفقد القدرة على تحدي الصعاب، وأيضا تفقد القدرة على معرفة الطريق للنهضة.
رؤى وأسس
وهنا يمكن وصف المشروع الحضاري الإسلامي، بأنه الرؤى التي تحمل مشروعا للإصلاح والنهوض الحضاري الشامل، والقائم على مرجعية الحضارة الإسلامية. وهذا المشروع موجه أساسا للأمة الإسلامية، حتى تتبناه وتبني من خلاله نهضتها.
فالمخاطب بفعل النهوض هو الأمة، التي عليها أن تفرض مشروعها على الحاكم، أو تعمل على تغييره حتى يأتي من يحمل مشروعها. ولكن حتى تتحرك الأمة لتبني نهضتها، عليها أولا أن تعرف طريقها وتدرك مشروعها، وتعرف الأسس التي تقوم عليها حضارتها، وتحدد القيم المركزية والغايات النهائية والأسس المنهجية الرئيسة، التي تقوم عليها المرجعية الإسلامية.
وإذا كان وعي الأمة بأسس المشروع الإسلامي ضرورة حتى تحمل هذا المشروع، فإن تغيب وعي الأمة بتلك الأسس وتشويه وعيها بها، وفقدان الإجماع حول تلك الأسس، يمثل الحل المثالي لخصوم المشروع الإسلامي، حتى تتم عرقلة المشروع وتشويه فكرته، وضمان عدم قدرة الأمة على التوافق حول أسس مشروعها الحضاري.
وهو ما يفسر المواجهة المستمرة مع المشروع الإسلامي في بعض القضايا الأساسية، من قبل خصومه. فإذا كان حامل المشروع يعرف خصائصه، فخصمه أيضا يعرف تلك الخصائص، ويعرف نقاط قوة المشروع الإسلامي، ويهاجم تلك النقاط، ويحاول إظهار عدم مناسبتها، أو عدم إمكانية تحقيقها.
وفي كل مشروع تتشكل عدة أسس تمثل المقومات الأساسية له، وهي نفس الأسس التي تشكل قدرة المشروع على جذب الناس من حوله. لذا تصبح تلك النقاط هي العناوين الأساسية والشعارات المركزية، وكلما تم تشويه تلك النقاط أو إثارة اللغط حولها، فقد من يحمل المشروع القدرة على الترويج لشعاراته.
فأي مشروع يمثل منظومة من القيم والمبادئ والأفكار، وتكون له عناوينه الأساسية وشعاراته الجاذبة، فإذا منع حامل المشروع من رفع تلك العناوين والشعارات، فقد قدرته على جذب الجماهير له. وإذا تم تشويه بعض الأفكار المركزية، وبث عناوين وشعارات مضادة، يمكن التشويش حول المشروع.
وتلك العملية لا تحدث من الخصوم فقط، فالاتجاهات المختلفة داخل المشروع الإسلامي، وعندما تحاول الانتصار لفكرتها، تثير بعض الغموض والالتباس حول بعض الشعارات والعناوين، مما يؤثر سلبا على جماهير المشروع. ولأن كل تيار أو اتجاه يحاول حسم معاركه أحيانا مع التيارات الأخرى، لذا يتم تشويه الكثير من المعاني والمصطلحات في تلك المعارك، رغم أن المصطلح الواضح والمعنى المحدد، هو وسيلة أصحاب المشروع لنشره بين الناس.
والناس تعرف المشروع من أسسه فقط، فليس كل فرد يهتم بدراسة كل مشروع، ولكن نشر القيم المركزية للمشروع، ثم حشد التأييد الشعبي لها، وتشكل وعي عام بأهمية تلك القيم المركزية، أو الغايات المركزية، هو الذي يشكل ملامح التيار، ويحشد الناس، ويحدد لهم وجهة واحدة، ومن ثم تصبح حركتهم في اتجاه واحد، فيبدأ نشر المشروع وتحقيقه بقدر ما يحوز على تأييد الأغلبية. وهو ما يجعل عملية حصار شعارات المشروع، من أهم الوسائل لضرب قدرته على جذب الجماهير، لأنه بهذا يفقد قدرته على الحشد، بعد أن يضطر إلى ترك بعض شعاراته، أو بعد أن يحاط بعضها بالغموض أو الالتباس أو التشويه.
