ابو العبد
10-02-2011, 10:30 PM
سيأتي دور معمّر القذّافي
10 شباط 2011 عميت كوهين - "معاريف" الاسرائيلية
عُرضت صورة معمر القذافي المشهورة، معتمرا قبعة ضباط، وهي ممزقة مزقا، ومحروقة سوداء. عن يمين القذافي صورة مشابهة، ممزقة محروقة هي ايضا لزين العابدين بن علي، رئيس تونس المخلوع. والى اليسار حسني مبارك رئيس مصر الذي يحارب للبقاء حتى اليوم اسبوعا آخر في الحكم وصورته ممزقة محروقة. كُتب فوق القادة الثلاثة باللون الاحمر: خلاص مش بعيد. الرسالة واضحة: إن مصر وليبيا وتونس تقف معا في النضال لتغيير نظم الحكم.
إن الصورة الجمعية لزعماء العرب المهشمين حيلة حاسوب، تُستعمل غلافا لقرص جديد سري يوزع في هذه الايام عن طريق الفيس بوك. انشأ هذا القرص فنانو هب - هوب من مصر وتونس وليبيا، ويشتمل على منتقيات من أناشيد احتجاج عن الأحداث التي تجري الآن في العالم العربي. يأمل مُنشد الراب الليبي المسمى ابن ثابت أن يحين دور حاكم ليبيا بعد مبارك وابن علي. إن كلمات أنشودة "سؤال" عنيفة مليئة بالغضب، تعد بحرب حقيقية لنظام القذافي. "يا معمر، لن تستطيع الهرب"، يُنشد ابن ثابت. "الانتقام سيأتي وسنحرقك".
إن اسقاط نظام الحكم في تونس وضعضعة كرسي مبارك أثارا موجة آمال بين المعارضين والشبان الليبيين ايضا. وبعد تونس التي تحاذي ليبيا من الشمال الغربي، ومصر المجاورة من الشرق، نشأ شعور بأن ليبيا قد تكون حجر الدومينو التالي الذي سيسقط. وقد حُدد الأجل المسمى وهو يوم الخميس القادم، 17 شباط، حيث ينوي المعارضون الليبيون الخروج للتظاهر على النظام. ليس هذا التاريخ عرضيا، فهو الذكرى السنوية الرابعة للصدام بين المتظاهرين وبين السلطات في مدينة بنغازي، والتي قُتل في اثنائها 11 متظاهرا.
منذ بداية الاسبوع، شُحنت صفحة الفيس بوك لمنظمي الاحتجاج في ليبيا. "الى جميع اخوتنا الليبيين الأعزاء"، كتب أحد الزوار. "إنضموا الينا لنغير ليبيا. سنُطهرها من الاستبداد والظلم، ومرتزقة القذافي. حرروا أنفسكم". ونشر معارضو القذافي صورا وأفلاما صغيرة ورسوما كاريكاتورية للقذافي وأبنائه لاثبات فسادهم.
ومن الجهة الثانية، هب مؤيدو القذافي سريعا، الذين وعدوا بالتشدد في معاملة كل من يحاول المس باستقرار نظام الحكم. "يا قذافي، نحن سيف في يدك"، كتب أحد المؤيدين في صفحة فيس بوك المعارضين. أما آخر فحذر من أنه اذا سقط نظام الحكم فستُدمر ليبيا. "اذا لم يوجد معمر القذافي فستنحل ليبيا الى اربعة أجزاء وتصبح العراق رقم 2"، كتب.
"لسنا ملائكة"
معمر القذافي في سن التاسعة والستين، هو أقدم زعيم في العالم يرأس دولة. في سنة 1969 رأس القذافي الذي كان آنذاك ضابطا برتبة عقيد، ثورة ضباط على الملك ادريس. وأعلن بأن ليبيا هي "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"، وأصبح هو "قائد الثورة". ومنذ ذلك الحين قاد القذافي نظاما حديديا، يقوم على قمع أساسي ومنهجي لكل عناصر المعارضة. لهذا، برغم سرعة انهيار مصر وتونس، من المهم أن نتذكر أن الوضع في ليبيا مختلف.
في مطلع الاسبوع قرر القذافي أن يسبق الداء بالدواء. أبلغ موقع المعارضة الليبية "ليبيا اليوم"، الذي يعمل من لندن، أن القذافي أجرى لقاءات غير رسمية مع نشطاء سياسيين ورجال اعلام وحذرهم من أن كل من يتعاون مع يوم غضب السابع عشر من شباط سيعاقب. وقال القذافي إن العقوبة ستوجه الى قبيلة اولئك الذين يخرجون للتظاهر. قال ناس حضروا اللقاءات إن القذافي عبّر عن غضب وخوف في أعقاب الأحداث في مصر، بل وجه انتقادا الى شبكة "الجزيرة" والى قطر. وبعد ساعات معدودة من النشر اخترق قراصنة حاسوب يبدو انهم من مؤيدي القذافي، موقع "ليبيا اليوم" وأسقطوه.