معركة الأفكار
وتعد معركة ضرب الشعارات الإسلامية، أو حصار غايات المشروع الإسلامي، من أهم المعارك التي يتعرض لها المشروع الإسلامي، وتعرقل من قدرته على طرح نفسه بوصفه البديل الذي قد يحوز على الأغلبية. كما أن معركة ضرب الشعارات، تعرقل قدرة الحركات التي تحمل المشروع الإسلامي على توضيح فكرتها بين الناس، فإذا غابت فكرتها نسبيا أو تشوهت، لم تستطع تلك الحركات حشد تأييد الأغلبية لمشروعها، وبالتالي تتم عرقلة تنفيذ المشروع على الأرض.
والحرب على شعارات المشروع الإسلامي وغاياته، لا تقف عند محاولة تشويه الفكرة، ولكن تتجاوز ذلك لمحاولة اختراق الفكرة وتغييرها من داخلها، من خلال فرض شروط وأفكار من خارجها، بحيث يعاد صياغة الفكرة والمشروع الإسلامي، بصورة أقل وضوحا أو أقل تحديدا أو أقل استكمالا أو أقل جاذبية، مما يجعل المشروع يفقد أرضا يمكن أن يتوسع فيها.
ومعركة الأفكار عموما، تستمر وتتواصل، فهي ليست معارك حاسمة، ولكنها أيضا معارك مؤثرة. فهي معركة تحاول منع الفكرة من المنبع، بمنع وصول الفكرة إلى الناس، حتى إذا اجتمع الناس حول المشروع تكون ثقتهم في الفكرة ضعيفة. وأيضا حتى يختلف الذين يحملون المشروع مع بعضهم، وبهذا يتم تصدير جزء من المواجهة والخصومة إلى داخل المشروع الإسلامي، وهو ما يساهم في إضعاف كل الأطراف، لصالح خصوم المشروع الإسلامي.
ولا تقف المشكلة عند هذا الحد، فالجدل إذا وصل لصلب المشروع الإسلامي، يؤدي إلى ردود فعل مختلفة، ومنها ردود الفعل المتشددة، وتلك المرنة. وردود الفعل المتشددة تحاول حماية الفكرة والمشروع من أي دخيل عليها، حتى وإن عرقل ذلك إمكانية تجديد الفكرة. والردود المرنة، تحاول تأكيد مرونة الفكرة، حتى وإذا فقدت بعض خصائصها ولو مؤقتا، مما يجعل المطروح حول المشروع الإسلامي يتباين لحد يفتح باب الخلاف الداخلي، ويتحول بعض الخلاف إلى تنافس أو مواجهة أو صراع.
وليست المشكلة في علاقة الحركات الإسلامية ببعض، ولكن المشكلة في أن الكثير من الخلاف، يؤدي إلى اختلاف حول أسس المشروع، فيفقد المشروع عناوينه الأساسية المتفق عليها، والتي يمكن أن تشكل تيارا سائدا.
وهنا نصل إلى النقطة المركزية في عرقلة المشروع الإسلامي، فهي تتحقق عندما يتعرقل بناء التيار السائد الذي يحمل هذا المشروع ويحققه على أرض الواقع، وبقدر ما يحدث من خلاف واختلاف، بقدر ما تصاب الفكرة ببعض الغموض أو الالتباس، مما يجعلها تحمل العديد من المعاني المختلفة، فيصبح الاتفاق حولها أضعف، ويتم عرقلة تشكل التيار السائد الذي يحمل المشروع ويحققه.
الاخوة الكرام
لفت نظري هذا الموضوع والمنشور في موقع اسلام ان لاين للدكتور رفيق حبيب
المشروع الإسلامي.. حرب الشعارات (1)
المشروع الإسلامي..حصار الغايات وضرب الشعارات
د. رفيق حبيب
تحت عنوان المشروع الإسلامي، تقف رؤية ترى أن نهضة الأمة الإسلامية لن تتحقق إلا من خلال المرجعية الإسلامية، والتي تمثل الهوية الحضارية والدينية للأمة. وتلك الرؤية تتوافق مع قواعد التاريخ الحضاري، والتي تكشف أن كل الشعوب والأمم نهضت من خلال خصوصيتها الحضارية، وليس من خلال تقليد الحضارات المغايرة لها.
لكن النهوض الإسلامي بهذا المعنى، يمثل مشروعا لتقديم نموذج حضاري آخر، منافس ومغاير للنموذج الحضاري الغربي المهيمن. وفي كل مراحل التاريخ، تكون لحظة محاولة صعود أمة أو شعب لتحقيق نهضة حضارية، في ظل سيادة حضارة مغايرة، هي لحظة مفصلية، تحدث تغييرات واسعة في التاريخ الإنساني، وليست مجرد لحظة تحولات سياسية.