إن ليبيا بخلاف مصر، التي رأت الولايات المتحدة صديقة تاريخية وحليفة استراتيجية، بيّنت أنها لن تحتمل تدخلا اميركيا ولو كان طفيفا في ظاهر الامر في شؤونها الداخلية. ومن اجل ذلك كانت ليبيا مستعدة لامتحان علاقاتها الهشة بواشنطن، التي لم تُجدد إلا بعد أن وافق القذافي على التخلي عن برنامجه الذري.
حدثت نقطة الامتحان في كانون الثاني 2009، في أعقاب الافراج عن المعارض ادريس بو فياض، بعد مدة سجن استمرت عشرين شهرا. إن بو فياض الذي عاد الى ليبيا بعد سنين في الجلاء، خطط لمظاهرة احتجاج غير عنيفة، لكنه اعتُقل فورا مع كثير من أنصاره. وتم اتهامه بالتآمر لاسقاط النظام والاتصال بجهة اجنبية، يبدو انه دبلوماسي اميركي وحُكم عليه بخمس وعشرين سنة في السجن.
تم الافراج عن المعارض الليبي كما قلنا آنفا في غضون أقل من سنتين، بعد أن تدهور وضعه الصحي عقب سرطان الرئة الذي عاناه. بعد زمن قصير من ذلك أُجري لقاء صحفي مع جين كيرتس، السفير الاميركي في طرابلس، مع وكالة "رويترز" ودعا الى الافراج عن "سائر السجناء السياسيين"، من اعضاء مجموعة معارضة بو فياض. أثار كلام كيرتس غضبا عظيما في قصر القذافي كما كشفت عن ذلك احدى وثائق "ويكيليكس". وفي رد على المقابلة الصحفية، التقى محمد مطري، رئيس قسم اميركا في وزارة الخارجية الليبية، مع دبلوماسيين اميركيين في حديث توبيخ شديد. أوضح مطري أن ليبيا لن تُسلم لحقيقة أن تثير الولايات المتحدة "موضوعات حساسة" كحقوق الانسان لنقاش علني. وقال انه يجوز بحث هذه الامور لكن في أحاديث مغلقة. وذكر مطري انه اذا استمرت الولايات المتحدة في هذا النهج فان ذلك سيُعرض العلاقات بين الدولتين للخطر. وأضاف ان "توجه الولايات المتحدة الى حقوق الانسان والتحول الديمقراطي ساذج".
كذلك اجتهد المسؤول الليبي الكبير في أن يوضح لواشنطن ان سلوكها ذو وجهين وخطر. "لا يوجد في ليبيا سجناء سياسيون"، زعم مطري. "الحديث عن متطرفين وارهابيين، حاولوا استعمال الدين والعنف لاحراز قوة سياسية. اذا تولوا الحكم فسيجعلون ليبيا دولة اسلامية أصولية". وقد ذكر المعتقلين في غوانتانامو وسأل هل هم سجناء سياسيون ايضا. واعترف الليبي قائلا: "لسنا ملائكة ولا أنتم ايضا".
"انه الاقتصاد أيها الغبي"
زيادة على معاملة ليبيا لمحاولات الاحتجاج، لا يقترب تناول الانترنت في الدولة مما في جارتيها مصر وتونس. فمن سكان يبلغون نحوا من 6.5 مليون نسمة، رُبط أقل من 400 ألف شخص بالانترنت باتصال بطيء ايضا. واستعمال التويتر مثلا لا يقترب من مقدار النشاط الذي كان في مصر في الايام التي سبقت نشوب المظاهرات. تزعم ليبيا أنها لا تغلق ولا تصفي المواقع، لكن لا شك أن القذافي يستطيع فعل هذا كما تم الامر في مصر بالضبط اذا اقتضى الامر.
في شهر كانون الثاني 2010 خطبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خطبة عن حرية التعبير في الانترنت. ونظمت السفارة الاميركية في طرابلس "حفل مشاهدة" لاربعين ضيفا ليبيا - من الصحفيين والاكاديميين ورجال الاعمال - دُعوا الى فندق محلي لمشاهدة الخطبة ببث حي. لم تُبث الخطبة، في القنوات الليبية بطبيعة الامر، لكنها بُثت للمشاركين بالانترنت. وبسبب بطء الانترنت الليبي، قُطع البث مرة بعد اخرى الى ان انقطع تماما. ارتجل الدبلوماسيون الاميركيون سريعا وجعلوا الخطبة المقطوعة نقاشا متعدد المشاركين، أُثيرت في اثنائه مواضيع تعتبر محظورة في ليبيا، كالتدخل الحكومي في الرقابة على الانترنت، وحرية التعبير وتأثير الشبكة في المستقبل في الثقافة الليبية. وفي حين امتدح فريق من الضيوف المبادرة وقالوا انهم لا يذكرون نقاشا مفتوحا كهذا في ليبيا، دافع بعض الآخرين عن سياسة القذافي "التي تحمي قيم الاخلاق والاسلام" في ليبيا. مع ذلك لم يتجرأ أحد منهم على نشر مضمون الخطبة في وسائل الاعلام المحلية.
برغم القمع السياسي، فان التقدير في الغرب أن الليبي من الاوساط معني قبل كل شيء بتحسين نوعية حياته. فمع أرباح ليبيا العظيمة، يعيش نحو من ثلث سكان الدولة تحت خط الفقر. وإن نحوا من 60 في المائة من القوة العاملة الليبية تعمل في القطاع العام بأجور لم تتغير منذ عشرات السنين. إن تقرير الفساد الدولي لسنة 2010 يضع ليبيا في المكان الـ 146 من بين 178 دولة. فساد الحكم سائد جدا حتى إن كثيرا من الليبيين يرون ذلك جزءا لا ينفصل عن النهج.
في بداية 2009 صاغت السفارة الاميركية في طرابلس وثيقة عنوانها: "انه الاقتصاد أيها الغبي". وقدّر الدبلوماسيون الاميركيون أن مواطني ليبيا سيظلون هادئين من ناحية سياسية ما ظل الوضع الاقتصادي مقبولا. وتقتبس السفارة من مصدر ليبي مجهول، يزعم ان الليبيين غير معنيين الآن بتغيير الوضع السياسي. "لا تعطونا حرية تعبير أو احزابا أو دستورا أو انتخابات"، زعم، "أعطونا القدرة على كسب المال وانفاقه بحرية". سيتضح في الاسبوع القادم هل تغير هذا التوجه مع التغييرات في مصر وتونس.
10 شباط 2011 عميت كوهين - "معاريف" الاسرائيلية
عُرضت صورة معمر القذافي المشهورة، معتمرا قبعة ضباط، وهي ممزقة مزقا، ومحروقة سوداء. عن يمين القذافي صورة مشابهة، ممزقة محروقة هي ايضا لزين العابدين بن علي، رئيس تونس المخلوع. والى اليسار حسني مبارك رئيس مصر الذي يحارب للبقاء حتى اليوم اسبوعا آخر في الحكم وصورته ممزقة محروقة. كُتب فوق القادة الثلاثة باللون الاحمر: خلاص مش بعيد. الرسالة واضحة: إن مصر وليبيا وتونس تقف معا في النضال لتغيير نظم الحكم.
إن الصورة الجمعية لزعماء العرب المهشمين حيلة حاسوب، تُستعمل غلافا لقرص جديد سري يوزع في هذه الايام عن طريق الفيس بوك. انشأ هذا القرص فنانو هب - هوب من مصر وتونس وليبيا، ويشتمل على منتقيات من أناشيد احتجاج عن الأحداث التي تجري الآن في العالم العربي. يأمل مُنشد الراب الليبي المسمى ابن ثابت أن يحين دور حاكم ليبيا بعد مبارك وابن علي. إن كلمات أنشودة "سؤال" عنيفة مليئة بالغضب، تعد بحرب حقيقية لنظام القذافي. "يا معمر، لن تستطيع الهرب"، يُنشد ابن ثابت. "الانتقام سيأتي وسنحرقك".
إن اسقاط نظام الحكم في تونس وضعضعة كرسي مبارك أثارا موجة آمال بين المعارضين والشبان الليبيين ايضا. وبعد تونس التي تحاذي ليبيا من الشمال الغربي، ومصر المجاورة من الشرق، نشأ شعور بأن ليبيا قد تكون حجر الدومينو التالي الذي سيسقط. وقد حُدد الأجل المسمى وهو يوم الخميس القادم، 17 شباط، حيث ينوي المعارضون الليبيون الخروج للتظاهر على النظام. ليس هذا التاريخ عرضيا، فهو الذكرى السنوية الرابعة للصدام بين المتظاهرين وبين السلطات في مدينة بنغازي، والتي قُتل في اثنائها 11 متظاهرا.