والدول الغربية من ناحيتها تحاول نشر نموذجها الحضاري وضمان هيمنته على العالم، على أساس أن هذا يحمي موضعها وموقعها، ويضمن لها قيادة العالم. والدول القائمة في البلاد العربية والإسلامية في أغلبها تنتمي للنموذج الحضاري الغربي، لذا فهي دول تابعة. وكل تفكير في النهوض الحضاري المستقل، يعني نهاية التبعية الحضارية للغرب، ومعها كل أشكال التبعية. كما ينهي عهد النخب الحاكمة المتحالفة مع الغرب، ويهدد الاحتلال الإسرائيلي بوصفه كيانا يقوم بحماية المصالح الغربية في المنطقة من خلال ردع الدول العربية والإسلامية.
وشعوب الأمة تعيش مرحلة التراجع الحضاري، لذا فهي لم تصل بعد لمرحلة الإيمان الكامل بقدرتها على النهوض، ورغم أن هويتها لا تغيب عنها، إلا إن إرادة التغيير والنهوض لم تتحقق بعد لدى أغلبية الأمة الإسلامية، بالصورة التي تجعلها تتحرك حركة جماعية منظمة نحو إحداث النهوض. ومع حالة التراجع الحضاري تفقد الأمة الكثير من ثقتها في نفسها، وتفقد القدرة على تحدي الصعاب، وأيضا تفقد القدرة على معرفة الطريق للنهضة.
رؤى وأسس
وهنا يمكن وصف المشروع الحضاري الإسلامي، بأنه الرؤى التي تحمل مشروعا للإصلاح والنهوض الحضاري الشامل، والقائم على مرجعية الحضارة الإسلامية. وهذا المشروع موجه أساسا للأمة الإسلامية، حتى تتبناه وتبني من خلاله نهضتها.
فالمخاطب بفعل النهوض هو الأمة، التي عليها أن تفرض مشروعها على الحاكم، أو تعمل على تغييره حتى يأتي من يحمل مشروعها. ولكن حتى تتحرك الأمة لتبني نهضتها، عليها أولا أن تعرف طريقها وتدرك مشروعها، وتعرف الأسس التي تقوم عليها حضارتها، وتحدد القيم المركزية والغايات النهائية والأسس المنهجية الرئيسة، التي تقوم عليها المرجعية الإسلامية.
وإذا كان وعي الأمة بأسس المشروع الإسلامي ضرورة حتى تحمل هذا المشروع، فإن تغيب وعي الأمة بتلك الأسس وتشويه وعيها بها، وفقدان الإجماع حول تلك الأسس، يمثل الحل المثالي لخصوم المشروع الإسلامي، حتى تتم عرقلة المشروع وتشويه فكرته، وضمان عدم قدرة الأمة على التوافق حول أسس مشروعها الحضاري.
وهو ما يفسر المواجهة المستمرة مع المشروع الإسلامي في بعض القضايا الأساسية، من قبل خصومه. فإذا كان حامل المشروع يعرف خصائصه، فخصمه أيضا يعرف تلك الخصائص، ويعرف نقاط قوة المشروع الإسلامي، ويهاجم تلك النقاط، ويحاول إظهار عدم مناسبتها، أو عدم إمكانية تحقيقها.
وفي كل مشروع تتشكل عدة أسس تمثل المقومات الأساسية له، وهي نفس الأسس التي تشكل قدرة المشروع على جذب الناس من حوله. لذا تصبح تلك النقاط هي العناوين الأساسية والشعارات المركزية، وكلما تم تشويه تلك النقاط أو إثارة اللغط حولها، فقد من يحمل المشروع القدرة على الترويج لشعاراته.
فأي مشروع يمثل منظومة من القيم والمبادئ والأفكار، وتكون له عناوينه الأساسية وشعاراته الجاذبة، فإذا منع حامل المشروع من رفع تلك العناوين والشعارات، فقد قدرته على جذب الجماهير له. وإذا تم تشويه بعض الأفكار المركزية، وبث عناوين وشعارات مضادة، يمكن التشويش حول المشروع.
وتلك العملية لا تحدث من الخصوم فقط، فالاتجاهات المختلفة داخل المشروع الإسلامي، وعندما تحاول الانتصار لفكرتها، تثير بعض الغموض والالتباس حول بعض الشعارات والعناوين، مما يؤثر سلبا على جماهير المشروع. ولأن كل تيار أو اتجاه يحاول حسم معاركه أحيانا مع التيارات الأخرى، لذا يتم تشويه الكثير من المعاني والمصطلحات في تلك المعارك، رغم أن المصطلح الواضح والمعنى المحدد، هو وسيلة أصحاب المشروع لنشره بين الناس.