منذ بداية الاسبوع، شُحنت صفحة الفيس بوك لمنظمي الاحتجاج في ليبيا. "الى جميع اخوتنا الليبيين الأعزاء"، كتب أحد الزوار. "إنضموا الينا لنغير ليبيا. سنُطهرها من الاستبداد والظلم، ومرتزقة القذافي. حرروا أنفسكم". ونشر معارضو القذافي صورا وأفلاما صغيرة ورسوما كاريكاتورية للقذافي وأبنائه لاثبات فسادهم.
ومن الجهة الثانية، هب مؤيدو القذافي سريعا، الذين وعدوا بالتشدد في معاملة كل من يحاول المس باستقرار نظام الحكم. "يا قذافي، نحن سيف في يدك"، كتب أحد المؤيدين في صفحة فيس بوك المعارضين. أما آخر فحذر من أنه اذا سقط نظام الحكم فستُدمر ليبيا. "اذا لم يوجد معمر القذافي فستنحل ليبيا الى اربعة أجزاء وتصبح العراق رقم 2"، كتب.
"لسنا ملائكة"
معمر القذافي في سن التاسعة والستين، هو أقدم زعيم في العالم يرأس دولة. في سنة 1969 رأس القذافي الذي كان آنذاك ضابطا برتبة عقيد، ثورة ضباط على الملك ادريس. وأعلن بأن ليبيا هي "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"، وأصبح هو "قائد الثورة". ومنذ ذلك الحين قاد القذافي نظاما حديديا، يقوم على قمع أساسي ومنهجي لكل عناصر المعارضة. لهذا، برغم سرعة انهيار مصر وتونس، من المهم أن نتذكر أن الوضع في ليبيا مختلف.
في مطلع الاسبوع قرر القذافي أن يسبق الداء بالدواء. أبلغ موقع المعارضة الليبية "ليبيا اليوم"، الذي يعمل من لندن، أن القذافي أجرى لقاءات غير رسمية مع نشطاء سياسيين ورجال اعلام وحذرهم من أن كل من يتعاون مع يوم غضب السابع عشر من شباط سيعاقب. وقال القذافي إن العقوبة ستوجه الى قبيلة اولئك الذين يخرجون للتظاهر. قال ناس حضروا اللقاءات إن القذافي عبّر عن غضب وخوف في أعقاب الأحداث في مصر، بل وجه انتقادا الى شبكة "الجزيرة" والى قطر. وبعد ساعات معدودة من النشر اخترق قراصنة حاسوب يبدو انهم من مؤيدي القذافي، موقع "ليبيا اليوم" وأسقطوه.
إن ليبيا بخلاف مصر، التي رأت الولايات المتحدة صديقة تاريخية وحليفة استراتيجية، بيّنت أنها لن تحتمل تدخلا اميركيا ولو كان طفيفا في ظاهر الامر في شؤونها الداخلية. ومن اجل ذلك كانت ليبيا مستعدة لامتحان علاقاتها الهشة بواشنطن، التي لم تُجدد إلا بعد أن وافق القذافي على التخلي عن برنامجه الذري.
حدثت نقطة الامتحان في كانون الثاني 2009، في أعقاب الافراج عن المعارض ادريس بو فياض، بعد مدة سجن استمرت عشرين شهرا. إن بو فياض الذي عاد الى ليبيا بعد سنين في الجلاء، خطط لمظاهرة احتجاج غير عنيفة، لكنه اعتُقل فورا مع كثير من أنصاره. وتم اتهامه بالتآمر لاسقاط النظام والاتصال بجهة اجنبية، يبدو انه دبلوماسي اميركي وحُكم عليه بخمس وعشرين سنة في السجن.
تم الافراج عن المعارض الليبي كما قلنا آنفا في غضون أقل من سنتين، بعد أن تدهور وضعه الصحي عقب سرطان الرئة الذي عاناه. بعد زمن قصير من ذلك أُجري لقاء صحفي مع جين كيرتس، السفير الاميركي في طرابلس، مع وكالة "رويترز" ودعا الى الافراج عن "سائر السجناء السياسيين"، من اعضاء مجموعة معارضة بو فياض. أثار كلام كيرتس غضبا عظيما في قصر القذافي كما كشفت عن ذلك احدى وثائق "ويكيليكس". وفي رد على المقابلة الصحفية، التقى محمد مطري، رئيس قسم اميركا في وزارة الخارجية الليبية، مع دبلوماسيين اميركيين في حديث توبيخ شديد. أوضح مطري أن ليبيا لن تُسلم لحقيقة أن تثير الولايات المتحدة "موضوعات حساسة" كحقوق الانسان لنقاش علني. وقال انه يجوز بحث هذه الامور لكن في أحاديث مغلقة. وذكر مطري انه اذا استمرت الولايات المتحدة في هذا النهج فان ذلك سيُعرض العلاقات بين الدولتين للخطر. وأضاف ان "توجه الولايات المتحدة الى حقوق الانسان والتحول الديمقراطي ساذج".
كذلك اجتهد المسؤول الليبي الكبير في أن يوضح لواشنطن ان سلوكها ذو وجهين وخطر. "لا يوجد في ليبيا سجناء سياسيون"، زعم مطري. "الحديث عن متطرفين وارهابيين، حاولوا استعمال الدين والعنف لاحراز قوة سياسية. اذا تولوا الحكم فسيجعلون ليبيا دولة اسلامية أصولية". وقد ذكر المعتقلين في غوانتانامو وسأل هل هم سجناء سياسيون ايضا. واعترف الليبي قائلا: "لسنا ملائكة ولا أنتم ايضا".
"انه الاقتصاد أيها الغبي"
زيادة على معاملة ليبيا لمحاولات الاحتجاج، لا يقترب تناول الانترنت في الدولة مما في جارتيها مصر وتونس. فمن سكان يبلغون نحوا من 6.5 مليون نسمة، رُبط أقل من 400 ألف شخص بالانترنت باتصال بطيء ايضا. واستعمال التويتر مثلا لا يقترب من مقدار النشاط الذي كان في مصر في الايام التي سبقت نشوب المظاهرات. تزعم ليبيا أنها لا تغلق ولا تصفي المواقع، لكن لا شك أن القذافي يستطيع فعل هذا كما تم الامر في مصر بالضبط اذا اقتضى الامر.
في شهر كانون الثاني 2010 خطبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خطبة عن حرية التعبير في الانترنت. ونظمت السفارة الاميركية في طرابلس "حفل مشاهدة" لاربعين ضيفا ليبيا - من الصحفيين والاكاديميين ورجال الاعمال - دُعوا الى فندق محلي لمشاهدة الخطبة ببث حي. لم تُبث الخطبة، في القنوات الليبية بطبيعة الامر، لكنها بُثت للمشاركين بالانترنت. وبسبب بطء الانترنت الليبي، قُطع البث مرة بعد اخرى الى ان انقطع تماما. ارتجل الدبلوماسيون الاميركيون سريعا وجعلوا الخطبة المقطوعة نقاشا متعدد المشاركين، أُثيرت في اثنائه مواضيع تعتبر محظورة في ليبيا، كالتدخل الحكومي في الرقابة على الانترنت، وحرية التعبير وتأثير الشبكة في المستقبل في الثقافة الليبية. وفي حين امتدح فريق من الضيوف المبادرة وقالوا انهم لا يذكرون نقاشا مفتوحا كهذا في ليبيا، دافع بعض الآخرين عن سياسة القذافي "التي تحمي قيم الاخلاق والاسلام" في ليبيا. مع ذلك لم يتجرأ أحد منهم على نشر مضمون الخطبة في وسائل الاعلام المحلية.
برغم القمع السياسي، فان التقدير في الغرب أن الليبي من الاوساط معني قبل كل شيء بتحسين نوعية حياته. فمع أرباح ليبيا العظيمة، يعيش نحو من ثلث سكان الدولة تحت خط الفقر. وإن نحوا من 60 في المائة من القوة العاملة الليبية تعمل في القطاع العام بأجور لم تتغير منذ عشرات السنين. إن تقرير الفساد الدولي لسنة 2010 يضع ليبيا في المكان الـ 146 من بين 178 دولة. فساد الحكم سائد جدا حتى إن كثيرا من الليبيين يرون ذلك جزءا لا ينفصل عن النهج.
في بداية 2009 صاغت السفارة الاميركية في طرابلس وثيقة عنوانها: "انه الاقتصاد أيها الغبي". وقدّر الدبلوماسيون الاميركيون أن مواطني ليبيا سيظلون هادئين من ناحية سياسية ما ظل الوضع الاقتصادي مقبولا. وتقتبس السفارة من مصدر ليبي مجهول، يزعم ان الليبيين غير معنيين الآن بتغيير الوضع السياسي. "لا تعطونا حرية تعبير أو احزابا أو دستورا أو انتخابات"، زعم، "أعطونا القدرة على كسب المال وانفاقه بحرية". سيتضح في الاسبوع القادم هل تغير هذا التوجه مع التغييرات في مصر وتونس.