والناس تعرف المشروع من أسسه فقط، فليس كل فرد يهتم بدراسة كل مشروع، ولكن نشر القيم المركزية للمشروع، ثم حشد التأييد الشعبي لها، وتشكل وعي عام بأهمية تلك القيم المركزية، أو الغايات المركزية، هو الذي يشكل ملامح التيار، ويحشد الناس، ويحدد لهم وجهة واحدة، ومن ثم تصبح حركتهم في اتجاه واحد، فيبدأ نشر المشروع وتحقيقه بقدر ما يحوز على تأييد الأغلبية. وهو ما يجعل عملية حصار شعارات المشروع، من أهم الوسائل لضرب قدرته على جذب الجماهير، لأنه بهذا يفقد قدرته على الحشد، بعد أن يضطر إلى ترك بعض شعاراته، أو بعد أن يحاط بعضها بالغموض أو الالتباس أو التشويه.
معركة الأفكار
وتعد معركة ضرب الشعارات الإسلامية، أو حصار غايات المشروع الإسلامي، من أهم المعارك التي يتعرض لها المشروع الإسلامي، وتعرقل من قدرته على طرح نفسه بوصفه البديل الذي قد يحوز على الأغلبية. كما أن معركة ضرب الشعارات، تعرقل قدرة الحركات التي تحمل المشروع الإسلامي على توضيح فكرتها بين الناس، فإذا غابت فكرتها نسبيا أو تشوهت، لم تستطع تلك الحركات حشد تأييد الأغلبية لمشروعها، وبالتالي تتم عرقلة تنفيذ المشروع على الأرض.
والحرب على شعارات المشروع الإسلامي وغاياته، لا تقف عند محاولة تشويه الفكرة، ولكن تتجاوز ذلك لمحاولة اختراق الفكرة وتغييرها من داخلها، من خلال فرض شروط وأفكار من خارجها، بحيث يعاد صياغة الفكرة والمشروع الإسلامي، بصورة أقل وضوحا أو أقل تحديدا أو أقل استكمالا أو أقل جاذبية، مما يجعل المشروع يفقد أرضا يمكن أن يتوسع فيها.
ومعركة الأفكار عموما، تستمر وتتواصل، فهي ليست معارك حاسمة، ولكنها أيضا معارك مؤثرة. فهي معركة تحاول منع الفكرة من المنبع، بمنع وصول الفكرة إلى الناس، حتى إذا اجتمع الناس حول المشروع تكون ثقتهم في الفكرة ضعيفة. وأيضا حتى يختلف الذين يحملون المشروع مع بعضهم، وبهذا يتم تصدير جزء من المواجهة والخصومة إلى داخل المشروع الإسلامي، وهو ما يساهم في إضعاف كل الأطراف، لصالح خصوم المشروع الإسلامي.
ولا تقف المشكلة عند هذا الحد، فالجدل إذا وصل لصلب المشروع الإسلامي، يؤدي إلى ردود فعل مختلفة، ومنها ردود الفعل المتشددة، وتلك المرنة. وردود الفعل المتشددة تحاول حماية الفكرة والمشروع من أي دخيل عليها، حتى وإن عرقل ذلك إمكانية تجديد الفكرة. والردود المرنة، تحاول تأكيد مرونة الفكرة، حتى وإذا فقدت بعض خصائصها ولو مؤقتا، مما يجعل المطروح حول المشروع الإسلامي يتباين لحد يفتح باب الخلاف الداخلي، ويتحول بعض الخلاف إلى تنافس أو مواجهة أو صراع.
وليست المشكلة في علاقة الحركات الإسلامية ببعض، ولكن المشكلة في أن الكثير من الخلاف، يؤدي إلى اختلاف حول أسس المشروع، فيفقد المشروع عناوينه الأساسية المتفق عليها، والتي يمكن أن تشكل تيارا سائدا.
وهنا نصل إلى النقطة المركزية في عرقلة المشروع الإسلامي، فهي تتحقق عندما يتعرقل بناء التيار السائد الذي يحمل هذا المشروع ويحققه على أرض الواقع، وبقدر ما يحدث من خلاف واختلاف، بقدر ما تصاب الفكرة ببعض الغموض أو الالتباس، مما يجعلها تحمل العديد من المعاني المختلفة، فيصبح الاتفاق حولها أضعف، ويتم عرقلة تشكل التيار السائد الذي يحمل المشروع ويحققه.